جواز غسل القدَمَيْن، أو مسحهما في الوضوء

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }المائدة6

كلمة (أرجلَكم)تُليت بالنصب، وتُليت بالجر وكلاهما متتابعة. فلو أخذنا حالة النصب فقط كما هي في رواية حفص عن عاصم (وهذه القراءة يقرأ بها معظم البلاد الإسلامية) فلقد ذكر العلماء أن كلمة (أرجلكم) بالنصب تكون معطوفة على كلمة (أيديَكم).
وبالتالي أخذت حكمها من حيث الغسل، وهذا الأمر واضح وصريح من دلالة النص، أما الدلالة الكامنة في النص فهي مجيء كلمة (أرجلكم) معطوفة بعد فعل المسح، فلو كان المراد هو الغسل فقط لجاءت بعد فعل الغسل وكونها جاءت بعد فعل المسح مما يدل على تناول فعل المسح للرجلين إضافة لفعل الغسل.
بينما تلاوة الجر لكلمة (أرجلِكم) فقد أرجعها العلماء عطفًا على كلمة (برؤوسِكم) والمعطوف يأخذ حكم المعطوف عليه، وبالتالي تكون دلالة النص الظاهرة هو مسح الأرجل أما الدلالة الكامنة في النص فهي أن جملة (وأرجلكم إلى الكعبين) سواء أكانت بالنصب أم بالجر فهي على نمط جملة (وأيديكم إلى المرافق) من حيث تحديدها لمكان الوضوء.
فنلاحظ أن كل تلاوة منهما كافية شافية، وأن كلًّا منهما يكمن فيها ما جاء بالأخرى في الظل، فالحكم عند الدراسة الوافية للموضوع سواء تمَّ الاعتماد على تلاوة النصب أم الجر لكلمة ( أرجلكم ) يكون واحدًا لا خلاف بينهما أبدًا، وإذا حصل خلاف فمرده إلى قصور الباحث وعدم إمكانية رؤية أبعاد دلالة النص كاملًا.
وبالتالي فغسل القدمين أو مسحهما بالوضوء يرجع للمتوضئ وظروفه والبيئة التي يعيشها.