نحو وعي سياسي

كذب دعوى إيران وحزب اللات المقاومة والدفاع عن المسجد الأقصى في فلسطين
لمعرفة حقيقة الموقف السياسي لحزب أو حكومة يجب معرفة
التصورات والمفاهيم التي تحكم سلوكهما ومواقفهما لأن معرفة ذلك يكشف الهدف والغاية من التحرك والسلوك
للحزب أو الحكومة، ويكشف صدق أو كذب الادعاء والدعم والمقاومة.

والسؤال الكاشف هو: ” ما هي عقيدة
الشيعة في المسجد الأقصى الحالي المشيد في فلسطين هل هو محل إسراء
النبي محمد أم الإسراء للنبي المذكور في القرءان كان لمكان آخر؟

ويجب أخذ العلم أن تحليل موقف الشيعة من المسجد
الأقصى الحالي لا يعني خطأ أو صواب رأيهم في مكان المسجد الأقصى المذكور في
القرءان : {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ
مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الإسراء1 فهذا موضوع آخر نحن يهمنا التوظيف السياسي والخداع الذي يمارسونه على الامة الإسلامية و الفلسطينيين بالذات
الإجابة على هذا السؤال نجدها في كتاب شيعي له مكانة
خاصة عند الشيعة، ونظراً لهذه المكانة فقد حصل هذا الكتاب
على جائزة إيران للكتاب وهي جائزة مميزة في الوسط الثقافي والديني
الإيراني، وقد كرم الرئيس الإيراني أحمدي نجاد” صاحب الكتاب
بنفسه، فما هو هذا الكتاب؟ ومن مؤلفه؟، وما علاقته بموضوعنا؟
هذا ما سنعرفه الآن!.
الكتاب يسمى ” الصحيح من سيرة النبي
الأعظم” ومؤلفه عالم شيعي له وزنه بين علماء الشيعة
وهو يدعى ” جعفر مرتضى الحسيني العاملي” وهو مولود في جبل عامل بجنوب لبنان، عام 1945، وقد بدأ بتحصيل العلوم
الشيعية منذ صغره عند والده، ثم توجه إلى النجف بالعراق عام 1962 ليكمل
تعليمه، وفي عام 1968 انتقل إلى الحوزة العلمية في مدينة قم بإيران حيث أتم
تعليمه وأسس فيها بعض المدارس الشيعية، ثم عاد بعد ذلك إلى مسقط رأسه جبل
عامل بجنوب لبنان عام 1992، وهو دائم الانتقال بين لبنان والنجف وقم وطهران.
ماذا قال هذا العالم الشيعي في كتابه؟ قال هذا الشيعي في الجزء الثالث
” حين دخل عمر بن الخطاب بيت المقدس لم يكن هناك مسجد أصلاً، فضلاً عن أن
يسمى أقصى، وأن المسجد الأقصى الذي حصل الإسراء إليه، والذي بارك الله
حوله هو في السماء، وقد تناولنا إثبات ذلك تفصيلاً في كتابنا المسجد الأقصى
أين؟”. وقد استدل هذا الشيعي على وجود المسجد الأقصى في السماء بكلام
أكابر علماء الشيعة أمثال المجلسي في كتابه بحار الأنوار، وهو كتاب له اعتباره
عند الشيعة. كما أن هذا العاملي قد أوضح في كتابه المسجد الأقصى
أين؟ “أن المسجد الأقصى يوجد في السماء الرابعة في البيت المعمور”، إذن
فنحن أمام شخصية شيعية تعكس عقيدة شيعة العرب في المسجد
الأقصى، وبصفة خاصة جنود حزب الله الشيعة، إضافة إلى شيعة إيران وعلى رأسهم أحمدي نجاد الذي كرم صاحب الكتاب المبين
لعقيدة الشيعة في المسجد الأقصى، وبالتالي يكون من السذاجة أن
ننتظر من شيعة العرب أو الفرس أن يهبوا لنصرة الأقصى عسكرياً، أليس كذلك؟.

قد يعتقد البعض أن التأويلات التي جاء بها هذا العاملي بأن عقيدة الشيعة في المسجد
الأقصى أنه في السماء، إنما تعبر عن رأي فردي شاذ، ولهذا قام
الباحث السني الأستاذ ” طارق أحمد حجازي” بإجراء دراسة موثقة
رجع فيها لأهم مراجع الشيعة التي لا يجرؤ أي شيعي على الطعن فيها، كي يرى ما إذا
كان رأي العاملي في وجود المسجد الأقصى بالسماء، هو رأي فردي أم أنها
عقيدة شيعية راسخة في وجدان أكابر علماء الشيعة، ومن ثم عوامهم. وقد
كشفت الدراسة التي أصدرتها لجنة الدفاع عن عقيدة أهل السنة بفلسطين عن أن
العلماء والمراجع التاليين قد أجمعوا على أن عقيدة الشيعة في المسجد
الأقصى أنه في السماء، وهم:

أولاً…تفسير الصافي
للفيض الكاشاني.

ثانياً…تفسير نور
الثقلين لعبد علي بن جمعة العروسي الحويزي المتوفى عام 1112
هـ.

ثالثاً… تفسير
العياشي لمحمد ابن عياش السلمي السمرقندي.

رابعاً… البرهان في تفسير القرآن لهاشم البحراني.

خامساً… بيان السعادة في مقامات العبادة
لسلطان محمد الجنابذي الملقب بسلطان علي شاه. سادساً…بحار
الأنوار لمحمد باقر المجلسي.

سابعاً…منتهى
الآمال لعباس القمي.

ثامناً…كامل
الزيارات لابن قولوبه

. تاسعاً….الكافي للكليني.

عاشراً….علل
الشرايع لمحمد بابويه القمي.

حادي عشر….المصباح في الأدعية والصلوات
والزيارات لتقي الدين الكفعمي.

– خلاصة الأمر أن الشيعة طبقاً لمراجعهم
وعلمائهم يعتقدون في عدم وجود المسجد الأقصى المذكور بالقرءان في فلسطين، وأنهم لن
يتحركوا عسكرياً يوما ما لنصرة الأقصى، ولا يهمهم ذلك، ناهيك أن
العرب والمسلمين وخاصة أهل الشام ودمشق عاصمة الأمويين هم العدو التاريخي لفارس.

وأخيراً أسال: لماذا اهتمت الجمهورية الإسلامية الإيرانية بمدينة القدس والمسجد
الأقصى الحالي المعروف تاريخياً بالمسجد الأقصى؟

الجواب : الاهتمام سياسي بحت وليس هناك أي دليل من إرث أهل البيت أن القدس تحوي المسجد الأقصى. وسياسة إيران تقوم على
جهاد إسرائيل وأمريكا من أجل مكاسب سياسية إستراتيجية، وهذا لايعني عدم التنسيق
معهما لأنه لا يوجد في السياسة صديق في كل شيء أو عدو في كل شيء وإنما يوجد مصالح
ومكاسب وعلاقات قائمة وأخرى مقطوعة وكل شيء وحده، ولا علاقة لذلك بما
يظهر من عدوان وكراهية في إعلام الشيعة لأمريكا وإسرائيل، فهذا مناورة وأسلوب
مستهلك قديم .

فإيران
الحالية ترى نفسها وريثة العرش الفارسي
وتستخدم الإسلام وتُسَخِّر مفهوم النبوة والإمامة
والعصمة وظهور الإمام المهدي بإنشاء شرق أوسطي شيعي ظاهراً وفارسي مضموناً .