تعليقات على كتاب
“القصص القرآني”(1) للشحرور
السلام عليكم
أرجو أن تكون بخير وعافية وبعد
هذه مجموعة تعليقات ونقد لأمور تفصيلية لضبط الأفكار والاصطلاحات
1-ص 32 :مفهوم الجهل والأُمِّيّة.
–كلمة جهل لا تعني عدم المعرفة أو العلم، وإنما تعني صدور السلوك من إنسان دون ضوابط علمية أو تشريعية سواء أكان عنده علم أم لم يكن. فالجاهلية مرتبطة بالسلوك لا بالعقل أو العلم.
انظر قوله: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ }المائدة50
{وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً }الأحزاب33
{أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِّن دُونِ النِّسَاء بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ }النمل55
ونستخدم كلمة الجاهلية في حياتنا المعيشية بهذا المعنى، انظر لقولنا إذا بلغ الرجل سن الأربعين وبدأ يتصرف بشكل غير مسؤول أو لائق نقول: جهلنة الأربعين!. راجع دلالة كلمة (جاهلية) في كتابي ” علمية اللسان العربي”.
- كلمة أُميِّ ربطوها بعدم المعرفة أو العلم بالشيء لأنها أتت في النص القرآني بسياق واحد مع كلمة العلم نحو: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ }البقرة78، فعندما تم نفي العلم بالكتاب مع إثبات صفة الأمية لهم ظنوا أن الأمية تعني عدم العلم بالشيء.
- وكذلك عندما أتت كلمة الأمية بسياق واحد مع الذين أوتوا الكتاب بقوله:
{وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ }آل عمران20، ظنوا أنها مفهوم يقابل أهل الكتاب أو الذين أوتوا الكتاب.
وعندما أَتوا للنص القرآني{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ }الأعراف157، وشاهدوا أن الله يصف نبيه بالأمية، والنبي هو عالم بالضرورة، اضطروا لتحديد عدم العلم بتلاوة المخطوط أو نسخه فقط، وفاتهم أن صفة الأمية مدح للنبي وليس ذماً أو إنقاصاً له، ونفي تلاوة الخط أو نسخه موجود في نص آخر ، انظر قوله: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ }العنكبوت48، فالنبي عندما نزل عليه القرآن صار يتلوه من صدره دون صحيفة انظر قوله: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }الجمعة2، فما هو الشيء الذي نفاه الله عن نبيه في النص السابق قبل تلاوة النص القرآني؟ لقد نفى عنه تلاوة أي نص مقدس من أي كتاب سماوي أو غيره أثناء حياته المعيشية بين قومه لا من صحيفة ولا من ذاكرته، وكذلك نفى عنه عملية الاهتمام بخط أي نص بيده أو بيد غيره إذاً لارتاب المبطلون.
بمعنى أن النبي قبل نزول القرآن لم يظهر عليه أي اهتمام بتلاوة أي نص ديني أو مقدس موجود عند الناس، وكذلك لم يُبدي أي اهتمام بخط أو جمع هذه النصوص لا بيده ولا بيد غيره من جماعته أو أصدقائه، وهذا الأمر معروف في مجتمعه لصغر المجتمع الذي ينتمي إليه، ولكن بعد نزول القرآن صار عنده اهتمام بتلاوة النص القرآني من ذاكرته، وجمعه وخطه بواسطة أصحابه أو أصدقائه أو أتباعه مع الإشراف على تلك العملية.
فكلمة الأمية لا علاقة لها بعدم المعرفة أو العلم، وكذلك ليست مفهوماً يقابل أهل الكتاب أو الذين أوتوا الكتاب.
فماذا تعني كلمة أُمِّيـَّة؟
أم : الأصل والمرجع والجماعة والدين. انظر ابن فارس مقاييس اللغة.
أ: الهمزة صوت تابع لصوت المد ( آ) بشكل مصغر، وهو يدل على ظهور زمكاني خفيف متوقف.
م : صوت يدل على جمع متصل.
وبجمع الصوتين مع بعضهما بهذا الترتيب (أُم) التي تدل على ظهور الشيء مكانياً منضم على نفسه ممتد زمانياً بجمع متصل لا ينقطع. ومن هذا المفهوم الفيزيائي ظهر استخدام صور الكلمة في الحياة المعيشية ثقافياً.
الأم: المرأة التي تحتضن الصغير وتعتني به تربية وتعليماً وحباً وعاطفة. لاحظ شدة العلاقة والاتصال الدائم بينهما.
