نظرية العقوبة في القرءان

الذي يدرس العقوبات في القرءان يجد أن أساسها يقوم على محورين:

الأول: تقييد حرية الشخص وإكراهه على فعل شيء.

الثاني : اختيار عقوبة يرجع فائدتها للمجتمع والمنفعة العامة كونه أخطأ في حق المجتمع فيرد ذلك خدمة تسخيرية إكراهية في نهضة المجتمع .

ويكون ذلك بتحديد مستوى المخالف علمياً أو مهنياً، وبناء على ذلك يتم تحديد عقوبته، فإن كان متعلماً ويستطيع أن يُدرِّس فتكون عقوبته مثلاً تدريس ستة أشهر مجاناً مع تحديد مكان إقامته وتقييد حركته وفق دائرة معينة لايتجاوزها، وإن كان مهنياً يطلب منه العمل والإنتاج لمدة معينة مجاناً، وأيضاً مع تحديد مكان إقامته وتقييد حركته ضمن دائرة معينة لايتجاوزها، وبهذا العمل نكون عاقبناه وبالوقت ذاته استفاد المجتمع منه، ولانكون قد خلقنا مجرمين بالسجون حاقدين على المجتمع ، وهذا الكلام على نوعية معينة من المخالفات وليس الجرائم الخطرة التي ينبغي عزل المجرم عن المجتمع كلياً لخطورته .

لنقرأ:

{لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَـكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }المائدة89

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذَلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ وَاللّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ }المائدة95

{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً }النساء92

لاحظوا أن المشرع يعالج المخالفة بناء على مصلحة المجتمع، ويختار عقوبة محلها فائدة المجتمع بصور معينة مفتوحة، فإن كان المخالف لايملك أو لايتقن أي شيء مماسلف أو غيره مما يفيد المجتمع ، فالحد الأدنى يفيد نفسه بالصيام ليطهر نفسه من المخالفة ويريح جسمه من السموم التي يتناولها ويأخذ فرصة للتوبة و تأنيب الضمير على مافعل مع تقييد حريته وتحديد مكان إقامته.

لذلك ينبغي أن تعلموا أن العقوبة ليست مطلوبة لذاتها وليست هي قربة لله ، هي علاج جنوح شخص عن نظام المجتمع ويكون ذلك بإصلاح ماأفسد أو التعويض قدر الاستطاعة

{وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً }النساء16