إعلان عهد الكرامة والحقوق
تشكّل الانتفاضة-الثورة الحالية في سوريا تحوّلاً كبيراً في تاريخ المجتمع والدولة السورية. وهي تحمل في طيّاتها، كما كلّ الثورات والربيع العربي، نقلة نوعية ورسالة إنسانية ومنظومة قيمٍ جامعة، تشكّل القاسم المشترك لطموحات الشعب السوري وفاءً لدم شهدائه وتضحياته. منذ “الصحيفة” في المدينة المنورة إلى إعلانات الحقوق في الأزمنة الحديثة، شكّلت العهود والعقود والمواثيق أساس التعامل بين الناس وبين أبناء البلد الواحد؛ كان محتواها هو العلامة الضرورية الحضور في مرحلة التغيير والانتقال والبناء، وكانت قواعدها هي فيصل المجتمع بمختلف مكوناته وأسس الدولة لحماية الحريات الأساسية وصون السيادة. وهي غير القابلة للتصرّف باسم أية أغلبية انتخابية أو سياسية أو اجتماعية، ولا يجوز حذف أيّ جزءٍ منها. تمثّل هذه الحقوق والحريات والقواعد، مدنية وسياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية، تجسيداً للحرية والكرامة المتأصلة في الإنسان، التي يتطلّع إليها السوريّون في إعادة بناء نظامهم الجمهوري من جديد.
لذا نتعاهد، نحن الموقعين أدناه أفراداً وجماعةً، على الالتزام بمبادئ الثورة المدنية الشبابية السلمية وذلك من خلال العمل على إرساء النظام الجمهوري الجديد على الأسس التالية:
(1)الشعب السوري حرّ وسيّد على أراضيه ودولته، وهما وحدة سياسية لا تتجزّأ ولا يجوز التخلّي عن أيّ شبرٍ فيها، بما في ذلك الجولان المحتلّ. وللشعب السوري الحقّ في النضال من أجل استعادة أراضيه المحتلّة بكلّ الوسائل الممكنة.
(2)الشعب هو مصدر الشرعية والسيادة التي تتحقّق من خلال نظامٍ جمهوري ديموقراطي مدنيّ تعدّدي، يسود فيه القانون ويقوم على المؤسسات. ولا يجوز فيه الاستئثار بالسلطة أو توريثها بأيّ شكلٍ كان.
(3)تنبني الدولة السورية على أساس المساواة التامّة في المواطنة وفي الحقوق والواجبات لجميع أبنائها، لاسيّما المساواة المطلقة بين الرجال والنساء، دون أيّ تمييز من أيّ نوع، سواء أكان ذلك بسب الأصل أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الإثنيّة أو الرأي السياسي أو الدين أو المذهب، على أساس الشعار التأسيسي للجمهورية الأولى: “الدين لله والوطن للجميع.”
(4)تكفل الدولة السورية احترام التنوّع المجتمعي ومعتقدات ومصالح وخصوصيّات كل أطياف الشعب السوري، وتقرّ بالحقوق الثقافية والسياسية لكلّ مكوّناته وتطلّعها للتطور والرعاية باعتبارها جزءاً أصيلاً ومكوّناً رئيساً لجسد الشعب السوري الموحَّد.
(5)تكفل الدولة السورية الحريات العامّة، بما فيها حرية المعلومة والإعلام، وتشكيل الجمعيات الأهلية والنقابات والأحزاب السياسية، وحرية الاعتقاد وممارسة الشعائر، وحرية التظاهر والإضراب السلميين. وتضع قواعداً لضمان هذه الحريّات من هيمنة عالم المال أو السلطة السياسية، ولاحترام التنوّع المجتمعي وحرية الرأي والاعتقاد.
(6)تلتزم الدولة بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان والحقوق الاجتماعية والاقتصادية، وبتأمين الاستمتاع بهذه الحقوق للمواطنين والمقيمين على السواء.
(7)سوريا هي جزء من الوطن العربي، تتطلّع إلى توثيق مختلف أشكال التعاون والتوحّد مع البلدان العربيّة الأخرى، في حين تحترم الدولة السورية وتصون التطلّعات الثقافية والاجتماعية لكلّ القوميات الأخرى المكوّنة للشعب السوري من كردٍ وآشوريين وأرمن وشركس وتركمان.
(8)يلتزم الشعب السوري دعم الشعب الفلسطيني وحقّه في إنشاء دولته الحرّة السيّدة المستقلّة وعاصمتها القدس، وكذلك دعم كلّ الشعوب العربية التي تعاني من الاحتلال أو القهر. (9)تربط الشعب السوري بالشعوب الإسلامية الأخرى جذور تاريخية مشتركة وقيم إنسانيّة مبنية على الرسالات السماوية، وتتطلّع الدولة السورية إلى إرساء تعاون وثيق مع تركيا وإيران في سبيل إنشاء منظومة إقليميّة وازنة.
(10)تقوم الدولة السورية على الفصل التام بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، وعلى مبدأ التداول على السلطة عبر الانتخاب السرّي والحرّ.
