لدراسة هذا الموضوع وبعيداً عن تأثير اليهود في التاريخ وتحريفه لصالحهم، لابد من إعادة دراسة الموضوع من القرءان ذاته وترتيب النصوص مع بعضها وفق منطق اللسان العربي ومنطق القرءان لتتكامل الصورة، وهذه محاولة لإعادة ترتيب النصوص وفهمها من جديد حسب المحكم منها ورد المتشابه لها، مع الانتباه إلى أن حادث ضيوف إبراهيم هو واحد، والمرأة القائمة على خدمة الضيوف هي ذاتها في النصوص، والبشرى بالولد في النصين متعلقة بواحد.

البشرى للنبي إبراهيم بإسحاق، أَم بإسماعيل؟

نجد أن البشرى حصلت في وقت الأمر بهلاك قوم لوط، وذلك عندما أتت الملائكة إلى النبي إبراهيم كضيوف، وكان النبي إبراهيم رجلاً كبيراً في السن {وَنَبِّئْهُمْ عَن ضَيْفِ إِبْراَهِيمَ * إِذْ دَخَلُواْ عَلَيْهِ فَقَالُواْ سَلاماً قَالَ إِنَّا مِنكُمْ وَجِلُونَ * قَالُواْ لاَ تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ عَلِيمٍ * قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَن مَّسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ}الحجر 51- 54 وواضح من النص إن النبي إبراهيم ليس عنده ولد قبل هذه البشرى وخاصة أنه كبير في السن ويظن أنه تجاوز مرحلة اللقاح، وصفة هذا الولد أنه عليم. ونتابع النصوص القرءانية لنعلم من هو الولد صاحب البشرى. {وَلَقَدْ جَاءتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُـشْرَى قَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ فَمَا لَبِثَ أَن جَاء بِعِجْلٍ حَنِيذٍ * فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُواْ لاَ تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ * وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِن وَرَاء إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ * قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ }هود69- 72 {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ *إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ *فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ *فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ *فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ* فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ }الذاريات 24-29 إذاً ؛النبي إبراهيم وصل إلى مرحلة الشيخوخة من عمره وهو لا يمارس الاتصال الجنسي مع امرأته، بدليل استخدام كلمة (بعلي) له بدل زوجي، وكلمة (امرأة) بدل زوجه، وهذا يدل على توقف العلاقة الجنسية بينهما، فهو شيخ طاعن في السن، وهي عجوز وعقيم، وليس عندهما أولاد، وأتى الملائكة بالبشرى، ولم يخبروا بها النبي إبراهيم بَعد بدليل أنه لم يعرفهم، وذهب لإعداد الطعام لهم، وامرأته قائمة على خدمة الضيوف وهذا لا يعني عدم مغادرة المكان لجلب شيء، لأن كلمة قائمة غير كلمة واقفة، وتمت البشرى للنبي إبراهيم بعد أن رجع إليهم، وسمعت امرأته البشرى وهي مقبلة إليهم بصَرَّة فقالت : عجوز عقيم ، وعندما استقر بها المقام توجه الملائكة إليها بالبشرى بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب، أي إن يعقوب ابن إسحاق وليس أخاه بدليل تكرار كلمة (إسحاق) ولم تأت كلمة (ورائه) بالضمير، ويتبع النص : فضحكت وقالت : { يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ وَهَـذَا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هَـذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ } ، فكيف لامرأة عجوز وعقيم تحمل وتلد ولداً إن هذا الأمر مضحكاً وعجيباً، وهذه بشرى الولادة للنبي إبراهيم وامرأته بالولد ذاته، ولم يُبشَّر النبي إبراهيم بولد غير الولد الذي بُشِّرت به امرأته، والمرأة القائمة على خدمة الضيوف هي ذاتها المرأة التي أقبلت بالصَّرة، ولا وجود لامرأة أخرى في الحدث قط.

والبشرى الثانية للنبي إبراهيم بإسحاق متعلقة بنبوته {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ }الصافات 102، وتابعت الآيات تفصيل الحدث وانتهت بالبشرى{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيّاً مِّنَ الصَّالِحِينَ}الصافات112، وذلك جزاء طاعة إسحاق لأبيه فأتت البشرى بنبوة إسحاق تكريماً لحلمه وصبره، ومن غير المنطق أن يكون الكلام على ولد وتأتي البشرى بولد آخر بأنه نبياً. وبهذا العرض القرءاني وصلنا إلى أن الولد صاحب البشرى هو إسحاق، وليس قبله أي ولد، ولا يوجد عند النبي إبراهيم غير أم إسحاق بدليل فهمها أنها المقصودة بالحمل والولادة، ولو كان يوجد غيرها لما صكت وجهها وقالت: إنها عجوز عقيم، عقب سماعها البشرى لبعلها، وبعد ذلك توجهت الملائكة بالبشرى لها.

