رد على بعض الشبهات التي يعرضها السلفيون حول حجية حديث النبي

يقول: أحد السلفيين:‏

تعطيل المصدر الثاني بعد القرآن عن التشريع تعطيل لنبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم وافتئات على نص القرآن

1- قال تعالى :وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم .

 2- قال تعالى:من يطع الرسول فقد أطاع الله .

 3- قال تعالى :فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة .

 4- قال تعالى:وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرد المقتضب على ما ذكر السلفي من شبهات

– قوله:( تعطيل المصدر الثاني بعد القرآن عن التشريع تعطيل لنبوة المصطفى صلى الله عليه وسلم وافتئات على نص القرآن)

–    هذا مصادرة بداية للفكرة والنقاش ، فلم يثبت بعد أن حديث النبي هو مصدر تشريعي حتى يقول ما يقول.

–  ونبوة محمد ثابتة دون  جعل حديثه وحي من الله ،وذلك كمقام منحه الله إليه وأيده بآية وبرهان ( القرءان) تثبت نبوته وأنه رسول الله للناس جميعا،فنبوة محمد متعلقة بشخصه وهو حي ، ورسالته للناس جميعاً، وتوفي النبي كبشر وتوقف مقام النبوة ، واستمرت الرسالة من بعده وهي الحجة والبرهان.

1ج- جملة(وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) هي جزء من نص ، والنص هو متصل بنص سبقه ولا يمكن أن يُدرسا إلا معاً وهما:

 {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }النحل-43-44 ، وكما ملاحظ من النصين أنهما مترابطين ببعضهما بموضوع واحد، والذكر الذي نزل على النبي محمد هو القرءان ومطلوب أن يستخدمه في فعل التبيين للذكر السابق الذي نزل على الناس وهو التوراة والإنجيل وأي كتاب إلهي سابق، فيبين لهم مواطن التحريف والزيادة و الفهم السقيم، ولا علاقة لذلك بحديث النبي الشخصي قط.

2ج-  جملة(من يطع الرسول فقد أطاع الله) هي جزء من نص وهو {مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً }النساء 80 ، أتى فعل الطاعة بصيغة المضارع(يطع) وهذا يعني استمرار أمر الطاعة وما يترتب عليه من طاعة الله، ومفهوم كلمة الرسول تعني مجيئه بشيء من عند غيره وليس من شخصه {وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }العنكبوت18 ، وما جاءنا به الرسول هو القرءان وكلمة الرسول لسانا تشمل الرسالة لأنها هي الأصل كما في لسان العرب واستخدام القرءان لها، والأمر بطاعة جهة ينبغي منطقاً وجودها وحفظها وهذا غير متحقق بشخص النبي فقد مات مثله مثل سائر النبيين، {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ }الزمر30 ،بخلاف القرءان فهو موجود بيننا محفوظ، وهو محل الطاعة، وطاعته هي طاعة لله عز وجل حقيقة.

3ج- جملة (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة) هي جزء من نص {لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنكُمْ لِوَاذاً فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }النور63، أمر متعلق بحياة النبي وتسللهم من عنده لواذاً إلى جهة أخرى معادية للحق،والنص ساري المفعول لكل من يتسلل ويلوذ بالجهة المعادية للحق ، وهذا لا علاقة له بحديث النبي لا من قريب ولا من بعيد، ولا يصح الاستدلال بالنص على مصدرية الحديث النبوي أو جعله حجة أو وحي من الله وإلزام الناس به إلى يوم الدين.

4ج- جملة (وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) هذه جزء من نص وهو: {مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الحشر7

سئل ابن عباس عن مفهوم النص فقال: ما آتاكم تعني ما أعطاكم، وما نهاكم تعني ما منعكم، وكلاهما متعلقان بتوزيع الفيء.

 فلماذا يهمل تفسير ابن عباس هنا ويؤخذ في غيره عند المسلمين ؟

طبعاً؛  نحن لا نعد تفسير أحد حجة بذاته ما لا يوافق مقتضى القرءان بلسانه العربي المبين، والقاعدة اللسانية المنطقية تقول: (إذا اختلف المبنى اختلف المعنى) فكلمة آتاكم لا تدل على الطاعة أو الأمر بها فهي متعلقة بشيء وخاصة مجيء فعل (خذوه) بعدها ولم يأت فعل اسمعوا وأطيعوا، وكذلك كلمة( نهاكم) فهي متعلقة حسب السياق بمنع أخذ شيء.

