جواب عن أسئلة وجوب الصيام على الحائض دون الصلاة

سم الله الرحمن الرحيم

جواب عن أسئلة وجوب الصيام على الحائض دون الصلاة

الأخوة والأخوات, لقد تفضل الأستاذ سامر إسلامبولي مشكوراً بالإجابة على جميع الأسئلة التي كانت حصيلة هذا الموضوع الشائك وأود أن أشكره شخصياً بالنيابة عن الرواق على مجهوده ووقته الثمين. أعرف جيداً إن هناك اختلافاً في وجهات النظر, وأن تلك الإجابات لن يتفق معها الجميع, وقد قرأت الإجابات التي أدلى بها الأستاذ سامر, وأرجو من الجميع أن يتقبلوا الاختلاف في وجهات النظر وفى فهم وتفسير آيات الذكر الحكيم, كما أطلب من الجميع وأرجو عدم معاودة نفس الأسئلة أو نفس النقاط فى حالة الاختلاف فلن يغير ذلك من أي وجهة نظر فيما بعد. إذا كانت هناك متابعة لسؤال, فأرجو أن تكون بمفهوم المتابعة وليس بمفهوم التكرار لنفس السؤال, فلا نريد أن نضيع الوقت فيما لا طائل منه. وأشكر الجميع على تفهمه.

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

فقد عرض علي الأستاذ “فوزي فراج” القيام بالإجابة على الأسئلة ،وخاصة أنها متعلقة بمقال قد كتبته سابقاً ،ومع اختلافي مع وجهة نظر الدكتور” أحمد منصور” ، وتوجه الأسئلة له شخصياً ، قبلت ذلك ، وسأحاول أن أقوم بذلك على أحسن وجه وأبسط عبارة . وفي النهاية ما أذكره هو رأي شخصي ارتأيته صواباً يحتمل الخطأ . والله الموفق .

الأخت “آية الله” المحترمة لقد وجهت أسئلتك بصورة مباشرة للدكتور ، ومن هنا تكمن صعوبة الجواب عنها ! لذا سأجاوب عليها من وجهة نظري أنا.

س 1- – ما الفرق بين الغائط والحيض في وجهة نظر الدكتور صبحي؟ ولماذا الغسل من الغائط وإهمال الحيض في وجهة نظر الدكتور صبحي؟ هل الدكتور صبحي لا يؤمن بالاستنباط وربط الآيات ببعضها؟ ما الفرق بين طهارة الحيض وطهارة الجنابة أو الغائط؟

ج أ- الفرق بين الغائط ودم المحيض ؟

عملية التغوط : هي قضاء حاجة بصورة إرادية متوقفة لطرح الفضلات، ولا يتفاعل الجسم كله مع هذه العملية، ويكفي أن يغسل الإنسان مكان خروج الفضلات وينتهي الوضع .

عملية المحيض : هي عملية فيزيولوجية يستعد جسم المرأة ويستنفر للقيام بعملية استقبال ماء الرجل، فإن لم يشرف ذلك الحيوان المنوي، يبكي عليه الجسم دماً ! بمعنى يتم هدم كل الاستعدادات وترحيلها بصورة مرحلية ، وأثناء عملية الهدم والترحيل لا يسمح لأحد من الدخول ، لتعرض المكان للأذى ، مع تعرض الزائر لبعض إصابته بشيء من مواد الهدم والترحيل، فإذا انتهى الهدم والترحيل وجب عملية الغسل لإزالة آثار الهدم والترحيل ، ويستعد المكان من جديد لاستقبال الضيف الوافد.

ج ب- الدكتور لم يقل بعدم غسل فرج المرأة بعد انتهاء نزول دم الحيض ! والغسل واجب بعد عملية التغوط لمكان خروج الفضلات ، وكذلك الغسل واجب بعد انتهاء وانقطاع نزول دم الحيض،  بل رجح الدكتور غسل الجسم كاملاً . انظري إلى فتوى الدكتور منصور : الطهارة من الحيض  [فإن معنى (لا تقربوهن حتى يطهرن) منع الاقتراب الجنسي الفعلي في المهبل إلى أن يتطهر المهبل . وتطهر المهبل لا يتأتى بوقف الحيض وإنما بالغسل .وللتأكيد على أن الفيصل هو الطهارة بالغسل تكررت الإشارة إلى الطهارة ليدل السياق على أن الطهارة ليست فعلاً سلبياً يعنى فقط توقف الحيض،  وإنما هي فعل ايجابي يشمل الغسل منه، وبدء مرحلة جديدة. الغسل هنا في رأيي ليس مجرد غسل المهبل وإنما اغتسال كامل لأن الحيض وإن كان ينزل من المهبل فقط إلا أنه يؤثر عموماً في المرأة نفسياً وجسدياً ، والاغتسال يخرج بها من تلك الحالة المرضية المؤقتة إلى حالتها العادية]. انتهى

