مفهوم النساء والنسيء والرد على مشتهري

مازال (المشتهري) يحشر نفسه بين الباحثين القرءانيين ويتناول هذا وذاك بجهل وعنجهية ، وهاهو ينقض مفهوم كلمة النساء ويظن نفسه أصاب به ودحض مفهوم أن كلمة النساء جمع نسيء من جنسها وجمع امرأة من غير جنسها.
هذا رابط منشوره «نَسَأَ» شحرور وأنصاره، فأصبحوا «نِسَاءً» https://cutt.us/tsOuN
وهذا منشوري دراسة لمفهوم كلمة النساء لمن يهتم بقراءته
دراسة دلالة كَلمة نسيء ونساء في لسان العَرَب
بعد التّوطئة التي مرَّت معنا آنفًا؛ نأتي لدراسة دلالة كَلمة (نسيء)، وكيف جَمَعَهَا العَرَبُ، وعلى ماذا اعتمدوا؟ ولماذا اختار العَرَب كَلمة (نساء) لتدلَّ على جَمْع (امرأة)؟ وكُلُّ هذا إنَّما هُو نموذج عملي لما مرَّ ذكْره من الأفكار؛ لإسقاطها على الواقع وتفعيلها، وإعادة الحياة لها بعد فترة من الرُّكُود، قد طالت كثيرًا، ولتقريب وتوضيح المنهج، ولتمكين القُرَّاء والدّارسين والمُهتمِّين من وَضْع أيديهم عليه والتّعامل معه بشكل مُباشر، إنْ كانوا من الدّارسين، أو استخدامه للنَّقْد والتّقويم، إنْ كانوا من المُثقّفين.
من المعلوم أنَّ مُعجم لسان العَرَب هُو من أهمِّ المعاجم في اللُّغة العَرَبيَّة، إذا لم يكن أهمّها وأوَّلها، فلننظر كيف أورد كَلمة (نسيء) ([1]):
نسأ: نُسئَتْ المرأة تنسأ نَسْأ: تأخَّر حيضها عن وقته، وبدأ حَمْلُهَا، فهي نسءٌ، ونسيءٌ، والجَمْع أنساءٌ، ونسوءٌ، وقد يُقال: نساءٌ نسءٌ، على الصّفة بالمصدر.
ونسأ الشّيء ينسَؤُه نسأ، وأنسأه: أخَّره… والاسم النّسيئة والنّسيء.
وفي الحديث عن أنس بن مالك [مَنْ أحبَّ أنْ يُبسطَ له في رزقه، ويُنسأ في أجله، فليصلْ رَحمه] النّسء: التّأخير يكون في العُمر والدَّين.
وإذا أخَّرتَ الرّجل بدَينه قُلتَ: أَنسأتُهُ، فإذا زدتَ في الأجل زيادة يقع عليها تأخير قُلتَ: قد نَسَأَتُ في أيَّامكَ، ونَسأْتُ في أجلكَ، وكَذلك تقول للرّجل: نسأَ اللّه في أجلكَ؛ لأنَّ الأجل مزيد فيه، ولذلك قيل للّبن: النّسيء لزيادة الماء فيه، وكَذلك قيل: نسئت المرأة إذا حبلت، جُعلت زيادة الولد فيها كزيادة الماء في اللّبن.
ونُسئت المرأة تَنْسأُ نسأ على ما لم يُسمَّ فاعله، إذا كانت عند أوَّل حَبَلها، وذلك حين يتأخَّر حيضها عن وقته، فيُرجى أنَّها حُبلى، وهي امرأة نسيء.
وفي الحديث: كانت زينب بنت رسول اللّه تحت أبي العاص بن الرّبيع، فلمَّا خرج رسول اللّه إلى المدينة، أرسلها إلى أبيها، وهي نَسوُء؛ أيْ مظنون بها الحَمْل.
يُقال: امرأة نسء ونسُوءٌ، ونسوةٌ نساءٌ، إذا تأخَّر حيضها، ورُجي حَبْلها، فهُو من التّأخير، وقيل بمعنى الزّيادة من نسأت اللّبن، إذا جعلت فيه الماء تكثره به، والحمل زيادة. انتهى.
إذًا؛ دلالة (النّسيء) تُطلق على التّأخير والزّيادة.
فاللّبن الممزوج بالماء يُطلَق عليه (نسيء) لزيادة اللّبن بالماء، والمرأة الحامل يُطلَق عليها (نسيء) لتأخُّر حيضها ولزيادة الجنين لها، وللواقع.
ونقول: ربا النّسيئة؛ لتأخير الأجل، وزيادة المال مُقابل التّأخير.
ونقول: امرأة نسء ونسوء، إذا تأخَّر حيضها، ورُجي حَبَلُهَا.