الإمام : الإنسان الذي يقود الناس، ويرجعون إليه في شؤون أمورهم. انظر إمام الصلاة، إمام العلم…
أم القرى: الأصل والمركز التي يتبعها القرى الأخرى.
الأمة: مجموعة من الناس يتحركون وفق منظومة واحدة تشدهم لبعضهم بعضاً.
فعندما وصف النص القرآني النبي أنه أمي قصد به النبي الأصيل الفطري الجامع للناس كلهم إضافة لانتسابه إلى أم القرى. وكلمة الفطري لا تعني أن الإنسان خال من أي شيء اكتسابي ومنها التلاوة للمخطوط أو نسخه، وإنما تعني أن هذا الإنسان مازال طاهراً أصيلاً، وأي شيء اكتسبه بعد ذلك إنما وفق أصالته وطهارته لم تَفسد فطرته، انظر لصفة النبي إبراهيم ،{ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً }البقرة124،{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }النحل120، فكلا النبيين لهما صفة الأمية، بخلاف النبي لوط أو نوح …… .
أما وصف قوم النبي بالأميين بقوله: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ }الجمعة2،{وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولاً يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ }القصص59، فقوم النبي هم الجماعة المقيمة في أم القرى، وبالتالي هم أميين نسبة لها، كنسبة أي قوم لبلدهم مثل : الشاميين ، والمصريين…
إذاً؛ لا علاقة لصفة الأمية بعدم معرفة تلاوة المخطوط أو نسخه، فالإنسان يمكن أن يكون أمياً وهو يتقن الخط وتلاوته، وقد يكون عالماً، ويمكن أن ينتفي عنه صفة الأمية رغم أنه لا يتقن الخط وتلاوته !.
فصفة الأُمِّية لنبينا محمد صفة مدح وعظمة لأنها تدل على الأصالة والنقاء والطهارة والجامع والمرجع للناس في أمور حياتهم غير أنه ينتسب إلى أم القرى، وأضف لها صفة الخاتمية، فهو أم الأنبياء وبُعث في أم القرى، وبعث في الأميين.
لذا؛ ينبغي عدم استخدام كلمة الأمي للإنسان الذي لا يعرف تلاوة المخطوط أو رسمه، واستبدالها بكلمة (لا يعرف)، وكذلك لا يصح استخدام كلمة جاهل عليه لأنها تدل على نفي الأخلاق عنه، وعلى عدم الالتزام بالقيم .
2- ص 38- 41: في الحاشية رقم 6: استخدامك لكلمة العرب للذم والنقص تأثراً بالجابري، وما نُسب لابن خلدون في مقدمته التي وقع فيها التحريف والتزوير، و قول أحمد أمين في كتابه فجر الإسلام الذي نقل ذلك عن ابن خلدون مقلداً.
– فقولهم جميعاً قاصراً ومتحاملاً على المجتمع العربي. لذا، نجد إنهم اعتمدوا على شريحة البدو أو سكان الجزيرة العربية حينئذ بعد تخلفهم وغياب الحضارة عنهم، أليس الكنعانيون والفينيقيون من العرب؟ أليس الأقباط من العرب؟ هل هؤلاء بدو أو بليدين وأغبياء!؟. مَن اكتشف الأبجدية ونقلها إلى العالم الغربي؟ مَن الذين كان يمخر سفنهم البحر المتوسط؟ ماذا كان اسم البحر المتوسط سابقاً؟. ……
ألم يعترف بعض علماء الغرب المخلصون للحقيقة أن العرب هم أساتذة الغرب، وأساس للنهضة والحضارة التي ظهرت في الغرب.
فالتقليل من شأن العرب واحتقارهم هو مقصد يهودي، وقد نجحوا بذلك نجاحاً منقطع النظير لأنهم جعلوا العرب أنفسهم يصدقون ذلك!. ويَعرضون العربي في الإعلام الغربي أنه رجل بليد وغليظ، وإرهابي، وسكير عربيد، وشهواني يحتقر المرأة!!. هل هذا هو العربي في التاريخ والحاضر؟ مَن صنع الحضارات ونهض في الإنسانية حتى وصلت إلى ما وصلت إليه؟ أليس قيمة الشجرة ببذرتها!؟.
انظر لسان العرب مادة عرب. يقول : إذا قيل للأعرابي يا عربي هش وبش، وإذا قيل للعربي يا أعرابي غضب!!. وانظر لاستخدام القرآن لكلمة (عرب) {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ }يوسف2.
راجع شرح مفهوم كلمة العرب بين الفطرة والقومية، والفرق بين كلمة العرب والأعراب في كتابي ” علمية اللسان العربي”.