ج ت- على حد علمي أن الدكتور يؤمن بالاستنباط وربط الآيات. ولكنه يميل إلى تغليب الوضوح والصراحة والتحديد من باب القاعدة التي تقول : [ الحرام يحتاج لنص يَنصُّ عليه]          [ والأصل في الأشياء الإباحة إلا النص] فلا يقبل بالتحريم اعتماداً على الاستنباط والاجتهاد ، وكذلك الوجوب.راجعي صفحة الفتاوى للدكتور فقد صرح عن رأيه بذلك أثناء معالجته لبعض المسائل . مع العلم أني أضيف للقاعدة جملة( أو ما دل عليه النص استنباطاً) وذلك فهماً من قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً }النساء83

ج ث- طهارة الحيض متعلقة بتوقف الدم وانقطاعه وغسل الفرج وتتبع أثر الدم كحد أدنى، أو الجسم كاملاً حتى يباح عملية الجماع .

ج ج- طهارة الجنابة : الغسل للجسم كاملاً شرط لإقامة الصلاة .

ج ح- أما التغوط : فلم يستخدم الشارع كلمة الطهارة له ، فنستخدم له كلمة الغسل لمكان خروج الفضلات (نظافة) وهو ناقض للوضوء .

س 2- ما الفرق بين “حتى يطهرن” و”إذا تطهرن”؟ لماذا لم يقل الله جل وعلا “وإذا طهرن” لتتماشى مع “يطهرن” واستخدم “تطهرن” ؟ يطهرن من الحيض – ويتطهرن بالاغتسال – هذا ما فهمته أنا وبالتالي لا صلاة للحائض حتى تتطهر بالغسل.

ج أ – يَطْهرُنَ : فعل يدل على حدوث الشيء وحده .

يتطهرن : فعل يدل على قيام الإنسان بعملية التطهر . ودخول التاء على الفعل تعطيه جهداً وتسمى تاء الجهد .

ج ب-لم يقل الله عز وجل ( فإذا طهرن ) بعد ( حتى يطهرن ) لأن جملة ( حتى يطهرن ) تم المعنى فيها ولا حاجة لذكر صيغة ( فإذا طهرن ) لأنها حشو وعبث ! وعندما استخدم جملة [ فإذا تطهرن ] دل على طلب حدوث فعل التطهير من المرأة ذاتها وجوباً وذلك بدلالة حرف (إذا) الذي يدل على حتمية حصول ما يذكر بعده . وبالتالي أنا أرى أن فهمك صواب ، الذي لخصيته بقولك [ يطهرن من الحيض – ويتطهرن بالاغتسال ] .

   أسئلة الأخ “دادي” المحترم

لقد اشتهر في التراث أن الحائض يجب عليها أن تترك الصلاة والصيام أيام حيضها وذلك لاعتمادهم على روايات حديثية لعل من أشهرها ما ورد في البخاري ومسلم من رواية تذكر : [ أن النساء ناقصات عقل ودين ] وتم سؤال النبي عن ذلك فقال : [ أما نقصان عقلها فلأن شهادة امرأتين بشهادة رجل ، ونقصان دينها لتركها الصلاة والصوم أثناء حيضها ] . وهذا الحديث مردود دراية لبطلان متنه .

  3 ـ أنت ترد هذه الأحاديث لبطلان متنها، فإذا كانت هذه الأحاديث غير صحيحة فلماذا ترفضون صحتها بالنسبة للصوم؟ وتقبلون ما يخص الصلاة ؟.

ج3- نحن لم نعتمد على الأحاديث في إسقاط الصلاة عن المرأة الحائض، والموضوع قد تم قتله بحثاً في مقالي المعني والتعليقات والنقاشات التي جرت حوله ، وبالذات معك .فليراجع في مكانه.