ونقول: نسوة نساء إذا تأخَّرنَ في حيضهنَّ، ورُجيَ حَبَلهنَّ.
فدلالة كَلمة (نسء) هي تأخير من جانب، وزيادة من آخر، ولذلك قال تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }التوبة37، فهذه العمليَّة هي تأخير أشهر الحُرُم عن وقتها، وإضافتها إلى غير وقتها، وكلمة نَساء ليست جمعًا وإنما هي مصدر.
هذا مُلخَّص ما أورده لسان العَرَب. وكما هُو مُلاحظ أنَّه قد استخدم كَلمة (نساء) بكسر النون جَمْعًا لكَلمة (نسيء)، وذلك بقوله (امرأة نسء ونسوء، ونسوة نِساء)، وبقوله (فيُرجى أنَّها حُبلى، وهي امرأة نسيء)، فإذا أردنا أنْ نصف مجموعة منهنَّ نقول (نسوة نِساء) كما في استخدام لسان العَرَب، فالمرأة الحامل: نسيء، والنّسوة الحوامل: نساء.
إذًا؛ لسان العَرَب قد استخدم كَلمة (نساء) جَمْعًا لكَلمة (نسيء)، وعدم شُهرة هذا الجَمْع لما وُضع له أصلًا، وندرة استخدامه في اللُّغة المُستخدمة اليوميَّة لا ينفي صحَّة وُجُوده لسانًا، ولا يمنع من استخدامه بدلالته الأصليَّة الحقيقيَّة؛ لأنَّ موت دلالة كَلمة في مُجتمع ما لا يعني موتها لُغة، والنَّصُّ القرءاني قد نزل عَرَبيَّ اللُّغة، ولم يُقيِّد نفسه بموت وحياة دلالات الكَلمات في الثّقافة العَرَبيَّة، فالأصل في النَّصِّ القرءاني هُو اللسان العَرَبيَّ ودلالته الحقيقيَّة، التي تمَّ ولادة الكَلمة لتدلَّ عليه، فإذا أراد اللّه ـ عزَّ وجلَّ ـ من دلالة الكَلمة معنىً ثقافيًا مُقيَّدًا بموت وحياة الكَلمات في المُجتمع الذي زامن نزُول النَّصِّ الإلهي نصَّ على ذلك بقرينة من النَّصِّ أو الواقع. ومن هذا الوجه؛ نجد عُلماء الأُصُول عندما يتعاملون مع النَّصِّ القرءاني يضعون المفهوم اللساني في المرتبة الأُولى، وبعد ذلك الاصطلاح الشّرعي، ومن ثمَّ الاصطلاح العُرْفي.
لماذا تمَّ اختيار كَلمة (نساء) جَمْعًا لكَلمة (امرأة) جَمْعًا لها من غير جنسها؟
هل بشكل اعتباطي، أو ارتجالي، أو قُرعة، أو ما شابه ذلك من الأساليب الفوضويَّة، فاللسان العَرَبيَّ هو لسان قائم وفق نظام مُتكامل مُنسجم، فهو أشبه بشجرة أصلها في أعماق الأرض، وفرعها في السّماء، والعلاقة بين الأصل والفرع علاقة جَدَليَّة تكامليَّة؛ ليُشكِّلا – مع بعضهما – بناء معرفيًا عظيمًا قائمًا على قوانين تحكمه.
فمن المعلوم أنَّ الجَمْع للشّيء هي عمليَّة لاحقة لوُجُود المُفرد أوَّلًا، فنقول: كتاب، ونجمعه على كُتُب، وكَذلك قلم، نجمعه على أقلام، وجبل على جبال، فيكون هذا الجَمْع من جنس أحرف المُفردة، مع بعض التَّصرُّف تقديمًا، أو تأخيرًا، أو زيادة، لضرورة تصريف الكَلمة.
أمَّا الجُمُوع التي استخدمها العَرَب من غير جنس أحرف المُفردة؛ نحو كَلمة (جيش)؛ وهي جَمْع كَلمة (جُندي)، فذلك راجع إلى سببَيْن:
الأوَّل: انتفاء إمكانيَّة إيجاد جَمْع من أحرف المُفردة نفسها؛ نحو كَلمة (امرئ).
