كيف يتم الحكم على الشّيء

إن الحكم على الشّيء، يكون من خلال وقوع الحواس على الواقع مُباشرة، فيقوم الإنسان بدراسة هذا الواقع المحسوس تجربة واستنباطاً واستقراء؛ فيصل إلى الحكم عليه وُجُوداً وتصُوراً، لأنَّ تصُور ماهية الشّيء هو جزء من إدراك الوُجُود حسياً، أما إذا وقع الحس على أثر الواقع فقط؛ فالحكم عليه ينحصر في إثبات وُجُوده مع امتناع تصُوره كذات، كأن يسمع الإنسان طرقاً على الباب؛ فيحكم بسبب ذلك الإحساس بأثر الواقع أنَّ طارقاً يقوم بفعل الطّرق، ومن ثمَّ، يُكَوِّن الحكم، حكم وُجُود للشّيء وإثبات له دون تصُور.
فالحكم بوُجُود الشّيء، وإثباته، لا يقتضي تَصَوُّره، ومعرفة الكيف، أمَّا التّصُور ومعرفة الكيف في الواقع فيتضمن الحكم على الوُجُود والإثبات.
إذاً؛ التّصُور لاحق للتّعقل، وكل تصُور هو تعقل، من غير عكس.
والوسائل التي تستخدم في الحكم على الشّيء، كوُجُود أو تصُور، أو كلاهما، هي:
1 ـ وقوع الحواس على الشّيء مُباشرة، فينتج عن ذلك إمكانية الحكم على وُجُوده، وتصُوره.
2ـ وقوع الحواس على أثر الواقع، فينتج عن ذلك، حكم على وُجُوده مع امتناع تصُوره، نحو التصديق بوجود الخالق المدبر.
3ـ وقوع الحواس على الحدث وممارسته، ويكون من خلال اتصال ممارسة الحدث بمن سبق في الواقع، فإن كان يصلح لوقوع الحواس عليه بصُورة مُباشرة فيكون الحكم على وُجُوده، وإمكانية تصُوره من خلال قياس الغائب على الشّاهد، أما إن كان من النّوع الذي يقع الحس على أثره دون ذاته؛ فيتعلق الحكم بوُجُوده فقط، مع امتناع تصُوره.
والحكم على قطعية الخبر أو الحدث كحصول؛ يتأتى من وجهين:
1 ـ خبر مقترن ببرهان.
2 ـ ممارسة حدث متواتر في المجتمع إلى من بعده دون انقطاع.
والمتواتر، هو ممارسة حدث لا سند له، لأنه بداية هو ممارسة جمع كثير من النّاس حاضري الحدث لا يوجد علاقة شخصية ببعضهم إلى جمع مثلهم، يتنامى مع الزّمن. مثل: تواتر النّص القرآني في الأمة الإسلامية وهيئة الصلاة .
بمعنى آخر، هو تحول المعرفة بالحدث، إلى ظاهرة ثقافية متنامية متراكمة مع الزّمن، والتواتر أداة معرفية، لا أداة علمية، فهو يتعلق بصدق حصول الحدث، لا بكيفية حصول الحدث أو صواب مضمونه.