3- ص58: وبالرغم من أن التنزيل لم يتطرق إلى تبيان علاقة العرب بأهل الكتاب.
– أليس أهل الكتاب من العرب؟ ألا يوجد مسيحيين عرب في بلاد الشام حينئذ، وكذلك اليهود الموجودين في المدينة واليمن!.
والسؤال الأهم هل كلمة ( عرب) تدل على قومية!؟. راجع استخدام كلمة ( عرب) في القرءان؟
4- ص 63 -73 وغيرها: قولك: الرسالة الخاتمة.
– مفهوم الخاتمية يتعلق بالنبوة، ومفهوم الكمال يتعلق بالرسالة، لأن الأمر المختوم لا يمكن التعامل معه إلا بفك ختمه، وبالتالي تغير بنيته، بينما الأمر الكامل تتعامل معه وَفق كلياته وعمومه دون تغير كماله.( الثابت والمتغير).
انظر إلى قوله: {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ }الأحزاب40
{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً }المائدة3
5- ص69 :قولك: يهودي الديانة سابقاً.
– والصواب أن اليهودية ملة وليست ديناً، ويوجد فرق بين دلالة كلمة(هاد)، وكلمة( هود).
راجع كتابي” اليهودية انغلاق فكري وإرهاب اجتماعي”.
6- ص 73-74: قولك: مرحلة التراكم بالرسالة المحمدية.
– لايصح نسبة الرسالة الإسلامية إلى شخص النبي محمد، ولو كان ذلك على سبيل المجاز . لأن هذا المفهوم خطير ويستغله الذي يريد أن يصيد في الماء العكر. فالرسالة ربانية المصدر، وإسلامية الاسم والهوية، و الرسالة التي نزلت في القرآن هي الجامعة والمكملة لكل المراحل السابقة، وبالتالي فليست هي رسالة محمد أو غيره من الأنبياء، إنها رسالة الله للناس.
7- ص 74: قولك : الرهان الرباني.
– لا يصح استخدام هذه الكلمة على الله قط، ولو على سبيل المجاز أو التساهل .
8- ص 78: قولك: مع بني إسرائيل وتبيان الحَيف الذي وقع عليهم……….مطية لطبع صورة حيوانية عن اليهود…..
-أولا ينبغي أن تفرق بين بني إسرائيل، واليهود.
– بنو إسرائيل نسب وبنوة، وهم من القبائل العربية وتداخلوا مع ذرية الأنبياء من نوح وإبراهيم وولديه إسحاق وإسماعيل ليشكلوا المجتمع العربي الذي يعيش في شبه الجزيرة العربية ومنهم من هاجر إلى مختلف بقاع الأرض، فنجد منهم مَن تهود أو تنصر، أو أسلم.
– اليهود ملة ومنهج في التعامل مع الحياة والناس يقوم على الانغلاق والعدوانية ورفض الآخر، وهم موجودين في كل الملل كفيروس سرطاني، فما أكثر اليهود بين أظهرنا من العرب والمسلمين.
واليهود ليسوا أتباع موسى، ولا أتباع أي نبي غيره، وما هو موجود الآن إنما هو تحريف وتزوير للتاريخ والحقائق، والكيان الغاصب في فلسطين هو كيان يهودي لا علاقة له بمفهوم بني إسرائيل، فهم شرزمة تجمعت من أصقاع الأرض، وانتحلوا تاريخنا واغتصبوا أرضنا، ونسبوا أنفسهم إلى أعرق وأشرف الأنساب النبي إبراهيم عن طريق يعقوب بعد أن أطلقوا عليه اسم إسرائيل زوراً وافتراء.
راجع كتابي” اليهودية”، وكتاب ” سرقة وتحريف تراث الأمة”، وكتاب ” نداء السراة اختطاف جغرافية الأنبياء” وكلاهما من نشر جمعية التجديد الثقافية.
9- ص 79: قولك:وصلت البشرية إلى مرحلة الرشد.
– والصواب : وصلت الإنسانية إلى بدء مرحلة الرشد.
10- ص 79: إن الرهان على الإنسانية بتمكنها من تحقيق الخلافة دون حاجة إلى الأنبياء وإلى رسالات بعد بلوغها مرحلة الرشد، لم يكن رهاناً خاسراً.