ثانيًا: انتفاء تحقيق المقصد في الواقع لجَمْع الكَلمة التي من جنس المُفردة في وَضْع مُعيَّن؛ نحو كَلمة (جُنُود)، وهي جَمْع كَلمة (جُندي)، ولكنَّ كَلمة (جُنُود) لا تدلُّ – في الواقع – على الجُنُود المُقاتلين في صفٍّ واحد، تغلي دماؤهم، وتثور عاطفتهم، وتتأجَّج نُفُوسهم بالغضب، فلاحظ العَرَب هذه الدّلالة في واقع المُقاتلين، فاختاروا من اللسان كَلمة تدلُّ على جَمْعهم، وتُعبِّر عن حالهم، فقالوا: جَمْع الجُندي المُقاتل هُو: الجيش، وذلك من جيشان نُفُوس المُقاتلين بنار الغضب لتحقيق النّصر، مع العلم أنَّ كَلمة جيش لا مُفرد لها من جنسها، ولكنْ؛ لا يعني ذلك أنَّها دُون أصل وُلدت منه لتوظيفها في دلالة مُعيَّنة، فأصل كَلمة جيش هي جَيَشَ؛ التي تدلُّ على الثّوران والغليان.
إذًا؛ لإيجاد جَمْع كَلمة من غير جنسها يُنظَر في حال ووظيفة هذا الجَمْع، فيتمّ البحث عن كَلمة تدلُّ على حال الجَمْع، ومن ثمَّ نقوم بتصريف الكَلمة، وإخراج كَلمة منها تدلُّ على الجَمْع الذي نُريده؛ نحو كَلمة الجيش، وكيف تمَّ تصريفها، وَوَضْعُهَا جَمْعًا لكَلمة جندي.
بعد هذا المدخل؛ تعالوا لنرَ لماذا استخدم العَرَب كَلمة (نساء) جَمْعًا لكَلمة (امرأة)؟
عن طريق عمليَّة السّبر والتّقسيم للثّقافة العَرَبيَّة المكتوبة والمنقولة في صُدُور أفراد المُجتمع نجد أنَّ هُناك عدَّة احتمالات وصُور قد تمَّ وَضْعُهَا كَدافع لولادة كَلمة (نساء) كَجْمع لكَلمة (المرأة)؛ وهي:
رُوي في النُّصُوص التّوراتيَّة (المُحرَّفة) أنَّ خَلْقَ المرأة تأخّر عن خَلْق الذَّكَر، فَجُمعَ هذا الجنس بكَلمة (نساء)؛ لتحقُّق صفة التَّأخُّر في الخَلْق به!
رُوي في التُّراث دسَّا وكَذبًا أنَّ المرأة ناقصة عقل ودين([2])، فاختار الذُّكُور كَلمة (نساء) لتدلَّ على جَمْع المرأة المُتخلِّفة والمُتأخِّرة عقليًا.
وهذا الرّأي الذُّكُوري باطلٌ في واقع الحال، وباطل من حيثُ ولادة كَلمة (نساء)، فمن المعلوم أنَّ كَلمة (نساء) مُوغلة في القدَم قبل وُجُود النُّصُوص الأدبيَّة والتُّراثيَّة، التي قد يُنسب بعضها إلى النّبي الأعظم افتراءً عليه، وهذا يدلُّ على الفَهْم الذُّكُوري، وإرادتهم وَضْع المرأة تحت الوصاية الذُّكُوريَّة بحُجَّة التَّأخُّر العقلي!.
يُقال: إنَّ المرأة في دورتها الشّهريَّة تتعرَّض لعمليَّة التّأخير والتّقديم بوقت الحيض، فاختاروا كَلمة (النّساء) جَمْعًا لهذا الجنس؛ لتَحقُّق دلالة النّسيء به، وهذا رأي مُتهافت لا قيمة له.
قيل: إنَّ المرأة في حالة الحيض تُصاب باضطراب نَفْسي نتيجة الاضطراب الجسدي الذي أصابها، وهذا – بدوره – يُؤدِّي إلى تأخُّر في إمكانيَّاتها العقليَّة، وهذا باطل في واقع الحال، فالمرأة مسؤولة واعية عن كُلِّ تصرّفاتها، سواء أكانت في حالة الطُّهْر، أم في حالة الحيض، هكذا عاملها الشَّرْع الإلهي والقانون الإنساني، فلم يُسقط أحدٌ عنها المسؤوليَّة في حالة الحيض، ممَّا يدلُّ على كامل مسؤوليَّتها ووعيها، وبالتَّالي؛ فهذا الرّأي باطل.
لم يبق أمامنا؛ إلاَّ أنَّ نبحث في واقع المرأة، ونقيس الغائب على الشّاهد، مع الأَخْذ بعين الاهتمام تناقص الحضارة والمَدَنيَّة كُلَّمَا أَوْغَلْنَا في التّاريخ قُدُمًا.
فماذا رأى العَرَب في المرأة من دلالة تحقَّقت بها، حتَّى اختاروا كَلمة (النّساء) جَمْعًا لهنَّ؟!
