عقبات تقف في وجه التفكير العلمي

إن العقبات التي تقف في وجه التّفكير العلمي من أن يأخذ مجراه ويسير بصُورة صائبة هي كثيرة ومتطورة بتطور العُلُوم، ومن أهم العقبات الحالية التي تقف حاجزاً وسداً هي:

1- اتباع الآباء لمجرد انهم آباء، دون التأكد من كونهم على حق.

2- اتباع الأكثرية وذلك لانتشار المعلومة بين جمهور الناس.

3- الربط السببي بين حدثين تزامن وقوعهما مع بعض دون وجود رابط سببي بينهما.

          .

مثلا: عندما مات إبراهيم ابن النّبي محمد r ، تزامن مع موته حدث كسوف الشّمس؛ فقال النّاس: كُسفت الشّمس لموت إبراهيم. فوصل ذلك إلى سمع النّبي؛ فقام مُباشرة إلى تصويب مفاهيم النّاس، والحفاظ على طريقة التّفكير وتحليل الأحداث؛ فقال: إن الشّمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينخسفان أو ينكسفان لموت أحد أو حياته.

ويحضرني تجربة طريفة قرأتها منذ فترة تُسلط الضوء على سبب تكريس التقليد الأحمق، وانقياد الناس لما يفعله الأكثرية دون وعي وإدراك، والربط بين حدثين لمجرد حصولهما في زمن واحد.

أََحضر خمسة قرود، وضعها في قفص ! وعلق في منتصف القفص حزمة موز،  وضع تحتها سُلّما. بعد مدة قصيرة ستجد أن قرداً ما من المجموعة سَيعتلي السلم محاولاً الوصول إلى الموز. وما إن يضع يده على الموز، أطلق رشاشاً من الماء البارد على القردة الأربعة الباقين  وأرعبهم ! ؛ بعد قليل سيحاول قرد آخر أن يعتلي نفس السلم ليصل إلى الموز، كرّر ذات العملية، رش القردة الباقين بالماء البارد. كرر العملية أكثر من مرة لتعزيز الفعل، بعد فترة ستجد أنه ما إن يحاول أي قرد أن يعتلي السلم للوصول إلى الموز؛ تسارع المجموعة من منعه خوفاً من الماء البارد.

الآن، أبعد الماء البارد، وأخرج قرداً من الخمسة إلى خارج القفص، وضع مكانه قرداً جديداً (لنسمه سعدان ) لم يعاصر، ولم يشاهد رش الماء البارد، سرعان ما سيذهب سعدان إلى السلم لقطف الموز، حينها ستهب مجموعة القردة المرعوبة من الماء البارد لمنعه وستهاجمه !.  بعد أكثر من محاولة سيتعلم سعدان أنه إن حاول قطف الموز سينال (علقة قرداتية) من باقي أفراد المجموعة.

الآن؛ أخرج قرداً آخر ممن عاصروا حوادث رش الماء البارد (غير القرد سعدان) وأدخل قرداً جديداً عوضاً عنه. ستجد أن المشهد السابق سيتكرر من جديد، القرد الجديد يذهب إلى الموز، والقردة الباقية تنهال عليه ضرباً لمنعه. بما فيهم سعدان على الرغم من أنه لم يعاصر رش الماء، ولا يدري لماذا ضربوه في السابق، كل ما هنالك أنه انطبع في دماغه أن لمس الموز يعني (الضرب) على يد المجموعة.  لذلك ستجده يشارك، ربما بحماس أكثر من غيره بكيل اللكمات والصفعات للقرد الجديد ( ربما تعويضاً عن حرقة قلبه حين ضربوه هو أيضاً) !.

استمر بتكرار ذات الموضوع، أخرج قرداً ممن عاصروا حوادث رش الماء،  وضع قرداً جديداً، وسيتكرر ذات  الموقف، كرر هذا الأمر إلى أن تستبدل كل المجموعة القديمة ممن تعرضوا لرش الماء حتى تستبدلهم بقرود جديدة، في النهاية ستجد أن القردة ستستمر بضرب كل من يجرؤ على الاقتراب من السلم لقطف الموز. لماذا ؟ لا أحد منهم يدري !! لكن هذا ما وجدت المجموعة نفسها عليه منذ أن جاءت !. (إتباع الآبائية والأكثرية).

وهكذا تتعامل الشعوب، والأكثرية مع كل من يحاول التفكير، أو التجديد أو تغيير القديم المألوف !.

ويحضرني أيضاً حادثة رواها لي بعضهم؛ مفادها، أن رجلاً أحضر لزوجته سمكة، وطلب منها أن تقليها، فقامت وأحضرت المقلاة، وكانت كبيرة، وأمسكت بالسمكة، وقطعت رأسها وذنبها، ووضعتها في المقلاة، فسألها زوجها: لماذا قطعت رأس السمكة وذنبها ؟! فقالت: هكذا رأيت أمي تفعل عندما تقلي السمك، وعندما زار أم زوجته سألها: لماذا تقومين بقطع رأس السمكة وذنبها ؟ فأجابته هكذا رأيت أمي تفعل، وعندما زار جدة زوجته سألها: لماذا تقومين بقطع رأس السمكة وذنبها عند قليها ؟ فضحكت ! وقالت:  يا بُنَي إن مقلاتي صغيرة لا تسع السمكة كلها، فأقوم بقطعها !.