محور الوصية

 مقام الذكور الاجتماعي، ومحور الميراث مقام النساء

لقد بينا فيما سبق أن جملة {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} (النساء11)، لا علاقة لها بالميراث وإنما هي جملة تتعلق بالوصية بصريح العبارة (يوصيكم).

والوصية هي حق الشخص وفعل له قبل الموت، وفي حال توفي ولم يوص، يأتي دور الميراث وهو حكم الله فريضة لا علاقة للمتوفى به ولا داعي لأن توصيه لأنه لا يتدخل بالقسمة وتحديد الأنصبة، وإنما له الوصية في حياته فقط، فإن لم يوص انتهى دوره، وسياق الميراث استخدم كلمة النساء التي هي مقابل الرجال، ولم يستخدم كلمة الإناث في الميراث.

(فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ) (النساء11)

و(وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالًا وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) (النساء176)

{لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا} (النساء7)

وهذا يوصلنا إلى أن محور الوصية  يقوم على مقام الذكورة الاجتماعي للأولاد وهو حظ؛ عطاء ودعم وتمويل، وليس على مقام الرجال أو النوع التناسلي، ومحور الميراث يقوم على مقام النساء الذي  يقابله مقام الرجال، وهو قسمة ونصيب وفريضة من الله،  ولا علاقة للنوع التناسلي في الميراث.

وبذلك الفهم تعلق الميراث بمقام النساء التي تدل على التأخر الاقتصادي والحاجة  وتابعيتهم في معيشتهم لغيرهم بصرف النظر عن عمر الأولاد بالغين أو أطفال، وبصرف النظر عن نوعهم ذكورًا أو إناثًا أو خنثى أو متحولين جنسيًّا، وبصرف النظر عن وضعهم الاجتماعي متزوجين أو عازبين أو مطلقين أو أرامل أو مرضى…إلخ، فكل هذه الأصناف يشملهم مفهوم كلمة النساء.

ويكون مفهوم الرجال هو مقام رجولة ويتعلق بالأولاد ذكورًا أو إناثًا الذين بلغوا جنسيًّا أو وصلوا سن البلوغ وإلى سن الرشد وصاروا أصحاب قرار واستقلوا اقتصاديًّا وقادرين على المعيشة وحدهم ومستغنين بذاتهم.