بعد استبعاد الاحتمالات السّابقة لتهافتها؛ نقوم بعمليَّة دراسة لواقع المرأة المُشاهَد، فنُلاحظ أنَّ المرأة – كأُمٍّ وزوجة – دائمًا دورها في الحياة الاجتماعيَّة هُو في الخطِّ الثّاني، وليس في الخطِّ الأوَّل؛ لأنَّ الخطَّ الأوَّل خطُّ المشقَّة والتّعب والنّصب والخطر، فأُبعدت المرأة اجتماعيًا واقتصاديًا إلى الخطِّ الثّاني المحمي من الخطِّ الأوَّل، وذلك لتقوم بإمداد الخطِّ الأوَّل نَفْسيًا ومادِّيًا، وتُحافظ على البنية التّحتيَّة للخطِّ الأوَّل من العناية بالأُسرة، وتأمين جوِّ الاطمئنان والاستقرار للأطفال، إذًا؛ طبيعة الاختلاف الفيزيُولُوجي والسّيكُولُوجي للمرأة عن الرّجل فرزها الواقع الاجتماعي إلى الخطِّ الثّاني في الحياة لتأمين الحماية والعناية بها، ولتقوم بدورها على أكمل وجه في مكانها الذي فرزها إليه الواقع، وإذا رجعنا في التّاريخ إلى ما يُسمَّى عصر الكُهُوف (الإنسان الحجري) نجد أنَّ المرأة تبقى في الخطِّ الثّاني، تعتني بالصّغار، وتُؤمِّن لهم الحماية، وتُشرف على إعداد الطّعام؛ بخلاف الرّجل، فإنَّه يخرج إلى الصّيد، ويقوم بحراسة بيته من الوُحُوش الكاسرة، ويُدافع عن زوجته وأولاده، هكذا استمرَّت دورة الحياة الاجتماعيَّة لكُلِّ نوع دوره، فلاحظ العَرَبُ، من خلال بدء ميلاد اللسان، هذا الفرقَ الوظيفيَّ بين الرّجل والمرأة، فاستخدموا كَلمة (النّساء) جَمْعًا للمرأة لتُحقِّق بجنسها صفة التَّأخُّر عن الخطِّ الأوَّل إلى الخطِّ الثّاني في معركة وميدان الحياة الاجتماعيَّة، إضافة إلى قيامها بزيادة وُجُود الجنس الإنساني عن طريق كون كَلمة نسيء تدلُّ على التّأخير والزّيادة، وعندما نزل النَّصُّ القرءاني استخدم كَلمة (النّساء) جَمْعًا لكَلمة (المرأة)، وبذلك الاستخدام؛ أعطى مصداقيَّة لما رأى العَرَب في المرأة من حيثُ أنَّ دورها الوظيفي والاجتماعي إنَّما هُو في الخطِّ الثّاني، الذي هُو أساس للخطِّ الأوَّل، والخطُّ الأوَّل أمان وحماية للخطِّ الثّاني، والعلاقة بينهما علاقة تكامليَّة جَدَليَّة.
فكما لاحظنا من خلال العرض أنَّ كَلمة (نساء) جَمْعٌ لابُدَّ له من مُفرد، أو مصدر تمَّ الاشتقاق منه، ولم يتم اختيار كَلمة (نساء) جَمْعًا لكَلمة (المرأة) اعتباطًا وارتجالًا، وإنَّما تمَّ لتحقُّق دلالة كَلمة (نساء) في واقع المرأة الاجتماعي والوظيفي (الولادة).
دراسة صرفيَّة لكَلمتَيْ نسيء ونساء:
إنَّ كَلمة نسيء هي اسم وصفة تُطلَق على كُلِّ ما تحقَّقت به دلالة النّسء؛ نحو قولنا: امرأة نسيء، واللّبن: نسيء([3])، فتُستخدم للعاقل، وغير العاقل، والاستخدام لكَلمة (نسيء) مفتوح لكُلِّ حالة مُستجدَّة تتحقَّق بها دلالة كَلمة (النّسء).
إنَّ كَلمة (نَسيء) على وزن (فَعيل)، فَلنرَ وزن جَمْع (فعيل)، كيف استخدمه العَرَب.
نُلاحظ أنَّ وزن جَمْع (فعيل) ليس وزنًا واحدًا، وإنَّما هُو مجموعة أوزان، وذلك راجع إلى أنَّ العَرَب يعتمدُون على المعاني والمقاصد، وليس على الألفاظ، وقديمًا قالوا: إنَّ الألفاظ خَدَمٌ للمعاني، وليس المعاني خَدَمًا للألفاظ. فعندما شاهد العَرَب أنَّ المعاني والمقاصد مُختلفة لحال دلالة الكَلمة التي تأتي على وزن (فعيل)، قاموا – فطرة وتفاعلًا – بالتّفريق بينهم في حالة الجَمْع، بما يُناسب كُلَّ كَلمة دلالة وحالًا، هكذا نَطَقَ لسانهم بما تفاعلوا به عقلًا ونفساً ومُجتمعًا.