س4– من الذي أسقط وحرم على الحائض الصلاة؟ حتى لا تقع في محظور شرعي ، وأين دليل اشتراط الشارع على الحائض ترك الصلاة حتى تطهر وتتطهر؟

ج 4- الذي أسقط الصلاة عن المرأة الحائض هو القرءان من خلال فهمي له . والدليل على إسقاط الصلاة عن الحائض ، هو شرط الطهارة للصلاة ، والحائض بالنص القرآني غير طاهرة في حالة ملابستها للمحيض ( نزول الدم ) وحتى تصير طاهرة مما هي فيه ( الحالة المادية ) ينبغي أن تَطهُرَ ، وذلك بتوقف وانقطاع نزول دم الحيض كلياً وبصورة نهائية ، وتقوم بعملية التطهير حسب العمل الذي تريد أن تفعله ، فإن كان الجماع فيكتفي بتطهر ( غسل ) مكان نزول الدم ، وإن كان فعل إقامة الصلاة فطهارتها هي الاغتسال الكامل للجسم ، بدليل أن الله عز وجل قد استخدم كلمة الطهارة للصلاة بصورة الاغتسال للجسم ، وليس بغسل الأعضاء ( الوضوء ) بقوله تعالى [ وإن كنتم جنباً فاغتسلوا ] فالطهارة للصلاة هي الاغتسال من حالات أدت في الإنسان أن يجانب الصلاة . أما غسل الوجه والأطراف فلم يسمها الشارع طهارة ، وإنما استخدم كلمة ( الغسل ) [ إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا ] وتم الاصطلاح على هذا الفعل بكلمة ( الوضوء ).

س 5- عدم تكليف الحائض بقضاء الصلاة بعد طهرها فلأنه سبحانه لم يأمرها بترك الصلاة أثناء حيضها أم لكم ما تستدلون به لتثبتوا عكس ما نقول؟ وعليه فما دام ترك الصلاة غير وارد فمن البديهي أن قضاء الصلاة لا يمكن أن يكون وارداً.

ج 5- لا يوجد قضاء للصلاة أصلاً . وإنما يوجد أداء ، وهذا الأداء مرتبط بوقت كما هو معلوم . فمن حال بينه وبين أداء الصلاة عذراً خارج عن إرادته ، يقوم بأداء الصلاة حينما يزول هذا الحائل ، وقيامه بالصلاة يكون أداءً وليس قضاءً ، وهذا حكم خاص لصاحب العذر، نحو أن يستيقظ الإنسان بعد شروق الشمس فيقوم بأداء صلاة الفجر[ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ] . وهذا الحكم نسبي ومؤقت ضمن إمكانيات الإنسان ، ولا ينطبق على الإنسان إن دخل في حالة سُبات لمدة طويلة ( نوم أو فقدان للوعي ) سنة أو سنتان فإن صحي واستعاد وعيه لا يجب عليه أداء الصلوات السابقة ، وإنما يبدأ منذ وقت صحوته ووعيه .

-أما الحائض فقد أسقط الشارع عنها أداء الصلاة حينما اشترط لإقامة الصلاة الطهارة ، والحائض غير طاهرة ، وفقدانها للطهارة لم يكن بإرادتها ، وإنما هو شيء قد كتبه الله على النساء ، فهو عذر إلهي ، فمن الطبيعي أن يَسقُط الأمر الإلهي بالصلاة لوجود العذر الإلهي .

س 6- في أي عهد و متى تركت الحائض الصلاة و الصوم و من أمرها بذلك؟

ج 6- المسألة لا تدرس من الناحية التاريخية ، لأن التاريخ ليس مصدراً تشريعياً.

ومع ذلك بناء على الروايات الحديثة التي وصلت إلينا يبدو أن الأمر موجوداً منذ المجتمع الأول       ( مجتمع الصحابة ) وهذا لمن قبل بالروايات ، أما من لم يقبل بالروايات فالأمر غير معروف متى بدأت هذه الممارسة .

– ( أما من أمرها ) فقد ذكرنا أن ذلك بالأمر الإلهي في القرءان من خلال شرط الطهارة للصلاة .

س 7- هل يمكن للرسول أن يشرع بشيء من عنده، ولم يأمره الله تعالى في كتابه لتبليغه للناس ؟

ج 7- ما ينبغي للرسول أو لغيره أن يشرع شيئاً، فصفة التشريع الدائم لله عز وجل والتبليغ للأحكام قد حصل من خلال تبليغ التلاوة للنص القرآني كاملاً . انظر مثلاً لحرمة نكاح جدة الزوجة من طريق أبويها ( والدة الأب ، ووالدة الأم ) لم يأت نص بذكرها بالحرف ، وإنما أتى نص تضمن حكم تحريم الجدة وذلك بقوله [ وأمهات نسائكم ] فتم سحب التحريم لكل من علا من نسب المرأة ابتداءً من والدتها إلى جدتها من طرف والديها وأمهات جداتها وهكذا .

