مفاجأة لمن يقول بنزول النبي عيسى

وبعد هذا المدخل وضبط مفاهيم الكلمات التي تألف منها النص {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا } [النساء:159]، والوصول إلى أن النبي عيسى توفَّاه الله موتًا وخرج من الدنيا نصل إلى أن هذا النص يتكلم عن النبي محمد، وليس عن النبي عيسى أصلًا، والضمائر في كلمة (به، وموته، وضمير فعل الكون) يرجعون للنبي محمد وليس للنبي عيسى، بدليل النص الذي قبلهم وهو: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَن تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِّنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُواْ مُوسَى أَكْبَرَ مِن ذَلِكَ فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَن ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُّبِينًا} [ النساء: 153]، والقرينة هي المنظومة التي تثبت وفاة النبي عيسى صراحة بصورة الموت له، ومحل الإيمان والاتباع حين نزول القرءان هو النبي محمد وليس النبي عيسى، فالنص متعلق بالرسول محمد وبما نزل عليه من كتاب.
وهذا الفهم للنص معروف في الأسلوب القرءاني واللسان العربي المبين بفهم المنظومات وتقاطع النصوص مع بعضها، وكلام الله مختلف عن كلام الناس؛ لأنه يؤلف منظومة واحدة، ويجب دراسة النص وفق المنظومة، وليس بمعزل عنها ويتم فهم عائدية الضمائر أو النص المعني من خلال الموضوع والسياق ومحل الخطاب بقرائن توجِّه دلالة عائدية ضمائر النص، وهي بموضوعنا ما مرَّ ذكره من إثبات وفاة النبي عيسى وخروجه من الدنيا ومفهوم خاتمية النبي محمد وإكمال الدِّين وحفظ القرءان، وسنة موت النبيين كلهم، ولا حياة لأحدهم بعد النبي محمد قط، وبالتالي لا يوجد دلالة في هذا النص على نزول النبي عيسى.
وإن أصروا أنه لا بُدَّ من أن النص متعلق بالنبي عيسى، فيكون بعد رفعه من اليهود ونجاته وقبل وفاته يخبر الله أنه سوف يؤمن بعض من أهل الكتاب بصدق النبي عيسى ويتبعونه قبل موته، وسوف يكون عليهم شهيدًا في إيمانهم هذا يوم القيامة.
من كتابي : أسطورة نزول المسيح أو شبيهه