جواب على أسئلة الأخ Ehab Fahmy التي عرضها في الحوار عن التلاوات والتواتر

جزيل الشكر والتقدير للأستاذ سامر محمد نزار إسلامبولي علي وقته وكتابتة والمجهود المبذول وجزيل الشكر للأستاذة Raha Halqom على الاستضافة والتقديم والأسئلة المحورية الهامة.
التواتر
(س1) لو كان النطق والتواتر هو الحكم فلماذا اختلفت المصاحف الأولى وأحرقت ?
ج- نزل القرءان ذكر صوتي على قلب النبي محمد وقام بتلاوته على الناس، وحفظه الناس ونقلوه كما حفظوه تلاوة وتتابع ذلك في المجتمع والأجيال اللاحقة بشكل مستمر، وأضيف مبكراً في عهد الحاكم الأول(أبو بكر) بعد النبي لذلك الحفظ الصوتي الحفظ بالخط في المصاحف وتوثق ذلك من قبل المجتمع وعلمائه وكباره، وبعد التوثيق هذا الحكومي الذي استمر تم الأمر من قبل الحاكم الثالث(عثمان) حرق النسخ الشخصية عند الناس لعدم الثقة بها، ولتصير نسخة الحكومة هي الأصل والموثقة والمنتشرة بين الناس.
لذلك الاختلاف حصل بين نسخ الناس الشخصية وهي لاقيمة لها أصلاً لعدم توثيقها ومخالفتها للمتابع تلاوة في الأمة والمخطوط من قبل نسخة الحكومة.
(س2) التواتر هو ما ألفوا عليه أبائهم ويفتح المجال على مصراعية لخطأ الإنسان, والأمثلة كثيرة في السوماريين والبابليين والإغريق فلماذا نتمسك بشيئ يخضع للأهواء بدلاً من التوثيق الذي لا يختلف عليه اثنان?
ج- التتابع لنقل النص القرءاني وليس لفهم الآباء ورأيهم، فاتباع الآباء المذموم هو اتباعهم في الحكم على الموضوع والفهم والأفكار دون برهان، أما أخذ حالة متتابعة بشكل مستمر فهي الحكم عليها بالتوثيق وجوداً وليس الحكم على مضمونها بالصحة، فنحن نؤمن بأن النص القرءاني ظاهرة ثقافية موثقة عن النبي وانتقل تتابعاً كذلك في كل مجتمع إلى يومنا هذا ، وبالتالي صار النص القرءاني أصح وثيقة تاريخية ثابتة بشهادة المؤمنين والكافرين به، أما مسألة مصدريته الربانية كمبنى فهذا يرجع لتفاعل الشخص وثقافته في زمنه وكل واحد معني بهذا التفاعل والوصول إلى المفهوم الذي يستطيع من خلاله أن يؤمن أو يكفر بمصدريته الربانية وهذا متاح من خلال دراسة القرءان ذاته.
القاعدة في ذلك هي :
التتابع للظاهرة يفيد الحكم على صحة وجود الشيء أو نسبته لمصدره الأول ولايفيد صحة المضمون.
القصص القرآني:
(س1) لماذا التكرار في سردها مع التطابق والتضارب مع كتب السابقين?
ج- الكتب الإلهية ذو مصدر واحد ، والكتاب الأخير (القرءان) له خاصية الإكمال لما سبق والحفظ والاستمرار، ولذلك طبيعي أن يعيد ما نزل سابقاً ليحتويه في داخله، وماكان صواباً في الكتب السابقة ولم تطله يد التحريف أعيد مضمون الحدث كما هو، أما الذي تحرف فيها ، أعاد القرءان تصحيح المعلومة وتنزيلها بشكل صواب، فلا يوجد تناقض بين الكتب الإلهية.
(س2) لماذا القصص ليس ذو سياق متصل ومتقطع في شتى السور?
ج- الكتاب الإلهي (القرءان) ليس مثل سائر الكتب البشرية، ولايصح قياسه عليها في طريقة صياغته أو ترتيبه، وطبيعة صياغة الخطاب القرءاني مثل طبيعة نظام الكون ، متداخلة مواضيعه مع بعضها وتشكل منظومة واحدة متكاملة ، ولذلك كان منهج دراسة القرءان مثل منهج دراسة الكون.
مثلاً هل يوجد في الجسم البشري الأعصاب وحدها والعظام وحدها والعضلات وحدها… وهل يمكن دراسة عضو (الكلية أو الكبد) بمعزل عن منظومة الجسم ككل؟
وهكذا القرءان هو منظومة واحدة لايدرس الجزء منه إلا من خلال مفهوم المنظومة العامة للقرءان والمنظومة الخاصة التي ينتمي إليها الموضوع، وهذا يعني لابد من الترتيل للموضوع في القرءان كله وتقليم النصوص وتدبرها وفق تعلقها بمحل الخطاب.
القراءات
(س1) لو كافة القراءات لا تضارب بها وتعتبر ذات محتوى واحد, فلماذا يوجد ما يسمى بالقراءات الشاذة?
ج- التلاوات الشاذة هي التلاوات الجزئية التي لم تتابع في الأمة وكانت تلاوة شخصية، وغالباً هي من باب الفهم والشرح لبعض كلمات القرءان خطها صاحب التلاوة على نسخته.