مفهوم الهبة

الهبة تكون على صور منها:

  • هبة الولد مثل قوله تعالى : {وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْداً وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ !فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ }الأنبياء89 -90
  • هبة المساعدة والمؤازرة{وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً }مريم53
  • هبة الحكم{فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ} الشعراء21
  • هبة النفس { وَامْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ }الأحزاب50
  • هبة الملك {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }ص35
  • هبة الأهل {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ }ص43
  • هبة الرحمة {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ }آل عمران8
  • ولا يوجد قرينة في نص الهبة المتعلق بالنبي إبراهيم تحدد نوعية الهبة، ولابد من دراسة النصوص الأخرى لنعرف مضمون دعاء النبي إبراهيم ، وهذا نجده في نصوص أخرى أولها هو عندما أنجى الله النبي إبراهيم والنبي لوط إلى الأرض المباركة (مكة) وهبه إسحاق {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ }الأنبياء71- 72، ونصوص البشرى بالولد {قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} وتحديده بإسحاق فقط {وَامْرَأَتُهُ قَآئِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ} مع غياب النبي إسماعيل تماماً من نصوص البشرى وذكر الولد رغم أن الهبة كانت لكليهما معاً في زمن واحد وهو مرحلة كبر النبي إبراهيم ووصوله مرحلة الشيخوخة المتأخرة {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ} وهذا يدل على أن هبة إسحاق هي هبة ولد، وهبة النبي إسماعيل هي هبة نبي مساعد ومؤازر للنبي إبراهيم مثل هبة النبي هارون للنبي موسى، وذلك لمساعدة النبي إبراهيم في رفع قواعد البيت المحرم، وهذا يدل على أن النبي إسماعيل لم يكن غلاماً، وإنما كان رجلاً قوياً،وهو أكبر من إسحاق ضرورة للمهمة التي سوف يُكلف بها مع النبي إبراهيم. وذهب النبي إبراهيم وزوجته وابنه إسحاق إلى مكان البيت المحرم، وأسكن امرأته وابنه هناك بأمر من الله، وكان برفقته النبي إسماعيل بدليل الدعاء بصيغة الاثنين والطلب لإبراهيم فقط{رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ }إبراهيم37 وهذا يدل على صغر سن النبي إسحاق حينئذ، لذا؛ لم يساعد أباه في رفع قواعد البيت ولم يتم ذكره أبداً في هذه الأحداث العظيمة التي كان حاضراً فيها النبي إسماعيل كمساعد للنبي الشيخ إبراهيم، ويبدو أن النبي إبراهيم والنبي الشاب إسماعيل غادرا الوادي لقضاء مهمة أخرى بينما يحين وقت رفع قواعد البيت، وكلمة (من ذريتي) في النص هي بيانية حين الكلام وتبعيضية مستقبلاً لأن ليس كل ذرية النبي إبراهيم في المستقبل سوف تبقى في هذا المكان. {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ!رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ! رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ }البقرة 127-128 – 129
  • النبي إسماعيل أب لأبناء يعقوب من الناحية الثقافية وما يؤكد ما ذهبنا إليه من كون النبي إسماعيل ليس ابناً للنبي إبراهيم هو غياب ذكر النبي إسماعيل من قول النبي يوسف عندما ذكر آباءه {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِن قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }يوسف6 {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِـي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ }يوسف38 {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ }ص45 وذكره الله منفصلاً عن النبي إبراهيم وأبنائه في قوله : {وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِينَ }الأنعام86، وهذا إشارة إلى أن النبي إسماعيل من ذرية النبي نوح مثله مثل النبيين الذين ذكروا معه. أما النص الذي ذكر النبي إسماعيل كأب لأبناء يعقوب وهو{أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَـهَكَ وَإِلَـهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَـهاً وَاحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ }البقرة133، فهو لأن النبي إسماعيل من الآباء السلف الذين مضوا بالنسبة لأبناء يعقوب وهو معاصر للنبي إبراهيم، وذلك مثل قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلاَ يَهْتَدُونَ }البقرة170. جعل بعث النبيين في ذرية نوح أو إبراهيم وقد جعل الله بعث النبيين في الناس من ذرية النبي نوح أو ذرية النبي إبراهيم أو من كليهما معاً. {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }الحديد26 والنص دليل على وجود ذرية للنبي نوح مختلفة عن ذرية النبي إبراهيم وقد عاشا مع بعضهما وحصل تداخل بينهما. {إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ !ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } آل عمران33 -34

الولد الذبيح هو النبي إسحاق بعد أن ثبت لدينا أن النبي إسحاق هو الابن الوحيد لإبراهيم نصل لفهم النص القرءاني التالي: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ! فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ !فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ }الصافات 100 -102 فكما عرفنا قبل قليل أن الولد صاحب البشرى هو النبي إسحاق ولا يوجد غيره، وعندما بلغ سن السعي رأى أبوه مناماً أنه يذبحه وحصل ما حصل في القصة المعروفة في القرءان. والنبي إسحاق هو الغلام العليم والحليم. وهذا المنام ليس أمر من الله بذبح النبي إسحاق، فالأوامر الإلهية لا تأتي في المنامات، وإنما كان مناماً يقصد به شيء آخر، ولكن النبي إبراهيم أوله على ظاهره وخاصة بعد تكرار رؤيته له ، فأراد أن يذبح ابنه ظناً منه أنه ينفذ أمر الله، وجَسَّد المنام كما هو دون تأويل له، فنزل الأمر الإلهي بتوقيف هذا العمل وأعطاه فداء لمنامه وابنه، وأخبره أنه تم تصديق الرؤيا من خلال الخضوع لله وذبح الدنيا وزينتها وإخراجها من قلب النبي إبراهيم، وليس المقصود الصورة المادية للمنام ، وأن ذبح الولد في المنام رمز لذبح الدنيا وزيتنها، كما كانت البقرة السمينة في منام الملك بقصة النبي يوسف رمزاً للخير والخصب والأمطار.