– هذا الكلام غامض، ويمكن أن يستغله من يريد أن يصيد في الماء العكر. قولك لم تعد الإنسانية بحاجة لبعثة النبيين بعد وصولها إلى بدء الرشد كلام صواب لا غبار عليه، ولكن عطفك على ذلك جملة: وإلى رسالات. يمكن أن يُسبب إشكال كبير ويقول قائل :إن الشحرور يقول:لم يعد يوجد حاجة الآن للرسالة الإسلامية الكاملة لأن الإنسانية وصلت إلى بدء الرشد. ولن يفهم أنك تقصد نزول رسالات جديدة، لأن الرسالة الكاملة جامعة، والإنسانية تستطيع أن تتعامل معها بوعي وعلم لأنها وصلت إلى بدء الرشد. ومثل ذلك كمثل اليتامى إذا وصلوا إلى سن الرشد وتم رفع الوصاية عنهم، وهذا لا يعني نبذ القيم والمفاهيم التي تعلموها وتربوا عليها، وإنما يعني إعطاءهم دورهم للقيام بمقام الخلافة وفق الرسالة الجامعة الكاملة على محور الثابت والمتغير، ويصيرون مسؤولين عن أنفسهم.
11- ص 79:,إننا نرى خير دليل على ذلك ما أحدثه الغرب من تطور ورقي حضاري دون حاجة إلى علماء الدين أو وصاية دينية……
– وهذا الكلام أيضاً مرتبط بكلامك السابق وينطبق عليه ذات الكلام من حيث الغموض.
الدين عنصر هام وأساسي لنهضة الإنسان كما هو معروف.
والعرب المسلمون عندما حملوا الدين الإسلامي نهضوا بأنفسهم وساعدوا الإنسانية في الحصول على النهضة. ولايوجد تناقض بين الدين والنهضة ، ولا بين الدين والدولة، بخلاف كلامك يمكن أن يفهم أحد منه أنك ضد الدين ، وأنك تدعوا إلى انكماشه عن الحياة ، ويمكن للنهضة أن تصير دون دين.
مع العلم أنك عندما تطرقت لمفهوم فصل الدين عن الدولة في غير هذا الكتاب قلت: أن الدين قيم وأخلاق ولا يمكن لدولة أن تقوم دون قيم وأخلاق.
مع العلم أنك ذكرت بعد ذلك رأيك واضحاً في ص 80 بقولك:ولابد من تقديم منهج تشريعي، وهو من النور الذي اكتمل بالرسالة الخاتمة ( الكاملة).
12- ص83: قولك: طبيعة العقل العربي…..
– الأصوب أن تقول: العقل التكويني أوالثقافي لسكان الجزيرة العربية حينئذ. لأن الإنسان مطلوب أن يكون عقله عربياً.
راجع مفهوم “كلمة العربية بين الفطرة والقومية” من كتابي علمية اللسان العربي.
13- ص 83: قولك: للتصور الإسرائيلي للتاريخ…
– والصواب للتصور اليهودي للتاريخ والقصص.
14- ص 84 -85 -86 : استخدامك لكلمة( الإسرائيليات).
– والأصوب كلمة( اليهوديات ).
15- ص93: قولك: في كتب الديانتين اليهودية والمسيحية….
– الصواب: في كتب الملتين اليهودية والمسيحية.
16- ص 96: نقلك لعبارة ابن خلدون في ذم العرب و هم بدو وأميين…..
– فهذا النص يضع العرب مقابل أهل الكتاب، رغم أن أهل الكتاب من العرب!!!، غير أن هذا النص عن ابن خلدون من التحريفات التي أدخلت في مقدمته.
17- ص107 : قولك : وإن افترضنا مصدره الإلهي…..
– النص القرآني إما أن يكون إلهياً أو لا يكون، فما ينبغي استخدام هذه الكلمة (افترضنا) ولو مجازاً.
18- ص 110:قولك: كآيات أحكام الجزية وأحكام الرق وملك اليمين..
– لا يصح استخدام كلمة (الرق) لأن الشارع لم يتناولها قط، غير أن الاستعباد ظلم وطغيان محرم فطرة وضرورة، ومن هذا الوجه لم يأت نص يتعلق في تحريم الرق لأن الحرية فطرة، والشارع لا يتناول الأمور المتعلقة بالفطرة نحو كراهية الإنسان أكل لحم أخيه ميتاً، ومع ذلك فالرق إن وُجد نتيجة الظلم والطغيان يندرج تحت أحكام ملك اليمين.راجع كتابك” الإسلام والإيمان” الطبعة الأولى ص 154
19- ص 123-124 :قولك:لذلك وجدنا أن سورة التوبة مثلاً والتي تعتبر معيناً خصباً للفرز العقائدي وتصفية الآخر بتسجيل لما دار من أحداث في القصص المحمدي فلا أحكام فيها ولا تشريعات بل هو مجرد نقل غير مباشر لأجواء….لا ينبغي أن نفسر كل ما عداه في ظلاله.
