الفرق بين كلمة الجب وكلمة البئر
بينما كنت نائماَ تداعت قصة النبي يوسف في منامي حتى وصلت إلى حدث إلقائه في الجب وأنا أنظر ، ولا أدري كيف حصل حوار بين الأشخاص عن مفهوم كلمة (الجب) وكلمة (البئر) وأنا أسمع لهم وأحياناً أشاركهم، وانتهى الحوار على وقت سماعي كلمة الله أكبر من أذان الفجر فقمت نشيط الذهن وصليت الفجر وبدأت بكتابة مضمون الحوار عن الفرق بين كلمة البئر وكلمة الجب.
جب :كلمة أصلها (جوَب) ومن جعلها أصلاً وحدها بكلمة (جبب) أرجع معناها إلى كلمة (جوَب)، مثل كلمة (جيب) فهي أيضاً ترجع لكلمة (جوَب).
جوب:
الجيم: صوت يدل على جهد وقوة.
الواو: صوت يدل على امتداد وضم مكاني.
الباء: صوت يدل على جمع مستقر.
وجمع الأصوات الثلاثة بهذا الترتيب يدل على بذل جهد وقوة في مكان معين يمتد به بشكل منضم منته بجمع مستقر لهذا الفعل. وظهر ذلك ثقافياً بمعنى بذل جهد لخرق أو إحداث فتحة في الشيء أو قطع شيء بقوة ، لنقرأ:
{وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ }الفجر9، بمعنى خرقوا الصخر أو قطعوه بشكل معين.
{وَنُوحاً إِذْ نَادَى مِن قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ }الأنبياء76
أجاب بمعنى قطع الصمت أو التوقف عن الشيء وبذل جهد وقوة في تحقيق شيء أو توصيله سواء أكان مادياً أو معنوياً.
{وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ …}النور31
كلمة جيوبهن جمع جيب وأصلها جَوَب، و في النص تدل على فتحات أو خروق عملها الإنسان بجهده في ملابسه التي يلبسها مثل فتحة العنق والفتحات التي تخرج منه الأطراف وليس فتحات في جسم المرأة ذاتها خلقاً، وهذا دلالة صوت الجيم (جهد وقوة مبذولة أتت في أول الكلمة) بينما فتحات الجسم خلقاً ليس من جهد الإنسان.
وصلنا الآن لكلمة الجُب، فعلى ماذا تدل كلمة الجُب؟
كلمة (جُب) حسب دلالة أصواتها ومفهوم جذرها (جَوَب) تدل على قوة وجهد مبذول منتهي بجمع مستقر، ومنه جبَّ زيد عن قومه، إذا دافع ومنع الخطر عنهم، ومنه كلمة المجبوب التي تدل على قطع عضو الذكر عند الإنسان ،وهذا يدل على أن كلمة (جب) ليس مجرد حفرة حصلت وحدها بعامل الطبيعة كما يقول بعض أصحاب القواميس، وإنما هي حفرة عميقة في الأرض محدودة الجوانب من صنع الإنسان، والآن نفهم دلالة كلمة الجُب الذي ألقي فيه النبي يوسف.
{قَالَ قَآئِلٌ مَّنْهُمْ لاَ تَقْتُلُواْ يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ }يوسف10، فالجُب هو خرق أو حفرة عميقة مستقر الماء فيها حفرها الإنسان .
أما كلمة البئر فهي من بأر ويدل أصواتها على :
الباء: صوت يدل على جمع مستقر.
الهمزة: صوت يدل على ظهور خفيف.
الراء: صوت يدل على تكرار.
بأر : تدل حسب ترتيب أصواتها على جمع مستقر يظهر بشكل خفيف مع تكرار هذا الظهور.
وظهر معناها ثقافياً بمعنى الحفرة أو الفتحة التي تظهر في الأرض وحدها بشكل عميق ويتجمع فيها الماء، لاحظوا لا يوجد أي صوت في الكلمة يدل على جهد أو قوة.
اقرؤوا النص التالي :
{فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ }الحج45،البئر المعطلة هي التي لايوجد فيها ماء، ونقول: بؤرة، عن الشيء الذي يتجمع في مكان معين ويظهر بشكل مكرر مثل: بؤرة الفساد الفكري في المجتمع هي الكهنوت الديني، ونقول للحفرة التي تحفرها المرأة للطبخ بؤرة ، لأنها تجعلها مكان لتجمع الحطب لتوقده، ومن هذا الجمع المستقر والظهور الخفيف المكرر لكلمة (بأر) ظهر معنى الادخار للشيء، وظهر معنى التأبير الذي هو جمع شيء على شيء في داخله ، ومنه الإبرة وهي التي تجتمع في داخل الشيء بشكل مكرر وسميت كذلك من وظيفتها.
اضف تعليقا