رأي جماعة من الصحابة و المفسرين في أن الذبيح هو النبي إسحاق

1- جاء في تفسير الطبري: حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن سفيان، عن أبي سنان الشيباني، عن ابن أبي الهذيل، قال: الذبيح هو إسحاق.

2- جاء في تفسير ابن كثير تحت شرحه لقوله تعالى: فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) قال: وقد ذهب جماعة من أهل العلم إلى أن الذبيح هو إسحاق، وحكي ذلك عن طائفة من السلف، حتى نقل عن بعض الصحابة أيضاً.

3- وفي القرطبي جاء قال ابن عباس: بُشر بنبوته وذهب إلى أن البشارة كانت مرتين، فعلى هذا الذبيح هو إسحاق بُشر بنبوته جزاء. وجاء به أيضاً: تحت تفسير قوله: قوله تعالى: ” واذكر عبادنا إبراهيم واسحق ويعقوب ” وقد استدل بهذه الآية من قال: إن الذبيح إسحاق لا إسماعيل، وهو الصحيح على ما ذكرناه في كتاب ” الإعلام بمولد النبي عليه السلام “.

4- وفي البحر المحيط جاء : وذهبت جماعة إلى أن الذبيح هو إسحاق، منهم : العباس بن عبد المطلب، وابن مسعود، وعلي، وعطاء، وعكرمة، وكعب، وعبيد بن عمير، وابن عباس في رواية.

5- أخرج الحاكم في مستدركه على الصحيحين: حدثنا إسماعيل بن الفضل بن محمد الشعراني، ثنا جدي، ثنا سنيد بن داود، ثنا حجاج بن محمد، عن شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال : « الذبيح إسحاق » « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه » -حدثنا أبو بكر محمد بن المؤمل ثنا الفضل بن محمد الشعراني ثنا سنيد بن داود ثنا وكيع عن سفيان عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما : ـ { و بشرناه بإسحاق } قال : بشرى نبوة بُشر به مرتين حين ولد و حين نبئ. صحيح الإسناد و لم يخرجاه. تعليق الذهبي قي التلخيص : صحيح

6- وجاء في مسند البزار : حَدَّثَنَا مَعْمَرُ بْنُ سَهْلٍ الأَهْوَازِيُّ ، وَأَخْرَجَهُ إِلَيْنا مِنْ أَصْلِ كِتَابِهِ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، قَالَ : حَدَّثَنَا مُبَارَكٌ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنِ الأَحْنَفِ ، عَنِ الْعَبَّاسِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ : الذَّبِيحُ إِسْحَاقُ.

7- تفسير الآلوسي: وبما رواه ابن جرير عن أبي كريب عن زيد بن حباب عن الحسن بن دينار عن علي بن زيد بن جدعان عن الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ” الذبيح إسحاق ”

8- تفسير فتح القدير جاء به : وقد اختلف أهل العلم في الذبيح : هل هو إسحاق ، أو إسماعيل؟ قال القرطبي : فقال أكثرهم : الذبيح إسحاق ، وممن قال بذلك العباس بن عبد المطلب ، وابنه عبد الله ، وهو الصحيح عن عبد الله بن مسعود ، ورواه أيضاً عن جابر ، وعليّ بن أبي طالب ، وعبد الله بن عمر ، وعمر بن الخطاب ، قال : فهؤلاء سبعة من الصحابة . قال : ومن التابعين ، وغيرهم : علقمة ، والشعبي ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، وكعب الأحبار ، وقتادة ، ومسروق ، وعكرمة ، والقاسم بن أبي برزة ، وعطاء ، ومقاتل ، وعبد الرحمن بن سابط ، والزهري ، والسدّي ، وعبد الله بن أبي الهذيل ، ومالك بن أنس كلهم قالوا : الذبيح إسحاق . وجاء به أيضاً: وأخرج عبد الرزاق ، والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : الذبيح : إسحاق . وأخرج عبد بن حميد ، والبخاري في تاريخه ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح : إسحاق . وأخرج عبد بن حميد ، وابن المنذر ، والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق .  ِ

9- وجاء في الدر المنثور: وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق .

10- التسهيل لعلوم التنزيل لابن جزي جاء به: وذهب علي بن أبي طالب وابن مسعود وجماعة من التابعين إلى أن الذبيح إسحاق. {الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء }إبراهيم39