استخدام القرءان لدلالة كلمة هل هوحسب عرف الناس أم وفق اللسان العربي

استخدام عامة الناس لمعنى كلمة على وجه معين كعرف لاينفي عمومية دلالة الكلمة لسانياً، ونزل القرءان بلسان عربي مبين وليس بما شاع بين الناس واصطلحوا عليه فيما بينهم.
مثلاً اصطلح الناس فيما بينهم أن كلمة اللحم لاتُطلق إلا على الجزء الأحمر مثل العضلات من جسم الأنعام خلاف الدهن والشحم والجلد.
لننظر ما هو مفهوم كلمة اللحم في اللسان العربي أولاً:
لحم: كلمة تدل على كل لزوم شيء بحركة مؤرجحة يتصل ببعضه بصورة تجمع متصل لاينفك.
لحم (مقاييس اللغة)
اللام والحاء والميم أصلٌ صحيح يدلُّ على تداخُلٍ، كاللَّحمِ الذي هو متداخِلٌ بعضُه في بعض. من ذلك اللَّحْم.
وسمِّيت الحربُ مَلْحَمةً لمعنيين: أحدهما تَلاحُمُ الناس: تداخُلُهم بعضهم في بعض.
والآخر أنَّ القتلى كاللَّحْمِ الملْقَى.واللَّحيم
ونستخدم ذلك في حياتنا المعشية فنقول : لحم خزان الماء أو الانبوب ، إذا أضفنا له قطعة أخرى وثبتناها عليه.
ونطلق على المهني الذي يذبح الأنعام ويقسمها أجزاء (لحّام ) وهو يتعامل مع مواد اللحم كلها وليس جزءاً منها
إذاً؛ كلمة لحم في اللسان العربي ليست خاصة على الجزء الأحمر من جسم الأنعام ، وإنما تطلق على كل مايَلحم في بدن الأنعام وينمو حول العظم من شحم ودهن والمادة الحمراء، وغلب اسم اللحم على المادة الحمراء اصطلاحاً وعرفاً لأنها هي محل طلب الناس وغذائهم فأخذت الاسم وحدها واستقل الدهن والشحم بأسمائها ، ولكن بعموم اللسان كل هذه المواد هي لحم.
لننظر هل استخدم القرءان كلمة اللحم بما اصطلح عليه الناس أم وفق مفهوم الكلمة في اللسان العربي ؟
{وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ }الواقعة21
{وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }النحل14
{ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ }المؤمنون14
الملاحظ في القرءان أنه استخدم كلمة اللحم بدلالتها اللسانية وليس الاصطلاحية العرفية بين الناس بمعنى أنه شمل كل مايَلحم حول العظم باسم اللحم، وعندما يريد ان يحدد مادة معينة جزئية من اللحم عموما يذكرها باسم خاص لها مثل الدهن أوالشحم
{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُواْ حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلاَّ مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُم بِبَغْيِهِمْ وِإِنَّا لَصَادِقُونَ }الأنعام146، أما عند الاطلاق فيصد بها كل المواد اللاحمة في الجسم .
واقرؤوا الآن :
{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }البقرة173
فمن تعامل مع النص بالاصطلاح العرفي والشائع عد أن دلالة كلمة اللحم هي المادة الحمراء فقط وبالتالي لامانع من أكل شحم الخنزير ودهنه وجلده وأي شيء فيه سوى اللحم ( المادة الحمراء ) فهي المحرمة!.
بينما الصواب هو أن القرءان استخدم كلمة اللحم بالمعنى اللساني وليس الاصطلاحي العرفي الشائع بين الناس، وبالتالي تحريم أكل لحم الخنزير يشمل تحريم كل مادة تلحم وتنمو حول العظم في جسم الخنزير وهذا يعني ان الشحم والدهن والجلد واي شيء يلحم في جسم الخنزير محرم استخدامه في الغذاء الإنساني.
هذه قاعدة مهمة جداً للباحث في القرءان ينبغي أن يعلمها ويحذر من أن يقع في فخ الاصطلاح والعرف بين الناس اثناءدراسة القرءان.