نموذج عن طريقة تفكير “تقي الدين النبهاني” ونقاشه للتفكير

قال النبهاني:

5- إلا إنهم حين حاولوا ربط الواقع بالدماغ للوصول إلى الفكر، أي لإيجاد التفكير، ضلوا الطريق، فجعلوا الرابط بينهما هو

انعكاس هذا الواقع على الدماغ. فخرجوا بالنتيجة الخطأ في معرفة العقل، ولذلك عرفوا العقل تعريفاً خاطئاً. وسبب ذلك هو إصرارهم على إنكار أن للوجود خالقاً خلقه من عدم…….. ولكن أساس الخطأ لم يكن من عدم التفريق بين الإحساس والانعكاس، وإلا لكانوا اهتدوا إلى أن المسألة هي إحساس وليست انعكاساً. بل أساس الخطأ، وأساس الانحراف، ناتج عن إنكارهم أن لهذا الوجود خالقاً.

نقاش رأيه- توقف النبهاني عند كلمة (انعكاس) غير مبرر ولعل الترجمة التي قرأها خطأ، لأنه لا يقول أحد إن الدماغ سطح مصقول فيه قابلية عكس الصور! ومن يقرأ رأي الشيوعيين يدرك أن مقصدهم هو نقل الإحساس بالواقع إلى الدماغ عن طريق أحد أدوات الحس الخمسة،  وإصراره على أن الخطأ نتيجة إنكار وجود خالق عجيب وغريب ،فالمسألة لا علاقة لها بوجود الخالق أو إنكاره قط، والله لم يخلقنا من عدم كما قال النبهاني ، لأن كلمة (عدم) تدل على فقدان فاعلية الشيء ورجوعه إلى المادة الخام المهملة، ومنه قولنا إعدام المجرم ، وقولنا للفقير المدقع هو: معدم، وكلمة عدم لم يستخدمها القرءان قط، وهي تعني الشيء الفاقد للفاعلية ، ولا تعني اللاشيء، لأن اللاشيء هو اللا شيء، ولا يُعَرَّف ، ولو عُرِّف لصار شيئاً، والله خلق الخلق بعد أن لم يكن شيئاً كما قال : {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً }مريم67، ولم يخلقه من شيء ولا من لاشيء! لأن الأمر لو كان كذلك لصار اللاشيء شيء، والعبارة القرءانية واضحة في دقتها وإحكامها{خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً}.

قال النبهاني:

6- أساس الخطأ، وأساس الانحراف، ناتج عن إنكارهم أن لهذا الوجود خالقاً، فلم يدركوا أن وجود معلومات سابقة عن هذا الواقع شرط ضروري لوجود الفكر، أي شرط ضروري لوجود التفكير، وبالتالي شرط ضروري لتكوين العقل، أي ليكون هناك عقل، أي هناك فكر، وتفكير. وإلا لكان لدى الحمار عقل، لأنه يملك الدماغ، وينعكس الواقع على دماغه، أي يحس بالواقع.

نقاش رأيه- مغالطات كبيرة وقع فيها النبهاني ما كان ينبغي أن يقع فيها.

أولاً : موضوع وجود الخالق أو إنكاره لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بموضوع التفكير ودراسته.

ثانياً: تخبطه في استخدام مفهوم العقل، والفكر، والتفكير بدل بعضهم بعضاً، وجعلهم واحداً من حيث الدلالة.

ثالثاً: اشتراطه وجود معلومات سابقة عن الواقع شرط لحصول عملية التفكير غير صواب من حيث الواقع، لأن الإنسان يستطيع أن يتعامل مع الواقع ويحصل على معلومات من خلال التجارب وملاحظة ما يطرأ عليه من تغير ويصل إلى اكتشاف القانون الذي يحكمه فيسخره لحاجته ، وقديماً قيل : الحاجة أم الاختراع. وهذا يدل على أن الواقع مصدر للمعلومات وموضع للتفكير بالوقت ذاته.

رابعاً: الحمار لا يفكر رغم وجود الدماغ والإحساس بالواقع ليس لأنه لا يملك معلومات سابقة، فالمعلومات متوفرة عند غيره، ولا يمكن أن يحصل عليها لانتفاء وجود نفس لديه التي هي كائن خاص منفوخة بالإنسان بواسطة الروح، وفيها نظام الوعي والتمييز والإدراك المتمثل بالفؤاد، وعندما ينزل الفؤاد في الدماغ يشكلان مع بعض القلب الذي وظيفته التعقل والسمع والبصر، وهذه الوظائف غير موجودة عند البهائم ، لذا؛ لا يمكن أن تتعقل أو تفكر  رغم وجود المعلومات في الواقع وإمكانية الحصول عليها.