فلاحظ عُلماء اللسان – فيما بعد – هذا التّفريق، فقاموا بعمليَّة السّبر والتّقسيم للمُفردات، وكيفيَّة استخدامها في الواقع، ووضعوا نظامًا له، يتمُّ – من خلاله – معرفة وزن الجَمْع، وكان ذلك بحُدُود وتعاريف مُنضبطة؛ فقالوا:
1 ـ كُلُّ كَلمة تأتي على وزن (فعيل) تدلُّ على صفة فاعل لمُذكر عاقل بمعنى المَدْح أو الذَّمِّ تُجمَع على وزن (فُعلاء)؛ مثل:
فعيل…………….. فُعلاء
عليم…………….. عُلماء
بخيل…………….. بُخلاء
شريف……………. شُرفاء
2 ـ كُلُّ كَلمة تأتي على وزن (فعيل) وهي وَصْفٌ لفعل وَقَعَ على الإنسان بمعنى مفعول به، يأتي جَمْعها على وزن (فَعْلَى)، مثل:
فعيل ………………….. فعلى
قتيل…………………….. قَتْلَى
جريح………………….. جَرْحَى
مريض…………………. مَرْضَى
3 ـ الكَلمات التي تأتي – دائمًا – على وزن (فعيل) وعَيْنُها (واو) وصحيحة (اللاَّم) تُجمَع على وزن (فعال) دائمًا، مثل:
فعيل…………………. فعال
طويل………………… طوال
قويم………………….. قوام
4 ـ الكَلمات التي تأتي على وزن (فعيل) مُعتلَّة اللاَّم، أو مُضاعفة، وتدلُّ على صفة الشّيء تُجمَع على وزن (أَفْعلاء)؛ مثل:
فعيل…………….. أفْعلاء
نبي……………… أنبياء
وصي……………. أوصياء
شديد…………….. أشدَّاء
عزيز……………. أعزَّاء
5 ـ الكَلمات التي تأتي على وزن (فعيل)، وتدلُّ على صفة، أو حال الشّيء، وصحيحة اللاَّم تُجمَع على وزن (فعال)، مثل:
فعيل…………… فعال
صغير …………. صغار
قصير…………… قصار
كبير…………….. كبار
سمين…………… سمان
نحيف…………… نحاف
عريض………….. عراض
6 ـ كُلُّ كَلمة تأتي على وزن (فعيل)، وتدلُّ على اسم شيء بعينه تُجمَع على وزن (فُعْلان)، مثل:
فعيل……………… فُعلان
قميص…………….. قُمصان
رغيف…………….. رُغفان
قضيب…………….. قُضبان
7 ـ ما أتى من الكَلمات على وزن (فعيل) مُضاعفة اللاَّم تدلُّ على صفة تُجمَع على وزن (أفْعلة)، مثل:
فعيل………………….. أفْعلة
حبيب…………………. أحبَّة
قليل………………….. أقلَّة
ذليل………………….. أذلَّة
عزيز…………………. أعزَّة
هذه هي أهمُّ أوزان جَمْع التّكسير([4])لوزن (فعيل)، وهُناك كَلمات شواذّ عن هذه الأوزان، وهذا الشُّذُوذ لا يعني خطأ الكَلمة، وإنَّما يعني أنَّ الكَلمة لم تندرج تحت القواعد التي وضعها العُلماء، وذلك لأنَّ القواعد إنَّما وُضعت لتستوعب مُعظم حالات الكَلمة، وليس كُلَّ اللسان. فإذا تناولنا كَلمة (نسيء) نجد أنَّها على وزن (فعيل)، وإذا تناولنا كَلمة (نساء) نجد أنَّها على وزن (فعال)، هذا واقع موجود في اللسان لا مفرَّ منه، ووُجُود الكَلمة على وجه مُعيَّن هُو – بحَدِّ ذاته – دليل عليها؛ لأنَّ وُجُود الكَلمة أسبق من القاعدة، وما القاعدة إلاَّ لاحقة في الوُجُود للكَلمات، قد تتناول كُلَّ حالات الكَلمات، وقد تقصر عن حالات.
