فتوى ابن تيمية في العلويين تاريخية سياسية

إن ابن تيمية ليس مصدراً تشريعياً ، وكلامه ليس وحياً من الله ، ولايوجد في الإسلام مرجعية للفتوى أصلاً، ها هو القرءان يقول : {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاء قُلِ اللّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ }النساء127، فالفتوى لاتكون في الإسلام إلا لله، وما سواه هو رأي ليس إلا وغير ملزم للسائل الذي ينبغي أن يكون عاقلاً واعياً حراً يطالب بالبرهان لصواب المسألة التي يسأل عنها{وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }البقرة111.

ونحن الآن لسنا بصدد نقاش أو دراسة معطيات أو سبب رأي ابن تيمية في العلويين حينئذ ، وهل هو مصيب أم مخطئ ، فالأمر متعلق بالواقع الزمكاني، والإيمان والكفر لا يورثان للأبناء.

لذا؛ ينبغي عدم استحضار رأي ابن تيمية في العلويين أو غيرهم لأنه رأي تاريخي سياسي انتهت معطياته، وموضوع الكفر والكافر في الثقافة الإسلامية يستخدم لتجييش المسلمين ضد أعدائهم حتى ولو كان العدو مسلماً فيصفونه بالكفر ، وهذا الحكم بالكفر ليس دينياً وإنما حكم سياسي ليس إلا.

فينبغي على المسلمين الذي يتبعون ابن تيمية أن ينتبهوا إلى هذه المسألة الهامة، وليعلموا أن الإتباع هو للنبيين وليس لغيرهم، وللقرءان وليس لرأي زيد أو عبيد كائن من كان، وعدم سحب الآراء التاريخية أو الأحداث إلى زمننا هذا ، لأن لكل زمن دولة ورجال.

والعلويون وغيرهم من الطوائف هم جزء لايتجزء من نسيج المجتمع السوري لهم معتقداتهم الخاصة مثلهم مثل أي ملة لا ينتظرون من أحد أن يوافق عليها أو يرفضها فهذا شأن شخصي لهم محفوظ بأمر من الله {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ }البقرة256 ، وأمره: {وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً }الكهف29، فالحرية للجميع على حد سواء بالكفر أم بالإيمان، وليس لأي جهة حق بحساب جهة أخرى على عقيدتها أو تصوراتها{لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ }آل عمران128، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ }الغاشية26، العلاقة بين المواطنين قائمة على التعايش الاجتماعي، والتماسك الوطني، والنهضة بالبلاد والعباد وفق محور القيم والأخلاق على سلم الحريات والعدالة الاجتماعية.

الدين لله ، والوطن للجميع.

المحبة للجميع ولا إكراه لأحد.

لاتزر وازرة وزر أخرى وأن ليس للإنسان إلا ما سعى.

أنت حر بعبادتك وتصورك للوجود، ولكن ليس حراً بإجرامك الاجتماعي.

اعبد من شئت ولكن كن صادقاً أميناً في حركتك الاجتماعية.

النهضة بالبلاد لاعلاقة لها بتصوراتك الذهنية العقيدية.

العلم والأخلاق أساس للنهضة والعمران، تعايش ، تماسك ، نهضة