– لقد ذكرت حضرتك في كتابك الأول”الكتاب والقرآن” إن القصص من مادة النص القرآني، وهي حق كنبأ حصل وانتهى، ولا يوجد في النص القرآني تشريعات. وكذلك ما ينبغي أن يأتي توجيهات متعلقة به، وهذا يقتضي أن يأتي النص القرآني والقصص بالذات بصيغة الخبر؛ لا بصيغة الطلب أو الإنشاء!، مع العلم أنه يمكن أن يأتي الأمر أو النهي بصيغة الخبر. اقرأ السورة كاملة من جديد إذا سمحت!. وانظر إلى هذه الآيات مثلاً:
أ- {قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }التوبة29، لاحظ كلمة (قاتلوا) وليس اقتلوا!!.
ب- {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ }التوبة36
ج- {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة60
د- {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }التوبة119
والقصص المحمدي ليست مثل قصص الأنبياء السابقة، لأن النبي محمد هو النبي الخاتم، ونحن مأمورين أن نتبعه ونتخذه أسوة حسنة، وكذلك الأنبياء السابقين؛ أَمر الله أن نتبعهم منهجاً انظر قوله تعالى: {أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ }الأنعام90، {وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ }البقرة130، {قُلْ صَدَقَ اللّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }آل عمران95 ، والنصوص التي نزلت لتعالج الأحداث التي جرت مع النبي محمد وفي زمنه، هي تشريعات وأحكام لأمته فيما بعد لأن رسالته كاملة ومستمرة إلى يوم الدين، ولو كان الأمر كما تقول لكان ينبغي أن تصاغ الأحداث بصيغة الخبر، ويتم حذف كل التفاصيل التي لا علاقة للأمة بها فيما بعد، ونصوص الرسالة التي نزلت بصيغة متعلقة بأحداث معروف عند علماء الأصول أن العبرة بعموم اللفظ لا بمتعلق الحدث، ويؤخذ الحكم منها فقط.
إن هذا الفهم لآيات القتال في سورة التوبة ليس أحسن من الذين قالوا: إن آية السيف نسخت آيات السلم والحرية!!، فقد نسخت بقولك هذا آيات أحكام القتال، وسواء صرحت أم لم تصرح فالواقع كذلك، هو نسخ بالعكس، وهذا ردة فعل متطرف.
والصواب أن الموضوعين لم يُنسخا، وآيات السلم والحرية أصل، وآيات القتال ظرفية، ولكل منهما حقل ومجال.
ولقد ذكرت ذلك في تعليقي على كتاب “الإرهاب” في الورقة التي أرسلتها لك نقطة 24: صفحة 63 من كتابك الإرهاب: آيات القتال، وعدم الإكراه، كلها من الرسالة، فمفهوم عدم الإكراه أصل، والقتال استثناء و ظرف خاص وهو دفاعي أو استباقي فقط، واختيار للمؤمنين وهم كارهون له ليس من ثقافتهم، وأنت تعلم دلالة كلمة (قتال) وأنها علاقة بين اثنين متبادلة ضرورة، ولو كانت من طرف واحد لصارت ( اقتلوا)، وهذه الكلمة لم تأت في القرآ ن متعلقة بالآخرين إلا بسياق القتال، الذي يدل على أن الطرف الآخر بدأ بالعدوان وشن الحرب على المسلمين!!.راجع بحثي( مسودة المشروع الثقافي الراشدي، محاضرة الإرهاب إيدز العصر).
20- ص147 :قولك: نسبة الديانات إلى النبي إبراهيم.
– لايوجد ديانات، وإنما يوجد ملل.
21- ص155 : قولك: إن علم الله يقيني واحتمالي..
– علم الله نوعين:
الأول علم ذاتي وهو صفة إلهية غير متعلقة بالشيء، و لا نعلم عنها شيء رغم ثبوتها ضرورة ، وبالتالي لا يصح إطلاق عليها أي صفة مما يستخدمها الإنسان مثل العلم الرياضي أو غيره.
الثاني علم شيئي أو فعلي وهو العلم الذي يتعلق بوجود الشيء واستمراره. والقرءان تكلم عن هذا العلم. انظر إلى قوله: { وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ }الأنعام101، فالشيء المخلوق شيء معلوم، وعلم الله الشيئي نوعين متعلقين ببعضهما لاينفكان، وهما علم الله الشيئي المتعلق بالأمر السنني، وعلم الله الشيئي المتعلق بالخلق ( الوجود الموضوعي) {أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ }الأعراف54. فعلم الله الشيئي السنني يصح أن نطلق عليه وصف الرياضي أو الإحصائي، بينما علم الله الذاتي لا يصح أن نطلق عليه شيئاً أبداً.