أمَّا مسألة استخدام العَرَب – سابقًا – للكَلمة على دلالة دُون أُخرى كَامنة في أصل دلالة الكَلمة؛ فلا يعني أنَّ ذلك مُلزم للمُجتمعات اللاَّحقة باستخدام الدّلالة المُختارة من قبَل المُجتمع السّابق، فلكُلِّ مُجتمع حُرِّيَّة التّفاعل والاستخدام لدلالة الكَلمة الأصل، حسب أدواته المعرفيَّة؛ نحو كَلمة (كَتَبَ)، فهي تدلُّ على مُجرَّد الجَمْع للشّيء المُتجانس، ولهذا الجَمْع صُور لا مُتناهية في الواقع، والقرءان نزل عَرَبيَّ اللسان، فلكُلِّ مُجتمع أنْ يفهم صُورة دلالة كَلمة (كَتَبَ) حسب أدواته المعرفيَّة، مادام أنَّ النَّصَّ القرءاني لم يُحدِّد صُورة مُحدَّدة لدلالة كَلمة(كَتَبَ) في الواقع.
فالحُجَّة في اللسان، وليس باستخدام مُجتمع مُعيَّن للسان على صُورة مُحدَّدة، فكُلُّ استخدام للسان إنَّما هُو مُرتبط بثقافة المُجتمع وأدواته المعرفيَّة، ويتَّسع دلالات اللسان حسب تطوُّر المُجتمع أدواتيًا ومعرفيًا، فلسان مَنْ يتعامل بالكمبيوتر والإلكترونيَّات والتّلسكوبات غير لسان مَنْ يكتفي بشُرب الشّاي، والنَّظَر إلى القنوات الفضائيَّة، وهُو مُضطجع على فراشه، ناهيكَ عن لسان ابن البادية، الذي مازال يركب على الإبل، ويرعى الغنم!
وعود على بدء لكَلمة (نسيء)، فهي كَلمة تدلُّ على التّأخير والزّيادة، قال تعالى: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }التوبة37، وهُو تأخير أشهر الحُرُم عن وقت مجيئها؛ لاستمرار القتال وإباحته.
قال النّبي: [ مَنْ أراد أنْ يَنْسأَ في أجله، فليصلْ رحمه ].
ويُقال: ربا النّسيئة، وهي الزّيادة في المال مُقابل تأخير الزّمن.
ويُقال: نَسأت المرأة؛ إذا تأخَّر حيضها، ورُجي حَمْلُهَا.
ويُقال: امرأة نَسوُء، ونسيء للمرأة التي تأخَّر حيضها، ويُشتبه بحَمْلها.
ويُقال: نسوة نِساء للنّسوة الحوامل.
هذا هُو معنى دلالة كَلمة (نسيء): التّأخير والزّيادة في الشّيء، وهي على وزن (فَعيل) كما هُو مُلاحظ من لفظ الكَلمة.
فالسُّؤال المطروح ما هُو وزن جَمْع كَلمة (نَسيء)؟.
لإيجاد الجَمْع لكَلمة (نسيء) لابُدَّ من معرفة دلالة الكَلمة في الواقع: هل هي تدلُّ على فاعل؟ أم تدلُّ على مفعول به؟ أم صفة حال للشّيء؟ أم غير ذلك؟ حتَّى تُقاس على مثيلاتها في الأوزان، وكُلُّ ذلك على افتراض أنَّ كَلمة (نساء) غير موجودة، إنَّ كَلمة (نسيء) لا تدلُّ على صفة فاعل مُذكَّر على سياق المدح أو الذَّمِّ، وبالتَّالي؛ لا تُجمَع على وزن (فُعلاء) نُسآء.
وكَذلك ليست – هي – اسمًا لشيء بعينه حتَّى تُجمَع على وزن (فُعلان) نُسآن، وكَذلك ليست هي مُعتلَّة اللاَّم، أو مُضاعفة، لتُجمَع على وزن (أفْعلاء) أنْسآء.
فعمليًا؛ انحصرت تحت وزنَيْن؛ وهُما: وزن (فَعْلَى) ووزن (فعال) قال الفرَّاء([5]): النّسيء المصدر، ويكون المنسوء، مثل قتيل ومقتول، والنّسيء فعيل بمعنى مفعول؛ من قولك نسأتُ الشّيءَ، فهُو منسوء؛ إذا أخَّرته، ثُمَّ يُحوَّل منسوء إلى نسيء، كما يُحوَّل مقتول إلى قتيل.
وبناءً على كلام الفرَّاء يكون جَمْع (نسيء) على وزن (فَعْلَى) نسأى؛ نحو قتيل تُجمَع على قَتْلَى، واسم المفعول هُو المقتول، وكَذلك كَلمة نسيء تُجمَع على نسأى، واسم المفعول هُو المنسوء.
وهذا الكلام هو الذي تمَّ الاعتماد عليه عند مَنْ رفض أنْ تكون كَلمة (نساء) جَمْعًا لكَلمة (نسيء)، رغم اعترافهم أنَّ كَلمة (نساء) تعني عكس الرّجال، وهي جَمْع (نسيء)، كما هي جَمْع (امرأة)([6]).