س 8- هل يعقل أن ينهى العليم الحكيم عباده اعتزال النساء في المحيض ( بعد أن سألوا رسوله عن المحيض) و يترك الله أمر الصلاة و عبادته لغيره ليفتي ويشرع فيها؟

ج8- نعم ! يمكن أن يعقل ذلك، وسؤال منطقي ،لأن الطهارة شرط للصلاة ، أما الجماع فلا يشترط له الطهارة عموماً ، ومن هذا الوجه ظهر السؤال وأتى الجواب : أن حالة المحيض بالنسبة للمرأة هي حالة غير طاهرة، وذلك بسبب الأذى الذي هو صفة لدم الحيض ، وبالتالي فمن يقترب منها في هذه الحالة يعرض نفسه للأذى . فيجب أن يعتزل عملية الجماع للمرأة في حالة المحيض حتى تَطْهُرَ ( انقطاع الدم ) وتتطهر ( غسل الفرج حد أدنى ) . واستمر مفهوم شرطية الطهارة للصلاة متداولاً ومعروفاً في ثقافة المجتمع الأول ، وبناء عليه كانت النساء الحِيَّض يتركن الصلاة .

س 9- هل من المعقول أن تترك المرأة عبادة ربها لعدة أيام دون أن تقيم الصلاة المكتوبة الموقوتة دون أن تستند إلى دليل قطعي تطمئن إليه؟

ج9- المرأة المسلمة هي في صلة دائمة مع الله عز وجل، ذِكراً وتأملاً وتدبراً وتعلماً ودعوة، وتعمل الخير، وتتواصل مع المجتمع تفاعلاً وفاعلية ، وملتزمة بكل ما أمر الله عز وجل من فعل للواجبات ، وترك للمحرمات ، واختيار للمباح . فالشارع قد أسقط عنها أداء الصلاة في فترة حيضها ، فهي بهذا العمل مطيعة لله عز وجل، ومأجورة ومطمئنة في نفسها أنها تفعل ذلك بناء على الأمر الإلهي الوارد في القرآن أولاً ، والذي تواتر تطبيقاً في الأمة ثانياً .

س10- هل يعقل أن ينهى الله تعالى السكران و المجنب من قرب الصلاة، حتى يعلم السكران ما يقول و المجنب حتى يغتسل أو يتيمَّم إذا تعذر وجود الماء، ولا يأمر الحائض بترك الصلاة حتى تطهر و تتطهر؟

ج 10- إن أسلوب القرآن في التشريع وصياغة الأحداث والمفاهيم يعتمد على فهم ودراية المُخاطَب،  فيعرض الله عن الحشو وذكر ما هو تحصيل حاصل ، أو التكرار غير المبرر، وما شابه ذلك، فالشارع عندما يقول [ولا تقل لهما أُفٍ] يفهم العاقل المخاطب أن النهي عن الضرب من باب أولى، ولا يقف جامداً على لفظ النص ، وينهال على والديه ضرباً دون أن يقول لهما أُفٍّ !. وهكذا مسألتنا تلك. انظر للحوار البسيط لتقريب الفكرة .

الرب : أيها الناس لا تقربوا الصلاة إلا وأنتم طاهرون !

الرجال : يا رب ما حكم جماع النساء في حالة المحيض !؟

الرب : هو أذى فاعتزلوا النساء حتى يَطْهرن فإذا تطهرن فأتوهن من المكان المخصص لذلك .         بعض النساء : أفهم من كلامك يا رب أن المرأة في حالة المحيض هي غير طاهرة !؟

الرب : وعن أي شيء كنت أتكلم سابقاً ؟ ألم تسمعن ذلك !