(11)الجيش السوري هو المؤسسة الوطنية الضامنة للسيادة الشعبيّة والكرامة والحريات العامّة، وهو عماد الدولة ومعين الوحدة الوطنية، يصون الأمن القومي ومبادئ الدستور ولا يتدخّل في الحياة السياسية.
(12)يقرّ دستور جديد أسس النظام الديموقراطي التعدّدي والنظام الانتخابي، بحيث يضمن حق تمثيل كافّة أطياف الشعب السوري في السلطة التشريعيّة وكافّة المناطق، ويكفل حق تواجد كلّ التيارات الفكرية والسياسية، دون هيمنة أحدها، ضمن قواعد تؤمّن استقرار النظام البرلماني والتداول على الأغلبية من خلال الاقتراع العام، وتضبط بشكلٍ دقيق الموارد المالية وإنفاق الأحزاب السياسية.
(13)يصون رئيس الدولة الدستور والأمن القومي ومبدأ الفصل بين السلطات. يتمّ انتخابه بالاقتراع العام المباشر، ولا يجوز تمديد مهمّته لأكثر من دورتين مدّة كلّ منها أربع سنوات.
(14)يمثّل رئيس الوزراء الأغلبية النيابية ويتحمّل مسؤولية السلطة التنفيذية أمام الشعب الممثّل ببرلمانه، ولكلّ وزير في الوزارة كامل الصلاحيات في إدارة شؤون وزارته، ضمن إطار البيان الوزاري الذي يخضع لثقة البرلمان.
(15)تقوم الإدارة المحلية على مؤسسات تشريعية وتنفيذية تدير شؤون المواطنين والتنمية في المحافظة أو الإقليم، بحيث تخضع الإدارة التنفيذية المحلية للسلطة المنتخبة محليّاً، ويقتصر دور المحافظ على تمثيل سلطات رئيس الدولة.
(16)تصون الدولة الملكية الخاصة، التي لا يجوز الاستيلاء عليها إلاّ للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل، دون أن يعاد بيعها أو تجييرها لمصالح خاصّة.
(17) تصون الدولة المال والملكيّة العامّة لمنفعة الشعب، وتقوم سياستها على العدالة الاجتماعية والتنمية المتوازنة المستدامة وإعادة توزيع الدخل والثروة عبر النظام الضريبي بين الفئات الاجتماعية وبين المناطق والأقاليم، وكذلك على ضمان حريّة الاستثمار والأسواق ضمن أصول ضابطة تكافح الاحتكار والمضاربات وتحمي حقوق العاملين والمستهلكين.
(18)تلتزم الدولة السورية بإزالة كافّة أشكال الفقر ومكافحة البطالة بهدف التشغيل الكامل الكريم اللائق، وتأمين الخدمات الأساسيّة لكلّ مواطن: السكن والتنظيم العمراني، ومياه الشرب النظيفة، والصرف الصحي، والكهرباء، والهاتف والانترنيت، والطرق والنقل العام، والتعليم والتأهيل والتأمين الصحيّ ومعاشات التقاعد وتعويضات البطالة، بأسعارٍ تتناسب مع مستويات المعيشة.
هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الوطني الديمقراطي في سوريا
ملاحظات نقدية شكلية:
1- المبدأ (3) كلمة المساواة بين المواطنين، والمساواة المطلقة بين الرجال والنساء…
– والصواب هو المساواة بين المواطنين ، والعدل بين الذكور والإناث، لأن المساواة تتعلق بمفهوم الإنسانية والمواطنة ا في المجتمع أمام القانون، والاختلاف النوعي والوظيفة بين الذكور والإناث يقتضي نفي المساواة بينهما في الحياة المعيشية وتطبيق العدل عليهما كل حسب كفاءته وقدراته…فالمواطنون سواء بالمواطنة ومختلفون بالفاعلية، والذكور والإناث سواء بالإنسانية ومختلفون بالنوع.
– وينبغي استبدال المقولة( الدين لله والوطن للجميع) بمقولة : الدين للناس والوطن للشعب ، لضبط المقولة وعدم فهمها بشكل خطأ.
2- المبدأ(4) حذف كلمة ( الرعاية) لأنها متعلقة بالأنعام وهي لمصلحة الراعي وليس الرعية، ( كلوا وارعوا أنعامكم )، واستخدام كلمة( العناية ) بدلها لأنها موجهة لمصلحة المعتنى به.
-حذف كلمة( جسد الشعب) لأن كلمة( جسد) تستخدم للميت والجماد ،واستخدام بدلها كلمة (جسم الشعب) لأنها تدل على الحياة والتماسك.
3- المبدأ(7) سورية هي جزء من الوطن العربي. استبدالها بجملة: الشعب السوري جزء من الأمة العربية، وليس من الضرورة أن يصير وحدة ولكن لابد من التنسيق والتعاون بين الدولة ذات الانتماء التاريخي الواحد
اضف تعليقا