 فلا علاقة للنص بحجية حديث النبي ووجوب طاعته وجعله مصدراً تشريعياً قط

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يقول الأخ السلفي:

الذكر هو الوحي المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم وهذا الذكر ينقسم إلى قسمين:

 قسم مسنود إلى الله وهو القرآن الكريم.

 وذكر مسنود إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهي السنة الثابتة عنه صلى عليه وسلم بأقسامها المعروفة في التشريع ومنها الحديث القدسي وهي البيان المفصل للقرآن ، وهذا معنى (لتبين للناس ما نزل إليهم )لأنه معصوم من الخطأ وكلامه وحي من الله (وما ينطق عن الهوى )فافهم ذلك أيها المتعالي على الله

ــــــــــــــــــــــــــــ

عند الأخ السلفي وقوله يمثل معظم قول المسلمين:

 الوحي اثنان:

1-  وحي مسنود إلى الله وهو القرءان وليس له عنعنة أو سند فهو متواتر قطعي الثبوت وتعهد الله بحفظه، وقد فعل كما هو الواقع المشاهد.

2-وحي مسنود إلى النبي بأنواعه المعروفة وله سند وعنعنة ولم يتعهد الله بحفظه، وإنما ترك ذلك للمسلمين فلم يحفظوه كما هو الواقع المشاهد، فيوجد وحي ضعيف وآخر موضوع وآخر مختلف فيه ، ويوجد وحي عند زيد وليس وحياً عند عمر، وذلك حسب صحة السند والعنعنة فلكل منهما مقاييس خاصة للحكم على الحديث.

  – يصر معظم المسلمين وخاصة من يسمون فقهاء وعلماء على الخلط  بين مفهوم السنة و الحديث، رغم الفرق الشاسع بينهما، مع العلم أن كلمة السنة والحديث لم يردا مضافين للنبي في القرءان قط، وإنما أتيا مضافين لله:

{سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً }الفتح23

{تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ }الجاثية6

{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ }الزمر23

– اقتطع جملة (لتبين للناس ما نزل إليهم ) من سياقها وفهمها بمعزل عنه فقال : الحديث هو البيان للقرءان، واستدل على فهمه بادعائه العصمة للنبي عن الخطأ.

–  رغم أن العصمة متعلقة بمقام الرسول فقط وليس بمقام النبوة بمعنى أنها متعلقة بتلاوة الرسالة وحفظها وليس بفهمها وتطبيقها.

–   وقال أيضاً: إن كلام النبي وحي.

–    كيف يكون كلام ألفه النبي( وهو بشر) وفق علمه ومعرفته وحي من الله ، ونزل بالمعنى دون مبنى يحمله؟

–  وقال أيضاً: إن نطق النبي وحي مستدلا بجملة مقتطعة من سياقها (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ) وجعل نطق الرسول بالقرءان ، مثل نطقه بالحديث وكلامه البشري، وهما لايستويان عند كل الباحثين والعلماء وهم يفرقون بين النطقين تماماً.

 – وأخيرا ينهي قوله بجملة توبيخية : فافهم ذلك أيها المتعالي على الله .

ولا ندري هل الإنسان إن فكر ودرس طلباً للحقيقة أو الصواب سواء أصاب أم أخطأ هو متعالي على الله ومتكبر؟

لا أدري لماذا يتصدر الجهلة للنقاش والرد والكتابة ؟

وهم لا يفرقون بين نطق الرسول بالقرءان الذي هو كلام الله كمبنى وصياغة، ونطق النبي بحديثه البشري الذي هو منه كمبنى ومعنى وصياغة؟

وغير الاقتطاع والعضوضة للنصوص القرءانية وفهمها بمعزل عن السياق الذي أتت به مثل نص ( فويل للمصلين) أو نص ( فانكحوا ما طاب لكم) أو نص ( فاقتلوهم حيث ثقفتموهم(

إلى متى هذا الجهل والتخبط عند معظم المسلمين ؟

متى يرتقي المسلمون والكتبة منهم والدعاة إلى مستوى البحث الموضوعي والعلم والتفكير الحر؟