مفهوم الذِّكْر

كلمة (الذِّكْر) جذرها الفعل الثلاثي ذَكَرَ ويدل لسانيًّا على دفع قوي ملتصق بضغط منتهٍ بتكرار العملية، وثقافيًّا ظهر بمعنى حفظ الشيء بقوة مع حضوره عند حاجته ومنه الذكرى، ويرجع كل الاشتقاقات إلى هذا المفهوم.

أورد لسان العرب:

«الذِّكْرُ: الحفظ للشيء تذْكُرُه.

والذِّكرُ والذِّكرى نقيض النسيان.

والتذكير خلاف التأنيث، والذَّكَرُ خلاف الأنثى». اهـ.

وسُمِّي النوع الحيواني صاحب الجهاز التناسلي الظاهر والبارز ذَكَرًا؛ لأن نوعه هو الذي يحفظ جنسه من جراء عملية اللقاح والفاعلية، وصارت هذه الصفة اسم نوع له الذي يقابلها نوع الأنثى صاحبة الجهاز التناسلي المخفي والمستقبل للقاح ومنفعل به، فهي تسمية وظيفية.

وهذا يعني أن الكائن الذكري هو كائن يحمل معلومات معينة ومواصفات يحفظها في ذاته ويدفعها إلى غيره لإيجادها على أرض الواقع، وهو من هذا الوجه الوظيفي فاعل في الحياة وظهر ذلك بصورة مادية تمثلت بعملية اللقاح في كل الكائنات الحية النوعية التي تتكاثر عن طريق الزواج،{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات13)، وظهر بصورة معنوية تتعلق بالحفظ المعلوماتي والفكري وتفعيل ذلك في الواقع،{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ } الذاريات55،{أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى} (عبس4)

وُسمِّي الكتاب الإلهي بالذِّكر؛ لأنه كتاب يحفظ معلومات ويدفعها للناس لتفعيلهم في الحياة {ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ } (آل عمران58)،{وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ }(الحجر6)

وهذا يوصلنا إلى أن ليس كل ذَكر تناسلي يمكن أن يكون ذكرًا اجتماعيًّا؛ لأن الذكورة التناسلية هي خَلقية، بينما الذكورة الاجتماعية اكتسابية.