سوء استخدام مقولة ( قبول كل شيء أو رفض كل شيء)

يعرض بعض من ينتسب للبحث والعلم زوراً وكذباً، مقولة :
(مغالطة ( الكل أو لا شيء ، all or nothing ) مغالطة شائعة جدا ، وهي تشكل غالبا وسيلة نرفض من خلالها شيئا كنا تقبله أو على الأقل مستعدين لتقبله ، ونعتبره ( نموذجيا) – (كاملا) بطريقة ما.
ثم يظهر لنا أن هذا الشيء ( غير كامل ) و (فيه عيب ما) ، فنرفضه جملة وتفصيلا وبإنفعال شديد ، أحيانا يكون هستيريا.) وطبق تلك المقولة على كتب الحديث المنسوبة للنبي.
نقد هذه المقولة صواب في كلام الناس وكتبهم ومراجعهم ومؤلفاتهم، فوجود خطأ أو قصور في كتاب لهم – وهو شيء لازم لعمل البشر – لاينفي وجود الصواب فيه، وليس مبرراً لرفض الكتاب كله، وإنما نتبع ما أصاب به وفق برهان وعلى بينة من أمرنا ونرفض ما أخطأ أو قصر به ، وعلى الحالتين لانعد كتابه برهان بحد ذاته ولامرجع أو مصدر علمي.
وكتب الحديث المنسوبة للنبي هي من هذا القبيل، فيوجد فيها ما صح وفق منهج معين ، ويوجد ما هو كذب وخطأ، وهذا يعني أنها ليس مصدراً دينياً ولابرهاناً بحد ذاتها ، وإنما هي مرجع تاريخي ثقافي غير ملزمة دينياً، وتدرس للعبرة و العظة لمن شاء أن يدرسها وفق منهج قرءاني علمي تاريخي مع الحذر من تبني شيء منها دينياً أو تقمص الدور التاريخي.
فهذه تخضع لمقولة وجود الخطاً في شيء ليس مبرراً لتركه كله لأنه لايوجد فعل إنساني علمي أو ثقافي خالي من الخطأ، والعلم تراكمي ضمن رحلة الخطأ والصواب.
وهذا يختلف مع تعاملنا مع مصدر الدين وبرهانه فهو مصدر رباني لايقبل الخطأ فيه وهو برهان بحد ذاته ومرجع ومصدر ديني للمؤمنين به ، فمثلاً ثبوت أي خطاً في القرءان كمبنى أو معلومة أو مفهوم كاف لسحب الثقة الإيمانية منه والعلمية ، ويصير مثله مثل أي كتاب نأخذ منه ماصح ونترك ماهو خطأ وقاصر ويفقد الحجة و البرهان بذاته ، وبالتالي لاينطبق عليه المقولة اللاحقة ، بل ينطبق عليه المقولة الأولى إما أن يصح كله ويصير برهاناً ومصدراً دينياً بذاته ملزم للمؤمنين به ، أو يُنفى عنه ذلك تماماً ويصير كتاباً مثل سائر الكتب يُدرس للفائدة منه فقط مع عدم الإلزام به .
لذلك هؤلاء أشباه الباحثين ينبغي أن يصمتوا لأن جهلهم مركب تركيباً ولايفقهون ماذا يقولون ولاأبعاد كلامهم فضلوا وأضلوا الناس معهم من خلال تلبيسهم وتدليسهم في الكلام وعرض الأفكار