بعض النساء : يا رب هل يعني ذلك أن أترك الصلاة في حالة المحيض !؟

الرب : عجباً من أمركن ! ألم أقل إن الطهارة شرط لأداء الصلاة !؟

بعض النساء : نعم ! يا رب . ولكن لم تقل إن النساء الحيض يتركن الصلاة في تلك الفترة !؟       الرب : وهل عندما ذكرت إن المرأة الحائض غير طاهرة وأمرتها بالتطهر لا أدرك ما أقول أو أقصد باستخدام تلك الألفاظ عوضاً عن لفظ التوقف والغسل حيث يصير كلامي : [ و لا تقربوهن حتى يتوقف الدم ويغسلن مكانه ….]!

بعض النساء : يا رب : هل يعني أن نترك الصلاة في حالة المحيض .

الرب : حسناً ! اسمعن ؟ هل يشترط لأداء الصلاة الطهارة !؟

بعض النساء : نعم يا رب !

الرب : هل المرأة الحائض طاهرة !؟

بعض النساء : لا! المرأة الحائض غير طاهرة.

الرب : هل المرأة الحائض تقيم الصلاة !؟

بعض النساء : بناء على كلامك يا رب ! لا تقيم الصلاة ! هل فهمنا هذا صواب يارب !؟

الرب : يا عبادي!! تدبروا آياتي وكلامي من خلال عملية تقاطع وتداخل النصوص مع بعضها ، فأنا لا أتكلم عبثاً ، ولا أختار لفظة دون أخرى اعتباطاً ، فكل دلالة ومفهوم وبُعد ولازم للكلام، أقصده وأعلمه ابتداءً .

وسأضرب لكن مثال آخر، وهو مثل رياضي . نقول : إن الشكل الرباعي مجموع زواياه 360 درجة فيسأل أحدهم : كم يبلغ مجموع زوايا المستطيل !؟ نقول : هل المستطيل رباعي الشكل !؟ فيجاوب : نعم إنه كذلك ! نقول : إذن ماذا تفهم من خلال تقاطع المقولتين !؟ فيجاوب : مجموع زوايا المستطيل 360 درجة لأنه شكل رباعي . نقول له: أحسنت في الجواب وربط واستحضار الأفكار! .

س 11- هل إذا استثفرت (أي وضعت القطن أو حفاظة في المحيض) بعد أن اغتسلت و توضأت هل تصير طاهرة لتصلي فريضتها، أم أنها تبقى على غير طهارة مهما تطهرت؟

ج11- الطهارة التي اشترطها الله عز وجل بالنسبة للحائض على وجهين :

أ- طهارة المحيض : وهي ليست بيد المرأة ، وتكون بتوقف وانقطاع دم الحيض كلياً .

ب- طهارة الجسم : وهي بيد المرأة تقوم بعملية التطهير بعد الطهر حسب العمل الذي تريد أن تقوم به إن كان أداء الصلاة يلزم لها الاغتسال، وإن كان الجماع يلزم له غسل الفرج وتتبع أثر الدم ، فإن لم تطهر من المحيض لا يصح تطهيرها أو اغتسالها لجسمها مهما تعدد ذلك ، لأن التطهر مرتبط بحصول عملية الطهر [ حتى يطهرن فإذا تطهرن] وحرف (الفاء) حرف عطف يفيد التعاقب المباشر، وأداة (إذا) تفيد حتمية حصول ما يذكر بعدها .

س12- هل كان الله يعاقب الحائض المصلية لأنها صلت وعبدته سبحانه ؟ أم أنه تعالى يحاسبها على ترك الصلاة دون أمر منه سبحانه؟

ج12- إن قامت الحائض بأداء الصلاة وهي تعلم أن ذلك أمر باطل فهي كمن يقيم الصلاة دون وضوء. وتأخذ ثواب الذكر وتلاوة القرآن. وإن كانت تقيم الصلاة لأنها مقتنعة بعدم إسقاطها عنها، فتكون قد كلفت نفسها بما لم يكلفها الله عز وجل ، ولها أجر وثواب للذكر وتلاوة القرآن . أما مسألة المحاسبة فقد ذكرنا ذلك آنفاً ، لا يحاسبها على ترك الصلاة لأنه سبحانه وتعالى هو من أسقط الصلاة عنها في فترة المحيض !.

س13- ما هو الفرق بين دم الحيض في النجاسة و الأذى ودم الاستحاضة الذي يجيز فيه (الفقهاء) الصلاة و الصوم و الجماع رغم وجود الدم؟

ج13- مفهوم النجاسة لا يصح استخدامه إلا على السلوك الإجرامي والمفسد ( إنما المشركون نجس) [ سبحان الله إن المؤمن لا ينجس ] والأنجاس هم قطاع الطرق والمفسدون في الأرض .

