صرخة توعية للشباب

 

آن الأوان لنقف وقفة شجاعة وجريئة ونثق بأنفسنا وبعقولنا وعلمنا، ونُعيد قراءة القرءان بعيوننا لا بعيون السلف، وبأدواتنا المتطورة لا بأدوات بدائية، لأن القرءان للناس جميعاً ونحن من الناس، {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً }الأعراف158، ونرفض الوصاية الفكرية على أفهامنا ، ونمنع اغتيال حقنا في اختيار حياتنا بالشكل الذي يوافق موقعنا الزمكاني، ونريد أن نعيد لمفهوم الإسلام مفهومه الحق، الذي يدل على اختيار السلام كموقف سلوكي واعي حر، وهذا خلاف الاستسلام الذي يدل على الإكراه والإجبار، {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ }البقرة 256 ، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة62، { مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ}الحج78، ونريد أن نُخَلّص الإسلام من ما علق به من المفاهيم التاريخية السياسية مثل ملة الشيعة، وملة أهل السنة، والإباضية، والأحمدية (القاديانية) وغيرهم، ونوقف تسييس الدين، وحشره بصراع القوى السياسية الطامعة في كرسي السلطة مثل الأحزاب المعاصرة، وأشهرها في بلاد العرب الإخوان المسلمون ، وحزب التحرير، وتوقيف المد السلفي على مختلف أطيافه القتالية والإصلاحية لأنه دعوة للوراء والتخلف باسم الدين، وإظهار إن الدين هو هدى للناس ومنهج وحدود تشريعية إنسانية وقيم وأخلاق، ولا يوجد فيه نظام حكم أو اقتصاد …، وإنما يوجد فيه قيم توجه نظام الحكم والاقتصاد، وهذه القيم ليست محل نقاش أو خلاف، والمشكلة مع السلطات ليست دينية ، وإنما هي مشكلة عدل وظلم ، مشاركة واستبداد، حريات واستعباد، وهذه المشكلة متعلقة بكل المواطنين على مختلف رؤاهم، وإظهار أن العلاقة بين الدين والدولة علاقة جدلية غير قائمة على الفصل (دولة فرعون)، ولا على الدمج (دولة هامان)، وأن القرءان هو مصدر رئيس للدستور والقانون وليس الأخير، وهذا بخلاف علاقة الدين مع السلطة فهي قائمة على الفصل الكامل بينهما.

 

وهذه الدعوة ليست تهجماً على شخص أحد أو ملة أو مذهب أو حزب …، وإنما اخترنا حزب التحرير لأنه أشد الأحزاب سلفية وهو الوحيد الذي يُقعِّد لسلفيته بأصول وأدبيات صاغها بمنطق خدع به المسلمين وأضلهم، وعدَّ نفسه القائد الفكري للأمة والوصي عليها ، وجعل كرسي السلطة مطلب ديني، وورّط الشعب بصراع دموي مع السلطة، وأدخل الشباب إلى السجون، وما زال في ضلاله مستمر، وسوف نعرض معظم أفكاره المهم منها، وغير المهم، و ذلك ليرى المسلمون ضحالة المنهج وكيف أن شبابه لا يقبلون النقاش، ولا الاعتراف بأي خطأ وقع فيه النبهاني! ولا يُعدِّلون شيء منذ أن تأسس الحزب (خمسين عاماً)، وأكثر شيء هزلاً ويثير الضحك هو إعادة النظر في فكر الحزب وطريقته وعمله كل عشر سنوات ويخرجون بالنتيجة ذاتها ! الفكر صواب لأنه يقوم على البرهان، والطريقة تنبثق من الفكر فهي جزء لا يتجزأ منه، فهََي صواب، والمشكلة في الأمة، هي لم تحتضن فكر الحزب، وهي أمة مغلوبة على أمرها لا يُعتمد عليها في النهضة ، فينبغي أن نُكرس طريقتنا في الانقلابات العسكرية ونُطيح بالسلطة من خلال استخدام شق عصا السلطة على ذاتها، ومع صعوبة فعل ذلك لتعقيد تركيبة الجيش وولائه للحاكم ، خرجوا بفرضية جديدة تقول: “تجميع القوى” وتعتمد على الضباط الصغار!ومن ثم يضربون بها السلطة الكبيرة، ويقفزون إلى سدة الحكم، ويفرضون أنفسهم على الأمة؛ التي لسان حالها يقول: كل من يتزوج أمي أقول له عمي! و عندما ترك الحزب الأمة وأهملها؛ تركته الأمة وأهملته ، لذا؛ لا نشاهد للحزب أي تفاعل مع الأمة ومعاناتها سوى الثرثرة الفارغة كل حين ومين! وصدق من وصف الحزب بأنه: حزب الثرثرة والتحليل!

 

الإسلام ليس ديناً ودولة ، ولا ديناً ومنه دولة، وإنما هو دين هداية للناس ويُوَجّه دولة، {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ }البقرة185 والخلافة في الدين هي مقام إنساني علمي متعلق بالمجتمع ككل، وليس مقاماً سياسياً، رغم أن الخلافة السياسية هي جزء من الخلافة العامة يصنعها المجتمع وتنصبغ بثقافته.

 

والجهاد كلمة تدل على بذل الجهد الإيجابي لتحقيق أهداف نبيلة إنسانية متعلقة بالعمران والنهضة ، وقد يصل إلى مرحلة القتال كأمر كُتب على المجتمع كُرهاً وليس ثقافة له ولا يطلبه، وهو صد عدوان ودفاع عن الذات سواء مقاومة أو وقاية أو استباقاً، وهو ظرفي مقيد بحيثيات كثيرة لأنه ليس هدفاً لذاته، والأصل هو الجهاد الثقافي والعلمي لتحقيق العدل و السلام، والتعايش الإيجابي، والتماسك الوطني، والنهضة بالبلاد والعباد على محور الحريات والواجبات وفق الثابت والمتغير( الحنيف).

 

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13