نقاش مع باحث قرءاني يدَّعي أن المسجد الأقصى في القرءان هو ذات المسجد الأقصى في فلسطين

 قال: هو في فلسطين المسجد المعروف.

 قلت: من بنى هذا المسجد في فلسطين؟

قال: بُني من زمن بعيد جداً قبل بعث النَّبيِّ محمَّد.

 قلت: ولكن التاريخ يقول غير ذلك، فعمر بن الخطاب عندما أتى للقدس وتسلَّم مفاتيحها لم يكن يوجد مسجد في القدس، وسكانها نصارى، وبنى عمر مصلَّى صغير معروف باسمه. وبقي هكذا إلى حكم بني أمية فبنوا مكانه مسجداً وسمي باسمهم مسجد بني أمية على غرار مسجد بني أمية في دمشق وحلب.

 وعندما احتل الفرنجة القدس هدموا جزءاً من المسجد وطمسوا زخرفته وجعلوا جزءاً منه اصطبل لخيلهم والآخر كنيسة.

 وعندما حرَّر صلاح الدين الأيوبي القدس أصلح الجزء المتعلِّق بالكنيسة وأزال الأيقونات النصرانية وأظهر الزخرفة الإسلامية والعمران وأرجعه مسجداً وأطلق عليه اسم الأقصى تيمُّناً باسم المسجد الأقصى في القرءان.

وعندما تأكد بنفسه من صواب تلك المعلومات تاريخياً.

قال: معنى ذلك المسجد الأقصى اسم للأرض ذاتها محل البناء، والإسراء كان للأرض قبل ظهور البناء عليها، وكلمة مسجد لا يشترط أن تكون متعلِّقة ببناء.

 قلت: نعم كلمة مسجد لا يشترط لها تعلقها ببناء، وهي متعلِّقة بمكان ضرورة، فهل ترى أن النَّبيَّ أُسري به إلى أرض فارغة وقيل له: هذا محل بناء المسجد الأقصى حُكماً، الذي سوف يبنى فيما بعد وفاتك بعشرات الأعوام، ونظر النَّبيُّ إلى الأرض الفارغة ورأى آيات ربه من حوله؟

قال: النصوص التاريخية المنسوبة للنَّبيِّ أقدم وجوداً من بناء المسجد وقد ذكرت اسم المسجد الأقصى.

 قلت: النصوص الروائية اعتمدت على النَّصِّ القرءاني وهو أسبق بوجوده منها، واعتمدت على تحديده على الروايات اليهودية التلمودية، ودست في التراث الإسلامي، ومنذ متى كنت تأخذ بالروايات التاريخية وتجعلها برهاناً أو مصدراً علمياً؟

قال: لا أستطيع أن أرفض ما اتفقت عليه الأمة كلها؟

قلت: أي أمة تقصد؟ أليس الشيعة من الأمة أيضاً وهو لا يقولون أن المسجد الأقصى في القرءان هو ذاته المسجد الأقصى في فلسطين، ومنذ متى يعد الاتفاق أو الإجماع على فرض حصولهما برهاناً أو حجةً علميةً أو دينيةً؟

فصَمَتَ ولم يُحِرْ جواباً، ولكن أصر على أن المسجد الأقصى في القرءان هو ذاته المسجد الأقصى في فلسطين، والنفي له يوقعه في إرباك، لأنه متنبئٌ رياضياً من خلال القيمة العددية لنص قرءاني بسقوط وزوال دولة اليهود في عام 2022 م، مع العلم أنِّي بيَّنت له أن بني إسرائيل ليسوا هم اليهود الصهاينة، وإنما نحن بنو إسرائيل، وهم جزء من القبائل سكان المنطقة ومتداخلة ذرياتهم مع ذرية النَّبيِّين في المنطقة ذاتها، والقرءان نزل على بني إسرائيل ولهم.

 (إِنَّ هَذَا القرءان يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ٍ) النمل76.

 وهذا يَبطُل المشروع السياسي اليهودي في التفكير بدخول مصر أو ضمها، على افتراض أن اليهود هم بنو إسرائيل، فكيف وهم منتحلون هوية بني إسرائيل؟!.

وبالتالي، لا بُدَّ من إعادة دراسة التاريخ اعتماداً على القرءان، وإسقاطه على أرض الواقع دون التأثر بوجهات نظر اليهود، أو التقسيمات السياسية، والاعتماد على العلم، وذلك لمعرفة المقصد من دلالة جملة (المَسْجِدِ الأَقْصَا) المذكورة في القرءان التي تشير دلالتها (لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا) إلى إسراء كوني، وإعادة ترتيب أوراق تاريخ الأمة، وأولوياتها العملية للنهضة بها، وَفْقَ رؤية ثقافية واقعية دون أن يستغلها أحد، أو يُوجهها لمصلحة ما، أو يستخدمها عصا لضرب الآخر!، والعمل على إجهاض المؤامرة التي تُحاك ضد الشعوب العربية الإسلامية، التي هي على ملة النَّبيِّ إبراهيم، بمراحلها التاريخية الثلاث المتكاملة، أتباع النَّبيِّ موسى، وأتباع النَّبيِّ عيسى، وأتباع النَّبيِّ محمَّد (المسلمون) في سبيل ذلك وجب الكفُّ عن تعبئة الأمة وشحنها، ورفع قانون الطوارئ عنها.