– فدم الحيض : هو دم خبيث فاسد لأنه نتيجة تهدم الخلايا والبويضة ونزولهما عن طريق النزيف الدموي فهو أذى.

– دم الاستحاضة : هو دم طبيعي ينتج عن حالة مرضية ، فيختلف في بنيته عن بنية دم المحيض ، فهو ليس بأذى، والمرأة في حالة الاستحاضة لا تسمى غير طاهرة ،ولا يجب عليها الاغتسال ، وإنما يجب عليها ( الوضوء ) للصلاة ، ولا مانع شرعي من جماعها إن رضيت أو سمحت بذلك مع عدم وجود مانع طبي . فالحكم للطب وليس للشرع .

– تتمة للفائدة فقد نسخت تعليقي على (مفهوم الطهارة في القرآن) في هذه الصفحة لعلاقته بالموضوع ، وخاصة أن السائل هو ذاته الأخ دادي المحترم.

الأخ” دادي ” المحترم تحية طيبة وبعد .

لقد ذكرت في المقال إن الطهارة قسمان :

1- طهارة معنوية : متمثلة بالتزام الإنسان بالقيم والأخلاق والسلوك الحسن . ويقابلها مفهوم النجاسة .

2- طهارة مادية : متمثلة بإزالة الخبث والقاذورات بواسطة الماء أو المعقمات. فدم المحيض قذر وخبيث يحتوي على الأذى، وعملية الطهارة منه تكون على وجهين :

أ- توقف وانقطاع الدم من تلقاء ذاته [ حتى يطهرن ]

ب- غسل مكان نزول الدم وتتبع أثره حد أدنى لمن أرادت الجماع ، وغسل لكامل الجسم لمن أرادت أداء الصلاة . [ فإذا تطهرن ] .

وبناء على ما ذكرت أعلاه نفهم النصوص التي استشهدت حضرتك بها .

1- [ والذين أمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً لهم فيها أزواج مطهرة وندخلهم ظلاً ظليلاً ] 57 النساء.

أخي دادي ! لقد بدأ النص [ الذين آمنوا ] جملة يقصد بها الذكور والإناث معاً ، فكلاهما لهما أزواج مطهرة ، بمعنى أن الذكور لا يخرج منهم مادة المني ، وبالتالي يحافظون على طهارتهم بصورة دائمة ،ولا يحتاجون لعملية التطهير ،وذلك يترتب عليه وجود القوة والطاقة الجنسية بصورة كاملة. وكذلك الإناث لا يقعون في حالة المحيض، وبالتالي فهم في حالة طهر دائمة واستعداد لممارسة واستقبال الضيف الوافد لهن ، ولا يحتجن إلى عملية التطهير .

2 – [ فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون ] النمل 56. لاحظ استخدام ودخول حرف ( التاء ) على الفعل ( يتطهرون ) ، وذلك ليدل على ممارسة هذا العمل من قبل الناس وليس صفة دائمة لهم ، أما نوع التطهير فهو لا شك متعلق بالسلوك الفاضل من خلال الالتزام بالقيم والأخلاق ، ويقابله النجاسة وهي الانحطاط في السلوك والإجرام والابتعاد عن الأخلاق . فكلمة ( يتطهرون ) في النص المقصد منها التطهير المعنوي مفاهيماً وسلوكاً. 3- [ قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم فاتقوا الله ….] هود 78. قول النبي لوط : هؤلاء بناتي. يقصد به جميع بنات قومه كون الرجل الكبير في القوم يعد بنات قومه بمثابة بناته ، وهو أب لهن . أما قوله [ هن أطهر لكم ] فيقصد بذلك السلوك والممارسة بمعنى أن نكاح الإناث بصورة شرعية هو عمل وسلوك طاهر من وجهين :

– الأول: طهارة معنوية تمثلت بالعقد الشرعي للنكاح .

– الثاني : ممارسة النكاح من حيث أمر الله عز وجل، وهي طهارة مادية كونها لا يترتب عليها الأذى حين الممارسة الجنسية ، وهي سلوك طيب وطبيعي .

أما الممارسة الجنسية مع النوع ذاته (المثلية) فهذا سلوك غير طاهر وهو نجس من حيث المفهوم ، وخبيث من حيث الممارسة ، ويترتب على ذلك الأذى لكليهما . وهو شذوذ ومرض نفسي وسلوك خبيث .