(س2) هل كانت تنطق الحروف بالهمزات والمد والتشديد وبدون نقاط ? الا يفتح ذلك المجال لاختلاف النطق للكلمات وتغيير المعنى حيث ان تلك الاضافات اضيفت لاحقا بدون علم الرسول النبي محمد ؟
ج- نزل القرءان ذكر صوتي في قلب النبي محمد مركز السمع والذاكرة كملف صوتي، وتلاه على الناس كما نزل، بمعنى تلاوته كانت مُشَكَّلة بقوى حركة الأحرف، ولايهم الخط أو الرسم لها فهي اصطلاح لايقدم ولايؤخر، والحجة بالتلاوة اللفظية المتتابعة في الأمة ويصحح أي مخطوط على موجب التلاوة المتتابعة في الأمة
التدبر:
)س1) القرآن للناس كافة ليتدبروه فلماذا ما يسموا بالمتخصصين هم من لهم القول فيه وكثيرا ما نجد تاويلاتهم خارج المنطق وعلى النقيض يستمر التراث في التفسيرات له الغلبة?
ج- الكتاب الإلهي ليس كله كتاب دين وإنما جزء منه فقط، والمادة الأغلب هي نصوص علمية وتاريخية وغير ذلك، ولكل مادة منهج لدراستها، ونصوص الأحكام الدينية مُحكمة كلها لايمكن أن يتعدد الفهم فيها مثل مفاهيم الإيمان ونصوص الوصايا العشر ، بينما النصوص الأخرى خارح الأحكام فيوجد فيها محكم ومتشابه ويتعدد الفهم فيها وتقبل الرمز، والاختلاف في فهمها طبيعي لاختلاف الأدوات المعرفية ، ولايوجد فهم أحد حجة على آخر، ويكون الفهم ظني ونسبي وقابل للتعديل والتغير ، وهذا الاختلاف ليس في أمور الدين.
ولايصح استخدام كلمة تأويل لنصوص القرءان لأن التأويل يعني إنهاء فاعلية النص القرءاني كعطاء معرفي وعلمي وجعل الفهم المذكور سقف للمعرفة ومنع أي شخص من الدراسة والتدبر وتجاوز الفهم .
أما التفسير فهو مفهوم يدل على الشرح والتوضيح وهذا مهمة القرءان ذاته فهو مفسر لذاته بذاته وفق منهجه ومفاتيحه التي في داخله ، وفهم نصوص الدين أمر متاح لكل الناس ، بينما فهم وتدبر نصوص القرءان (غير نصوص الأحكام) فهو خاص لمن يدرس ويتدبر ويمتلك الأدوات المعرفية والسير في الأرض، ولذلك انتهت محاولة تدبر السلف والتراث للقرءان ولم تعد تصلح للدراسة وينبغي تجاوزها وجعلها مادة تاريخية وتوقيف طباعة وترويج الكتب التراثية بين الناس.
)س2) أيعقل أن الله يرسل رسالة محكمة ويختلف عليها الناس ولا يستطيعوا ان يعوا الفهم لها طوال قرابة 15 قرن من الزمان ومازالوا لا يعون ? فبماذا نفسر ذلك?
ج- أكيد لايُعقل أن يكون نصوص الرسالة التكليفية غير محكمة لتعلق المسؤولية بها والحساب ، ولذلك كانت نصوص التكليف كلها محكمة لاتقبل التعدد بالفهم ، فالحرام حرام والواجب واجب، وما سكت عنه المشرع يكون حسب القاعدة المنطقية القرءانية مباح، وأي اختلاف في الرسالة التكليفية مرده للناس وليس لبنية الرسالة ذاتها، مع العلم أن كليات الرسالة كمفاهيم إيمانية ونظام أخلاقي وقيمي ثابت ليس محل خلاف مثل الوصايا العشر والأخلاق، والمحرمات مثل تحريم نكاح المحارم …الخ.
والذي حصل خلال التاريخ بسبب الصراع السياسي على كرسي السلطة ظهرت ملل مؤدلجة أضافت للدين مصادر أخرى مثل أحاديث النبي والاجماع ومفهوم الأئمة وفهم الصحابة وغير ذلك فألبست الباطل لباس الحق وأضلت العباد، وهذا يعني أن المشكلة في عقل المسلمين الثقافي ودمج الدين بالدولة واستخدامه في الصراع السياسي، وليس في الرسالة ذاتها!
)س3) لماذا لا يجتمع العلماء من مختلف الثقافات على نبذ الهرطقات واصدار تفسير جديد يعكس ما توصلوا اليه من تدبر للأيات?
ج- لاداعي لهذا الاجتماع في الدين لأن أمور الدين مُحكمة ولاتحتاج مصداقية من قبل أي جهة، وكل الناس يقبلونها ولايطلبون البرهان عليها، فأركان الإسلام هي ثلاثة فقط:
الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح وفق منظومة القيم و الأخلاق والوصايا العشر، وهذا محل تسليم من الجميع .
والمطلوب هو نشر الوعي بين الناس لأمور الدين ، وبالتالي لايقبلون قول أحد في الدين ولافتوى لأحد لأن أمر الدين رباني فقط.
أما دراسة وتدبر نصوص القرءان( غير نصوص الأحكام) فلا يمكن الاجماع عليها لأن فهمها نسبي وظني ومتغير مع تطور العلم وأدواته
– وEhab Fahmy بعتذر عن الإطالة 📷
ج- مرحباً بك، وأرجو أن أكون قد وفقت في الجواب على أسئلتك بالمختصر المفيد