{هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ }الحشر23

من الغرابة على درجة كبيرة انتشار مفهوم كلمة (جبر) بمعنى الإكراه والإلزام بين عامة الناس؛ بل حتى في قواميس اللغة أقروا هذا المعنى الإكراهي والإلزامي لكلمة (جبر)

يقول ابن منظور في لسان العرب: وجَبَرَ الرجلَ على الأَمر يَجْبُرُه جَبْراً وجُبُوراً وأَجْبَرَه: أَكرهه.

ويوجد في التاريخ فرقة عقائدية تسمى بالجبرية بمعنى الإكراه والإلزام ونفي الحرية عن اختيار الإنسان.

فهل كلمة (أجبر) تعني أكره ، وهل نص {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ }البقرة256، تعني(لا إجبار في الدين )؟

وهل اسم الله (الجبار) يعني المُكره والمُلزم لخلقه بأوامره ؟

جبر: كلمة تدل على القوة والجهد والشدة المتجمعة باستقرار منتهي بتكرار تجمع القوة وتعاظمها، ومن ذلك  الجبروت التي تعني القوة الشديدة المتعاظمة والمتجمعة باستقرار في صاحبها وهذا معنى قولنا: سبحان ذي الجبروت والملكوت، بمعنى ننزه الله ذو القوة الشديدة المتعاظمة المتجمعة باستقرار المكررة على ذلك  من كل نقص أو ذم أو ضعف، وهذا معنى النص {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىَ يَخْرُجُواْ مِنْهَا }المائدة22،أي قوماً أقوياء وأشداء جداً وقوتهم متعاظمة مجتمعة مستقرة فيهم لا تنقص.

ونستخدم كلمة (جبر) في لحم العظم  المكسور وتركيبه على بعضه، ويظهر فعل الجبر من خلال القوة والشدة والجهد الذي يظهر في بناء العظم وتجمعه وتعاظمه باستقرار مكرر، ونقول: جبر الخواطر ، بمعنى دعم الإنسان الضعيف أو المكسور شعوره بقوة وشدة متعاظمة تعوضه عن كسره المعنوي.

لذا؛ اقتضى التنبيه على أن مفهوم الجبر ليس هو الإكراه ولا الإلزام قط ، وإنما هو دعم للفقير أو الضعيف أو المكسور الخاطر والمسكين ووصله بالمعونة والرحمة له وإدخال السرور لنفسه، واسم الجبار اسم مبالغة لمن يقوم بالجبر باستمرار دون توقف أو انقطاع من منطلق قوته العظيمة.

اللهم اجبر بخاطرنا وارحمنا