وبناء على ذلك نقول: إن علم الله الشيئي يقيني دائماً حسب حركة الشيء على محور الثابت والمتغير. بمعنى أن الواقع المتغير والمتعدد الاحتمالات هو إرادة الله في الخلق، وبالتالي لا يصح نقاش مسألة تحديد أحد الاحتمالات في العلم لأن ذلك ينقض إرادة الله لصفة التغير والتعدد والاحتمالات للشيء!، فعلم الله الشيئي يقيني في الثابت، ويقيني في المتغير والمتعدد على احتمالية أوجهه لنفي تحديد شيء بعينه.
22- ص158 : قولك: لأننا لسنا بحاجة إلى رسل ……
– والصواب؛ لسنا بحاجة إلى أنبياء، لأن كل نبي رسول ضرورة والعكس غير صواب. واستمرار الرسل ضرورة لإقامة الحجة على الناس، وتحقيق العدل الإلهي. والرسل هم كل مَن قام بحمل الرسالة طوعاً بعد الأنبياء وتحقق ذلك بالعلماء والدعاة إلى يوم القيامة.انظر قوله: )يَابَنِي ءَادَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ءَايَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ( (سورة الأعراف: 36). لاحظ الخطاب عام لبني آدم، ولاحظ فعل (يأتينكم ويقصون) مضارع يدل على الاستمرار ، وهذا يؤكد استمرار الرسل دون النبيين لأن النبوة خُتمت ببعثة النبي محمد {مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }الأحزاب40.
23- ص160 : قولك: علم الله في الموجودات ليس علماً كيفياً وصفياً…….
– هذا صواب بالنسبة للعلم الإلهي الذاتي، وغير صواب بالنسبة لعلم الله الشيئي، لأنه يتعلق بكل شيء كماً وكيفاً ووصفاً، لا يغيب عنه شيء، وبالتالي منذ أن توجهت إرادة الله لخلق شجرة التفاح يعلم كل شيء متعلق بها منذ بذرتها إلى ثمارها، بل وحركة ذراتها!.
24- ص 183: قولك:…. أن نربط بين المعجزة وطبيعة النسق الثقافي…..
– غير صواب أن نستخدم كلمة معجزة لأن الله لم ينزل الآيات ليعجز أحد ، وإنما نزلها آيات وبراهين ليصل الناس من خلالها إلى الحق أو الصواب، وبالتالي هي آيات. انظر قوله: {وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلَى جَنَاحِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاء مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرَى }طه22.
والآيات مرتبطة بالمستوى العلمي وليس بالمستوى الثقافي.
25- ص185: قولك:…..جاءت من لوح محفوظ في كتاب مكنون…..بينما جاء القصص من إمام مبين..
– اللوح اسم لشيء لائح، وأصلها لاح التي تدل على الحركة اللازمة المؤرجحة المنضبطة باتساع. انظر إلى عملية التلويح باليد كيف تحقق بها المفهوم. وبناء على ذلك يكون لوح الله هو الكون ذاته، وهو محل كتابة كلماته، وهذا اللوح محفوظ بسننه من أيدي العابثين، والكتاب المكنون هو مجموعة السنن المستورة والمحفوظة التي تنظم حركة اللوح كله، وهذه السنن لا يمسها إلا المطهرون ، وهم العلماء أصحاب المنهج العلمي الطاهر من الخرافات والترهات، ويصلون إليها ويعلمونها من خلال الدراسة والسير في الأرض.
والإمام المبين هو المرجع أو المركز الذي يجمع صور الأحداث أو أصواتها، وذلك في داخل اللوح، أي بالوجود الكوني يتم جمع الصور والأصوات بصورة حية، اقرأ: {هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }الجاثية29. راجع كتابي” ظاهرة النص القرآني”.
26- ص 199: قولك: وأفعال الإنسان الواعية ليست مخلوقة….
– إن لإثبات حرية الإنسان أو حركة التاريخ غير مبرر للقول بوجود خالق آخر غير الله، انظر : {ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ }الأنعام102، فهل ينتفي عن أفعال الإنسان صفة الشيء؟ وخلق الله يكون من خلال توالد الأشياء وعلاقاتها مع بعض، فأفعال الإنسان الواعية تصدر بإرادته، ويستخدم بذلك القدرة التي منحها الله إياها وهي قائمة على التعدد والاحتمالية، والحساب لا يكون على إيجاد القانون لأن الله هو الذي وضعه، وإنما على استخدامه بأحد الاحتمالين الإيجابي أو السلبي، فالنار خاصيتها الإحراق، والحساب يكون على استخدامها بالخير أو بالشر، وفي النهاية نقول إن الله خالق كل شيء سواء الثابت أو المتغير، والحساب حق والحرية فطرة.