فلماذا الخوف من أنْ تكون كَلمة (نساء) جَمْعًا لـ (نسيء)، رغم وُجُودها في اللسان، واعترافهم بذلك؟ إنَّه الخوف من استخدام هذا الأمر لتفسير القرءان، والخُرُوج برأي غير رأي السَّلَف، والحلُّ هُو تمييع الموضوع، وإثارة الشُّكُوك والشُّبهات وإكالة الشّتائم والاتِّهام بالعَمَالة والزّندقة والمُرُوق من الدِّين ومُحاربة الإسلام، لماذا هذا الأمر يا عُلماء المسلمين؟ ولمصلحة مَنْ هذه الادِّعاءات والمواقف؟ أما كان يجدر بكم أنْ تُقارعوا الحُجَّة بالحُجَّة؟! ألا تعلموا أنَّ الفكر لا يُجابَه إلاَّ بالفكر {وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ }البقرة111، لماذا لا نفتح باب الحوار؟ ولماذا لا نرضى بالرّأي الآخر حتَّى يرضى برأينا؟
إنَّ كَلمة (نسيء) تُطلَق على الأشياء العاقلة وغير العاقلة؛ فنقول: امرأة نسيء، ولبن نسيء.
فعندما نقوم بنسئ (اللّبن) (زيادة الماء له) يصير اسمه (نسيء)، فإذا تركناه يُصير اسمه (منسوء)، وكما هُو مُلاحَظ أنَّ اللّبن وَقَعَ عليه فعل (النّسء)، فصار منسوءًا، فهُو (نسيء).
فهل المرأة تُعامَل مُعاملة الأشياء غير العاقلة؛ حيثُ تصير شيئًا متروكًا مُؤخَّرًا، فنُطلق عليها اسم المفعول به (منسوء)؟! وهل وقع على المرأة فعل (النّسء) لتصير (منسوء)؟
نُلاحظ أنه يوجد فرقًا في الاستخدام لكَلمة (نسيء) بين العاقل والأشياء، فالأشياء إذا قُمنا بنسئها تصير منسوءة، وإذا كانت كَذلك يُطلَق على المنسوء منها اسم (نسيء)، بخلاف المرأة؛ لا نقوم نحنُ بنسئها؛ أيْ لا يُوجد فعل وَقَعَ عليها، وإنَّما صفة حال تُلابس المرأة، سواء أكان الحال اجتماعيًا، أم وظيفيًا من عمليَّة الزّيادة من خلال الإنجاب للأولاد، وإكثار المُجتمع منهم، وبالتَّالي؛ لا يصحُّ أنْ نقول عن المرأة إنَّها منسوء؛ لانتفاء وُجُود الإنساء لها، ولكنَّها (نسيء) لتحقُّق صفة التّأخير الاجتماعي بها، ولقيامها بفعل الإنساء للمُجتمع عن طريق الإنجاب، فالمرأة الحامل هي امرأة نَسوُءْ، وليست منسوءة.
ومن هذا الوجه؛ لا نجد في كُتُب المعاجم، وعلى رأسها اللّسان ذكْر وصف (منسوء) للمرأة، وإنَّما نجده وصفًا للأشياء، كونها يقع عليها فعل الإنساء، فتصير(منسوء)، ونُطلق على مادَّتها كَلمة (نسيء) كاسم لها؛ نحو فعل القتل إذا وقع على إنسان، فيصير مقتولًا، ونسمه (قتيل)، وهذا الوجه الذي ذكره الفرَّاء، وسكت عن الوجه الآخر!.
            الخُلاصة: إنَّ جَمْعَ كَلمة (نسيء) التي تعني ( الزيادة والتأخير يعني شملت المتروك والمهمل والمزاد والمضاف) يُراعى فيه حال الاستخدام من الواقع، فإذا كانت كَلمة (نسيء) تُطلَق على الأشياء المتروكة والمهملة  والمنسية فقط، فجَمْعُهَا يكون على وزن (فَعْلَى)، (نسأى)، وهي مجموعة الأشياء المتروكة والمُهمَلَة خلف الإنسان، أمَّا إذا كانت تُطلَق على العاقل ذكرًا، أو امرأة، أو ما يتعلَّق بهما، فتُجمَع على وزن (فعال)؛ كونها وصف لحال مُتلبِّس به الإنسان، وليس فعلًا وقع عليه من غيره، حتَّى يصير (منسوء)، فالنسيء إن تعلق بغير العاقل وصار قديما ومتروكا يصير جمع نسيء نسأى، أما إن تعلق بشيء جديد فيصير يأخذ مفهوم المستجد والإضافة ويصير جمعه نساء، وهذا يشمل العاقل وغير العاقل.
