التصديق بالله فطرة، والإيمان به حرية ن وكلاهما لايخضعان للبرهنة

قولي لايخضعان للبرهنة لايعني أن تلك المسألتان لابرهان عليهما أو هي تسليم دون برهان، وإنما المعنى لايطلب العاقل البرهنة عليهما لشدة ثبوتهما في الواقع مثل لو قلنا: لايخضع التصديق بوجود الإنسان في الحاضر للبرهنة ، وذلك لأن وجوده ثابت بالحس المشاهد وليس هو محل خلاف بين العقلاء ولايطلب العاقل برهان على وجوده لأن البرهان قائم بوجود الإنسان ذاته ، و العلاقة مع هذا الإنسان أيضاً لاتخضع للبرهنة لأن محلها ثابت وإنما تخضع لحرية الطرفين .
فالتصديق بوجود الله وانه الخالق المدبر ثابت بالفطرة والمنطق، ومن يطلب برهان على ذلك يكون في قلبه مرض يعالج فكرياً ولايناقش
والإيمان بالله يعني تفعيل مفهوم التصديق بوجوده كخالق مدبر وانه واحد لاشريك له وطاعته في الدين الذي ارتضاه للناس دينا والذي يقوم على منظومة القيم و الاخلاق والوصايا العشر، وهذا يتعلق بحرية الإنسان ولايطلب أحد البرهان على المنظومة هذه لانها ثابتة في ذاتها عند العقلاء وهي ضرورة اجتماعية ولايمكن لاي مجتمع أن يقوم إلا بها، ومن يرفض ذلك لن يقبل منه هذا الموقف ، ولذلك أتى في القرءان (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) ولم يات بكلمة ( من شاء فليصدق ومن شاء فليكذب) لأن التصديق أمر لازم يحصل في القلب لايستطيع الإنسان دفعه من قلبه، ويعلم الحقيقة او الصواب من خلال محاكمة عقلية منطقية ، ولكن يستطيع أن يخفي ذلك التصديق ويرفض تفعيله في الواقع ويكفر لأنه حر .
 
فالصراع والحروب ليس على التصديق بوجود الله ، وإنما على موقف الإنسان من الإيمان بالله
المتمثل بالمنظومة القيمية والاخلاقية والوصايا العشر، وضدها الموقف اللا قيمي واختفاء العدل وحلول الظلم بدل عنه والاستبداد والاستعباد واللا أخلاق وانتشار الفساد والخبث
فهل يصح نقاش موقف اللاأخلاقي بالعقل والمنطق؟ هو موقف صدر منه بحرية وهو يعلم أنه موقف إجرامي أو فاسد فهذا ينصح ويوجه ويُدعا إلى الصواب ويؤخذ على يديه لمنعه من الفساد والإجرام
لذلك اقول ايضا
التصديق بوجود الله أمر فطري ، والإيمان به موقف أخلاقي