استخدام نفي العلم لنقد القرءان
قرأت لأحدهم قريباً منشور بعنوان “نقد القرءان” فاستغربت من جرأة الكاتب – وخاصة أنه مسلم أو كان كذلك- بداية وقلت في نفسي لأرى مدى علمه وقوة تفكيره ومنطقه ، وتفاجأت من طريقة تفكيره وتناوله للأحداث والنصوص، فهو يستخدم جهله ونفي علمه لينقض القرءان فأي أمر لم يعلمه ينقضه وينكره ويجعله مأخذاً وطعناً بمصدرية القرءان لله ،فهو يضع قاعدة ويحكم بها الله ، مثلاً:
قال: لايصح الاصطفاء للإنسان من غير عمل صالح واكتساب وهذا لايكون إلا بعد بلوغه مبلغ الرجال، وبالتالي لايصح الاصطفاء بداية قبل الولادة مثل اصطفاء السيد المسيح لأن هذا ينقض الحكمة لله والرحمة للناس جميعاً ويصير في محاباة عند الخالق بين عباده دون مبرر أو عمل صالح يستحقه.
وبصرف النظر عن مدى صواب المقولة منطقياً ليس هكذا يتم التعامل مع النصوص القرءانية ، وكان الأجدر به أن يثبت قاعدته ويدلل عليها ويقف صامتاً من قصة اصطفاء المسيح أو يحاول أن يعقلنها لا أن يرفض النص كله ويستخدمه في الطعن بمصدرية القرءان لله ، وهكذا تابع تعامله العشوائي مع كثير من النصوص مثل قصة أهل الكهف والنبي موسى و العبد الصالح وقتل الغلام وخرق السفينة …الخ، استخدم جهله بمفهومها للطعن بالقرءان ظناً منه أنه ينزه الله عن العبث والظلم للعباد، ولم يستوعب عقله أن يصطفي الله بعض من عباده ليكونوا حملة رسالته ودعاة ومعلمين للناس وليس ممثلين عن الله في الأرض ولا أنصاف آلهة للعباد كما يحلو له أن يصفهم نتيجة تطبيق سيء أو ضلال في دين الله بل وتجاوز حده أكثر فقاضى الله بأفعاله وحاسبه عليها ولماذا فعل ذلك ولم يفعل ذلك وكان الأجدر به أن يفعل ذلك ، ووصل نتيجة هذه المحاكمة لنفي مصدرية القرءان عن الله أو غيره من الكتب ونفي أي اصطفاء لأي إنسان يكون رسول الله بحجة تنزيه الله عن الجهل والعبث والظلم، وجعل الكون كآفاق وأنفس هو كتاب الله حقيقة فقط وهو محل الإيمان و الدراسة ومنه يكون التعلم ، وجعل الذين يتبعون القرءان مثل الذين يتبعون التراث الروائي ووضعهم في سلة واحدة ووصفهم بالعقل النقلي والسلفي وأنهم يقدسون نصوصاً وأشخاصاً بصرف النظر عن اختلاف نصوصهم أو رجالهم.
وهذا الموقف المضطرب من هذا الرجل هو نتيجة طريقة عباد المثناة أيضاً وسوء فهمهم وعملهم فهو أحد ضحاياهم الكثيرة .
والجيد في الرجل أنه مازال يؤمن بالله و اليوم الآخر والعمل الصالح ولكن دون كتب إلهية ولانبيين أو رسل، فهو مسلم لله شاء أم أبى .
اضف تعليقا