27- ص204 : قولك: أما كلمة أسطورة فهي تعريب للكلمة الإغريقية (إستوريا)…..
– هذا الكلام يُفهم منه أنك تقول بوجود كلمات أعجمية في القرآن، مع العلم أنك ترجعها بعد قليل إلى كلمة (سطر)!!.
28- ص283: قولك: فالإنسان مفهوم أصله من ناس ينوس.
– والصواب : الإنسان من أَنس يأنس فهو إنسان. وهي تدل على خلاف الوحشية والهمجية، والأنسنة مرحلة ارتقاء للبشر من عالم الهمجية والوحشية إلى عالم الأُنس؛ التي تدل على اللطافة والود والأمن في العلاقات، ومنه الاستئناس.
أما كلمة ناس ينوس نَوَساناً فهي أصل لكلمة ناس، والمعنى الذي ذكرته في كتابك تحت كلمة إنسان هو دلالة كلمة ناس. انظر “مقاييس اللغة”.
29- ص291: قولك: .. فالله رأى ذاته في الإنسان…
– إن هذا القول هو ترداد لمقولة الصوفية : إن الله كنز أحب أن يُعرف فخلق الخلق ليعرفوه. مع العلم أنك نفيت صفة العبث والملل والحاجة عن الله ، وبالتالي لا يملك أحد الجواب عن ذلك أبداً، لأنه أمر يخص الخالق، لاعلاقة له بالمخلوق .
30- ص293-296 -297 : (فإرادة الله تمت بأنه أغوى إبليس)……(وغواية الله لإبليس أن رفعه إلى درجة الملائكة…)
– هذا الكلام خطأ، لأن إرادة الله حتمية الوجود، وإذا كان الأمر كذلك فالله خدع إبليس بأنه حر ويملك إرادة، ولكن الواقع أنه مسير، واستخدمه الله لتحقيق مشروعه!.
النص القرآني لم يذكر أن الله أغوى إبليس، وإنما ذكر على لسان إبليس أنه قال: ربي بما أغويتني. وهذا الكلام هو حجة إبليس الباطلة ،ولا تمثل الحقيقة. لذا؛ من الخطأ القول :إن الله أغوى إبليس!!.
وكلمة غوى تدل على غياب منضم على ذاته مكانياً بامتداد مستمر. ولا يمكن أن يقوم الله بتغييب الحقيقة عن الإنسان، وإدخال الظلمة إلى نفسه!!. فمهمة الإغواء للشيطان فهو يُغوي( من الفعل الرباعي) والإنسان يَغوي( من الفعل الثلاثي). كما أن الله لم يرفع إبليس إلى مستوى الملائكة.
31- ص 294: قولك: أن نفهم الحوار بين الله وإبليس على أنه رمزي…
– الحوار لم يكن بين الله وإبليس، وإنما بين الرب المسؤول عن هذا الأمر وإبليس. انظر للضمائر وصيغتها بالجمع{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ }البقرة34
وبالتالي الحوار حقيقي وليس رمزياً!!.
32- ص294: قولك: الضلال غير مقصود…
– كلمة ضل تدل على اتخاذ القرار دون برهان أو التأكد من صوابه ، أو السير دون هداية، فهي تدل على عدم الحرص على البحث عن الحقيقة أو الصواب. انظر:
{وَوَجَدَكَ ضَالّاً فَهَدَى }الضحى7
{وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى}البقرة282، فضلال المرأة ليس نسياناً أو خطأً، وإنما التبس الأمر عليها ولم تستطع أن تتأكد من الحقيقة ودخل الشك في نفسها.
ويجب الانتباه إلى الفعل الرباعي (أضل يُضل إضلالاً. والفعل الثلاثي : ضل يَضل ضلالاً.
فالله أضل الكافر، والكافر ضل.وكذلك الهداية، فالله الهادي، والإنسان المهتدي.