   فقولنا لبن نسيء ، يعني تم إضافة له الماء، وعندما ينتهي العمل صار منسوءاً ويجمع على نسأى، وكذلك مايرميه الإنسان خلفه من أشياء أو مايقع من المسافرين من أغراض وأمتعة فتسمى نسآى
أما ظهور شيء جديد مثل التقنيات والموديلات من الملابس والسيارات….فهي نسيء وتجمع على نساء بمعنى أشياء مستجدة في ظهورها، فإن صارت قديمة ومهملة ومتروكة تجمع على نسآى
فكَلمة (نسيء)عندما تأتي وصف لحال الإنسان الذي تلبَّس بهذه الصّفة – وهي صحيحة اللاَّم، وعلى وزن (فعيل) – جَمْعُهَا يجب أنْ يكون على وزن (فعال)، وكما ذكرتُ سابقًا أنَّ وُجُود اسم المفعول به لكَلمة (نسيء) – وهُو (المنسوء) – لا يدلُّ على شيء، ومثله مثل وُجُود اسم المفعول به لكَلمة (عليم) وهُو (معلوم)، فالمُلاحَظ أنَّ الدّلالة في الواقع مُختلفة – تمامًا – بين صفة الفاعل العليم الذي قام بالفعل وبين مَنْ وقع عليه الفعل (المعلوم)، فهُو شيء آخر، وكَذلك دلالة كَلمة (نسيء) عندما تُطلَق على الإنسان، أو ما يتعلَّق به، فهي صفة حال مَنْ تلبَّس بصفة التَّأخُّر، أو الزّيادة، ولا يصحُّ أنْ نقول عنه: إنَّه (منسوء)؛ لأنَّ المنسوء مَنْ وَقَعَ عليه فعل الإنساء من غيره، فصار منسوءًا، فكما أنَّ العليم غير المعلوم، كَذلك النّسيء (كصفة للعاقل) غير المنسوء من الأشياء، بخلاف القتيل، فهُو المقتول، فيجب التَّنبُّه إلى هذه النُّقطة لأهمِّيَّتها.
إذنْ؛ كَلمة (نساء) جَمْعٌ حقيقي لمُفردتها (نسيء)، من ذات جنس الأحرف، مثل صغير وجمعها صِغار، أما كلمة صَغار فهي مصدر وليست جمعًا، كما في قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللّهِ اللّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُواْ صَغَارٌ عِندَ اللّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُواْ يَمْكُرُونَ} الأنعام124، وكذلك نسيء وجمعها نِساء، بينما كلمة نَساء مصدرًا وليست جمعًا ، وكُلُّ هذا سُقناه على افتراض أنَّ العَرَب لم يشتقّوا هذا الجَمْعَ، فما بالكَ أنَّ الجَمْعَ موجود في اللسان، وهُو دليل على ذاته بذاته، أمَّا شُيُوع استخدام كَلمة (النِّساء) لجَمْع كَلمة (امرأة)؛ فهذا لا ينفي ولا يلغي أنَّ (النّساء) جَمْعٌ حقيقي لكَلمة (نسيء)، وهُو الأصل في اللسان، والقرءان نزل عَرَبيَّ اللسان، غير مُلزم باستخدام ما اصطلح عليه القوم في زمن مُعيَّن، وعندما يُريد النَّصُّ القرءاني معنىً مُعيَّنًا يُحدِّده بقرينة عن طريق سياق النَّصِّ، أو الواقع؛ نحو مدلول كَلمة (الصّلاة، الصّيام، الحجّ…)، وهُو ما يُسمَّى بالاصطلاح الشّرعي المبني على المفهوم اللساني، لا يتجاوزه، وإنَّما يُحدّد في الواقع صُورة خاصَّة، وينفي الصُّور الأُخرى اللاَّمُتناهية، وما لم يُحدّده يبقى على الأصل، وهُو المفهوم اللساني ، ولكُلِّ مُجتمع أنْ يتفاعل مع أوجه النَّصِّ لسانًا حسب أرضيَّته المعرفيَّة وأدواته، بما يُلبِّي حاجاته، ويُحقِّق غاياته، وبهذا؛ نكون ـ فعلًا ـ قد حقَّقْنَا المقولة التي تقول: إنَّ القرءان صالح لكُلِّ زمان ومكان.
([1])لسان العَرَب، مُجلَّد رَقْم (1)، ط دار الفكر.
([2])راجع كتابي تحرير العقل من النّقل، فقد أثبتنا فيه كذب هذا الحديث وأمثاله.
([3])راجع لسان العَرَب، مادَّة (نسأ).
([4])راجع مُعجم القواعد العَرَبيَّة للشّيخ عبد الغني الدّقر.
([5])لسان العَرَب، المُجلَّد (1)، مادَّة (نسأ).
([6])راجع كتاب الماركسلاميَّة والقرءان، ص 943، ط1، المكتب الإسلامي.