اليـهـود

وخرافة السامية

خلط اليهود أوراق التاريخ، محاولين طمس الحقائق، وكادت المؤامرة تنجح، ولكن نزول القرءان فضح أكبر مؤامرة نسج اليهود خيوطها عبر التاريخ، وسجلوها افتراءً في التلمود وصحفهم، وذلك عندما دمجوا شخصية إسرائيل بالنَّبيِّ يعقوب، وعدّوا أنفسهم بني إسرائيل، ورفعوا نسبهم إلى النَّبيِّ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، وخلطوا بين بني إسرائيل، وطائفة اليهود، حتى صار في ثقافة الناس، أن كليهما واحد، وبهذه العملية، أوجد اليهود لأنفسهم موطئ قدم في قمة التاريخ الإنساني بانتسابهم إلى الأئمة الكبار في المجتمعات الإنسانية، الذين هم النَّبيُّ يعقوب، وإسحاق، وإبراهيم – عليهم السلام جميعاً-، وانتحلوا هوية بني إسرائيل، وسموا ملتهم اليهودية، ديناً.

وكان القرءان لهم بالمرصاد فقال: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ} (آل عمران 19)، وأكّد أن دين جميع الأنبياء والرسل كان الإسلام، وأن الله لم يُنزل ديناً غيره {وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إَلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (البقرة 132).

 فلا يوجد ما يُسمَّى بتعدد الأديان، فالله واحد، ودينه واحد، وكذلك الشرع الإسلامي أيضاً واحد، وهو الذي بدأ نزوله منذ نوح وتم إكماله بالقرءان، أما مجموعة الشرائع الخاصة التي كانت تتنزل على الرسل السابقين، فهي قومية عينية ظرفية تُعدّل وتُنسخ من رسول إلى آخر، وتتقلص لصالح الشرع الإسلامي، إلى أن تم إلغاؤها كلها بعد اكتمال الشرع الإسلامي بصفته العلمية، والإنسانية، وصار شرعاً كاملاً. فلا يوجد دين، أو شرع إلهي اسمه اليهودية، أو غير ذلك، وإنما يوجد دين الإسلام.

وتابع فضح مؤامرتهم، وادعاءهم أنهم من نسل النَّبيِّ نوح، فقال:{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ} (آل عمران 33)، واصطفاء آدم يدل على وجود ناس معه تم الاصطفاء له من دونهم، لأن الاصطفاء لا يمكن في الواقع إلا من خلال وجود كثرة من ذات النوع، اقرأ قوله تعالى:

{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ مِن ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً} (مريم 58)، فالنَّصُّ ذكر ذرية آدم، وذكر ذرية من تم حملهم مع نوح، وهذه إِشارة إلى أن هؤلاء ليسوا من ذرية آدم المصطفى، وإلاَّ صار النَّصُّ حشواً، ولغواً، وتكراراً لا فائدة منه، ونتفق أن النَّصَّ القرءاني منزه عنه؛ ما  يؤكد أن الذين حملهم نوح معه، ليسوا من ذرية آدم المصطفى، وإنما من ذرية من كان يعيش معاصراً لآدم المصطفى!، ليصير من ركب مع نوح ذُرِّيتين: ذرية آدم المصطفى ونوح منهم -، وذريةَ من كانوا معاصرين لآدم المصطفى من آدم آخر سابق عنه.

وعندما تابع النَّصُّ ذكر (ومن ذرية إبراهيم)، دل على أن النَّبيَّ إبراهيم من ذرية آدم المصطفى من غير طريق نوح، وتم ذكر ذريته بعد ذكر ذرية آدم في أول النَّصِّ (من ذرية آدم) من باب ذكر الخاص بعد العام، أي: من الدائرة الكبيرة المتمثلة بآدم، إلى دائرة أصغر متمثلة بإبراهيم، بجانب دائرة نوح، وذكر النَّصُّ (إسرائيل) معطوفاً على (ومن ذرية إبراهيم) ليصير المقصد (ومن ذرية إسرائيل)، ليدل على أن إسرائيل ليس من ذرية إبراهيم، وليس من ذرية نوح – عليهما السلام -، وإنما هو من ذرية من تم حملهم مع نوح، ولم يتم تكرار كلمة (ذرية) لإسرائيل إشارة – والله أعلم – إلى أن إسرائيل كان معاصراً للنَّبيِّ إبراهيم ولتداخل ذريتهما معاً.

وبهذا التحليل العلمي الدقيق للنص القرءاني تم فضح النظرية السامية لليهود، وزيفها، ودحض مزاعمها سواء عن طريق ذرية إبراهيم، أو ذرية الرجل الصالح إسرائيل، فكلاهما لا ينحدران من نوح، وتابع النَّصُّ القرءاني تصويب التاريخ، فذكر أن جميع الأنبياء والرسل هم من ذرية نوح وإبراهيم، أو من أحدهما:

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالكِتَابَ فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ} (الحديد 26).

وذكر أن ذرية آدم المصطفى، ونوح، وإبراهيم، وعمران، قد تداخلت ببعضها من خلال عملية التزاوج، ومع ذلك التداخل تم جعل النُّبوَّة والكتاب في ذرية نوح وإبراهيم رغم انتماء بعض الأنبياء إلى ذريات أخرى من طرف الآباء، أو الأمهات، قال تعالى:{إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى العَالَمِينَ *ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (آل عمران 33 – 34).

ومِن هؤلاء الذين كانوا من ذرية ممن حملنا مع نوح (أي لمن كانوا معاصرين لآدم المصطفى) النَّبيُّ موسى وذلك عن طريق والده، قال تعالى: {وَآتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِي وَكِيلاً *ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً} (الإسراء 2-3).

