الرضاعة حقّ للولد، وواجب على الوالدة

إن عملية الرضاعة للأولاد هي عمل غريزي بين الكائنات الحية، والإنسان يشترك معها بهذه الصفة، فليست الرضاعة صدقة من الوالدات يقمنَ بها تجاه أولادهنَّ، وإنما هي حقّ الأولاد على الوالدات، لذا؛ يجب على الوالدة أن تُرضِعَ طفلها من منطلق الصفة الحياتية، ومن منطلق الصفة الإنسانية.
{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُواْ أَوْلاَدَكُمْ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } (البقرة 233).
فالنصّ دليل على وجوب فعل الرضاعة، وبالتالي؛ ليس للوالدة أن تمتنع عن الرضاعة، أو تطلب أجراً على فِعْل ذلك.
أمَّا النصّ الذي ذَكَرَ أخذ الأجر على الرضاعة؛ فهو خاصّ في حالة طلاق الوالدة {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى } (الطلاق 6).
وذلك لأن مآل الولد لأبيه، فكيف تُغذِّيه، وتكبره، ويأخذه الأب بعد ذلك؟! فأعطى المشرع للمرأة المطلَّقة حقَّاً أن تأخذ أجراً على تعبها، أمَّا في حالة الاستقرار والانسجام الأسري؛ فعملية الرضاعة حقّ للطفل، وواجب على الوالدة، دون أيّ مقابل تأخذه.