33- ص299 : قولك: …وكانت هذه البداية والرمز في إبليس ، حيث لم يكن من الملائكة،وكان من مخلوقات مثل الإنسان وُجدت قبله من تركيب مادي يختلف عن تركيبة الإنسان…
– هذا الكلام عن إبليس وأنه رمز ، ومخلوق من غير تركيبة الإنسان غير دقيق وبحاجة إلى إعادة النظر والدراسة بشكل عميق، فكلمة الجن والشيطان والعفريت وإبليس كلها صفات وليست أجناس. والأمر يحتاج لتوضيح الفكرة وعرضها في غير هذا الموضع. وسوف أرفق كتاباً عن مفهوم الجن في القرآن مع هذه الورقة للإطلاع عليه، ويمكن أن تراجع كتابي ” دراسة إنسانية” فصل النفس ، ومحاضرة ألقيتها في مركز ثقافي في درعا مدينة الحراك بعنوان” مفهوم الجن في القرآن” وكلاهما أرسلتهما لك برفقة الرسالة هذه.
34- ص 300 :قولك: أن الوقوف عند ” وما منعك ألا تسجد” يبين لنا أن هذه إرادة الله تماماً..
– هذا الكلام يدل على أن الله خدع إبليس ، والمعصية كانت إرادة الله التي لاراد لها. انظر: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }يس82، فمعصية إبليس كونية.والأمر مهزلة!!!.
35- ص301: قولك: وهكذا نرى أن كل دعوات الأنبياء والرسل تدور حول الألوهية……وليس حول الربوبية..
– انظر إلى قوله تعالى: { أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ}غافر28
{قُلْ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِي رَبّاً وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ }الأنعام164،{فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى }النازعات24
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }البقرة21
فالربوبية أحد محاور دعوة الأنبياء.
36- ص302 : قولك: حيث التوبة موجودة عند الإنسان، وغير موجودة عند إبليس للضرورة..
– هذا الكلام بناء على الخطأ في فهم مفهوم الجن وإبليس وأنهما كائن آخر من غير البشر.
37- ص 311:قولك: …..وجاءت مجازاً عن آدم (لما خلقت بيدي) بمعنى أن الله له يد على الإنسان….
– أسلوب المجاز غير موجود في القرآن، والحوار ليس بين الله وإبليس، وإنما هو بين الرب المسؤول وإبليس.
38- ص312: قولك: وقد أخذ الإنسان الغرائز…….وهي حب البقاء والطعام والجنس…
– الطعام ليس غريزة وإنما هو حاجة عضوية،والجنس مظهر لغريزة النوع وليست غريزة بحد ذاتها.
39-ص313 : قولك: كل ما فعله إبليس وتأجيله……..كان ضرورة لوجود الحياة الإنسانية..
– هذا الكلام أيضاً نتيجة الخطأ السابق في فهم مسألة إبليس والجن.
40- ص 314 :قولك:يشرك به….هو الشرك التجسيدي…..
– الشرك به هو استخدام الله نفسه في التبرير لسلوكيات معينة نحو من يعد نفسه المتكلم عن الله وأنه ينوب عنه، أي استخدام الله أداة لقهر الناس وإضلالهم أو جعلهم يدخلون في الإسلام. والموضوع بحاجة إلى ضبط وشرح ليس هنا وضعه.
41- ص322: قولك: فقد سكت عن تحديد نوع الشجرة….
– القرءان لم يسكت عن تحديد الشجرة، انظر قوله: {وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي القُرْآنِ }الإسراء60، وهذه الشجرة حسب جذرها هي علاقات متشابكة مع بعضها، والشجرة الملعونة هي العلاقات القائمة على الكفر والظلم المتمثلة بشجرة اليهود، وسابقاً بشجرة إبليس. راجع كتابي” القرآن بين اللغة والواقع” والشجرة التي نهى الرب آدم عن الأكل منها هي بمعنى إنشاء علاقات مع مجتمع إبليس، وخاصة أن فعل (أكل) هو مجرد تناول الشيء، وليس بالضرورة أن يكون طعاماً. انظر لأكل مال اليتيم.
42- ص 334 : قولك: فضميره كان ناضجاً أكثر من قابيل…
– هذا الكلام تم صياغته من فهم ( تبوء بإثمي وإثمك) ، والإثم الذي قصده المقتول إنما هو النزول إلى مستوى القاتل وعقد النية على القتل، وبالتالي صار مثله تماماً، فقال له أريد أن تحتفظ بنية القتل وفعله أنت فقط، وتصير قاتلاً.
فالضمير موجود منذ البداية لأنه نتيجة منظومة أخلاقية وقيم غير قابلة للتطور.وينبغي أن تتقيد بالأسماء التي ذكرها القرآن، ولا تستخدم قابيل وهابيل، لأن الاسم له دلالة، عدا أنهما من اليهوديات.
وتقبل تحيات ومودتي
سامر إسلامبولي
دمشق 6\4\2010
اضف تعليقا