والعبد الشكور، هو النَّبيُّ موسى، لأن النَّصَّ يتكلم عنه، وبالتالي هو من (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍالناس الذين كانوا معاصرين لآدم المصطفى.

وإذا قمنا بعملية تقاطع بين نص جعل النُّبوَّة والكتاب بذرية نوح وإبراهيم، ونص تداخل الذرّيات، ونص أن موسى من ذرية غير ذرية آدم المصطفى، وبالتالي ليس هو من ذرية نوح وإبراهيم بصورة صافية، نستنتج حصول تداخل بين ذرية آدم المصطفى، وذرية من كانوا معاصرين له، وكان نتيجته ولادة موسى، قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ} (الأنعام 84).

فيكون النَّبيُّ موسى من ذرية نوح من طرف أمه، بدليل ذكره بعد النَّبيِّ يوسف، وبدليل ذكر داود وسليمان وأيوب قبله رغم أنهم جاؤوا بعده زمنياً؛ ما  يدل على وجود شبه بين يوسف وموسى في نسبهما لنوح، والنَّبيُّ يوسف من ذرية إبراهيم من طرف أبيه يعقوب، فيكون النَّبيُّ يوسف من ذرية نوح من طرف أمه، وكذلك موسى وهارون، فيكون الطرف الآخر لموسى (والده) من ذرية من حملنا مع نوح، الذين هم من ذرية الذين عاصروا آدم المصطفى، وبالتالي، فالنَّبيُّ موسى ليس من بني إسرائيل بشكل صاف ولو أنه بُعث فيهم، ولهم، ولا يوجد نص صريح يذكر أن التوراة نزلت عليه، وإنما أوتي صُحُفاً، انظر قوله تعالى: {صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} الأعلى (19).

أما إسرائيل، فهو رجل من ذرية من حملنا مع نوح، وليس من ذرية إبراهيم، ولم يخبرنا الخالق أنه بعث أحداً من ذريته نبياً أو رسولاً أبداً، وبالتالي لا يوجد أنبياء ولا رسل من ذرية إسرائيل بصورة صافية، وإنما بصورة متداخلة مع غيره.

وآل عمران ذرية نتجت من خلال تداخل ذرية نوح، وذرية إبراهيم عن طريق يعقوب، وجاء منهم زكريا وابنه يحيى، وعيسى، وإلياس.

والأسباط ليسوا إخوة يوسف، وإنما هم من ذرية يعقوب، وقد أوحي إليهم بالنُّبوَّة والكتاب، أما اليسع، ويونس، ولوط، وإسماعيل، وإدريس، وذو الكفل فليسوا من ذرية النَّبيِّ إبراهيم، والنَّبيُّ شعيب دائماً يُذكر بعد النَّبيِّ لوط؛ ما  يدل على أنهما يرجعان بنسبهما إلى نوح ضرورة حسب النَّصِّ الذي حصر النُّبوَّة والكتاب في ذرية نوح وإبراهيم، وينبغي مراعاة عامل اختلاف الزمن في بعثة الأنبياء والرسل، وتداخل ذرية نوح مع ذرية إبراهيم.

{وَإِسْمَاعِيلَ وَاليَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى العَالَمِينَ} الأنعام (86).

{وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ} الأنبياء (85).

وكان الأنبياء والرسل يُبعثون إلى أقوامهم، وبنو إسرائيل معهم ضمناً، وخص الخطاب بني إسرائيل، لأنهم أكثر عدداً وذرية، فهم البُنية التحتية للقبائل العربية مع احتفاظ ذرية نوح وإبراهيم بمقام النُّبوَّة والكتاب، ومشاركتهم في مقام السلطة والمُلك في بني إسرائيل على الغالب، ومن هذا الوجه ورد الحديث الذي يقول: (كان بنو إسرائيل يقودهم الأنبياء، كلما هلك نبي، بعث الله آخر).

 فأين اليهود من كل ذلك !؟

 لا يوجد أي نسب أو تاريخ لليهود أبداً!، وإنما هم طائفة عنصرية ذات نشأة مشبوهة وتاريخ أسود، ومغضوب عليهم، وهم الشجرة الملعونة في القرءان (المجتمع اليهودي)، وهم تجمع من مختلف الأعراق يجمعهم الحقد والنقمة على المجتمعات الإنسانية.

وبعد هذا العرض التاريخي الموجز بناء على التوثيق القرءاني له، ينبغي على المسلمين العرب أن يستيقظوا، وأن يدركوا حقيقة الخطب الجلل، والمُصاب الفادح، والمؤامرة الرهيبة، التي حاك اليهود خيوطها في سالف الأزمان، وجَعَلوها عقيدة للأجيال اليهودية اللاحقة، وصارت لهم ديناً من دون الناس أجمعين، فلهم إله خاص بهم (يَهوَه) ولهم شرع خاص بهم، فما هو حرام بينهم يكون حلالاً مع غيرهم، وجعلوا طائفتهم بوتقة مُغلقة غير قابلة للفتح، فاشترطوا لليهودي، أن يكون من والدَين يهودِيَّين أو والدته يهودية على الحد الأدنى، وحرَّموا دمهم وعرضهم ومالهم فيما بينهم، وأباحوا دماء، وأعراض، وأموال الناس جميعاً، بل وبيع أعضاء الإنسان من خلال خطف أطفال المجتمعات غير اليهودية، خاصة الفلسطينية والمغربية في سابقة عنصرية فاشية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.