كيف تناقش فيزيائي يقول بأزلية المادة

عندما تريد نقاش مع فيزيائي اطلب منه أن يعيش واقعه ويتعامل معه ولايتعامل مع الأصل، فعندما نقول: تفاحة واحدة ؛ يعني إنها تفاحة واحدة كعنصر ذري تجمع و تفعل و تمثل بتلك الصورة وتجسد وفق قانون معين، وهذه التفاحة هي حقيقة وليست وهمًا ولا تصورًا ذهنيًا،و ولانناقش عدد من الذرات والبروتونات والاكترونات المتحركة بشكل دائم ومتغيرة بحيث لاتستطيع أن تتعامل معها كتفاحة ! ولذلك تجد بعض الفيزيائيين عندهم شطحات من رؤيته الذرية تلك لدرجة أنه ينفي الماهيات والهويات وحقيقة الأعداد ، وينفي حدوث الشيء ويثبت أزليته لأن الشيء الذري يتولد من شيء قبله وكلما تطور الشكل الذري وأخذ أشكال معينة يهلك نهاية ويعود إلى البدء ليولد وهكذا بشكل لانهائي لا كبداية ولاكنهاية!
يعني يقول بأزلية المادة وسرمديتها.
وللأسف تقول له: هل هذا الكلام علمي ومبرهن عليه ؟
يرد عليك: ليس مبرهن عليه هو فرضية!
تقول له: هل تنفي وجود الخالق ؟
يرد عليك: لاأنفي وجود الخالق ولكن إن كان وجوده ثابت أو لابد من الإيمان به يبدو أنه تعامل مع هذه المادة الأزلية وشكلها حسب مايريد
ــــــــــــــــــــــــ
وهذه الفكرة معروفة عند بعض علماء المسلمين مثل ابن تيمية بالقول بقدم العالم لإثبات أن الخالق في فعل دائم دون بداية ،ولايقصدون الأعيان وإنما الأشياء، بمعنى أن صورة الخلق التي صار عليها مثل السماء والأرض ومافيهن، هذه لاشك حادثة كعين أما مادة خلقه الذرية فهي قديمة وليست حادثة، وذلك لأنهم تصوروا إن القول بحدوث الشيء يلزم منه أن الله كان في حالة خمول أو كمون أو عطالة ومن ثم بدأ الخلق، فلذلك لابد عندهم من إثبات وجود خلق قبل كل خلق بشكل متسلسل لانهائي وعرضوا سؤالين:
1- ماذا كان يفعل الخالق طوال وجوده اللانهائي قبل الخلق؟
2- وماذا تغير عند الخالق حتى تم الخلق بهذه اللحظة وليس قبلها او بعدها ؟
والملاحظ عند هؤلاء العلماء ومن يقول بقولهم ويؤيده أنهم انطلقوا من استخدام معايير شيئية حادثة محدودة لفهم وجود الله وأسمائه الحسنى الذاتية، فهم يقرون أن عقلهم عاجز عن فهم اللانهاية لخروجها من المعايير النسبية والشيئية عند الإنسان ، ولذلك لايستطيع العقل تصور اللانهاية ، لأن أي تصور لها سوف ينفي نهايتها ويتصور شيء حادث ضرورة .
والعقل أوصل الإنسان بالبرهان إلى حدوث الكون ضرورة، وعند هذه النقطة وقف العقل لزومًا لنسبية قدرته ومعاييره، ولكن هؤلاء لم يكتفوا بالتعقل وانتقلوا إلى التصور، ولم يستطيعوا أن يتصوروا وجود إله خالق أزلي عليم حكيم قدير ! فألحدوا وجوده، ولكن بالوقت ذاته قبلوا أزلية وجود شيء غير عاقل ولاعليم ولاحكيم ومحدود، بمعنى أنهم نفوا أزلية الفاعل وقبلوا بأزلية وجود الفعل!
فمشكلة الطرفين بعض -علماء المسلمين والملحدين- هي واحدة وتكمن باستخدام التصور الذي يقوم على معاييير نسبية حادثة شيئية على وجود أزلي لانهائي!
وكان الأجدر بهم أن يقفوا حيث وقف العقل بالتفكير والبرهان والواقع واحترم ذاته، ولاينجرفوا بخيالهم وتصورهم، فنحن نعيش بعالم غيبي كبير متنامي نتعقل وجوده تباعاً ونتعامل معه كذلك على الثقة بوجوده وفق البرهان وينزل بعض ما نتعقله إلى التصور إن خضع لدائرة الحس وأدواتها.