موقف المسلم من النص القرءاني
عندما يتعامل الإنسان مع الوجود فهو أمام ثلاثة مواقف لا رابع لهم:
الأول: أن يقف موقف المتفرج ويستسلم للحدث.
الثاني: يلجأ إلى الآباء والكهنة والخرافة ليفسروا له سبب حصول الحدث ويسلم لهم بذلك .
الثالث: يدرس الحدث وسيرورته وصيروته ويحاول أن يكتشف كيف حصل وما هي السنن التي تحكم حركته ليسخره ويفهم الوجود على موجبه.
وهذا الموقف الثالث يقوم على محور الثابت و المتغير ويتنامى بشكل دائم ويُحَدِّث ذاته وفق المعطيات والتطور الأدواتي العلمي، ويكون أغلب معلوماته ظنية نسبية قريبة للصواب قابلة للتعديل والتحديث.
ولايخرج إنسان أو قوم من هذه المواقف الثلاثة ، مثلاً ، لنر موقف الناس من مرض السرطان:
الصنف الأول يقف موقف العاجز ويستسلم للمرض والموت لاحقاً
الصنف الثاني: يلجأ إلى الكهنة والآباء والخرافة لخوفه وشعوره بالمرض والخطر ويريد النجاة، والنتيجة هي الضلال والضياع والهلاك أيضاً وخسارة المال والجهد والحياة
الصنف الثالث: يتجه نحو العلم ويبحث عن العلاج المُجدي رغم علمه أن الدواء هو ظني وليس قطعياً ومع ذلك يثق به ويتعامل معه وقد ينجح حالات كثيرة في الشفاء ، وما يزال العلم يتقدم ويتنامى ويُحدِّث َ دراسته وفهمه .
فالمريض أمام ثلاثة مواقف إما العجز والاستسلام له، أو اللجوء للكهنة والتراث والخرافة ، أو اللجوء إلى العلم ولو كان نسبياً وظنياً.
والعاقل الراشد يلجأ إلى العلم لامفر له لأنه الموقف الوحيد الصواب ولاخيار له إلا ذلك أو العجز والخرافة .
وكذلك من يريد دراسة القرءان فهو أمام ثلاثة مواقف :
الأول: يقف من النصوص موقف سطحي على ظاهرها ويبقى يكرر لفظها تلاوة ويرفض أي محاولة لفهمها تخالف السطحية والشائع .
الثاني: يرجع للتراث والآباء ويتبنى موقفهم وتفسيرهم دون دراسة ويحارب به ويرفض أي فهم ودراسة جديدة خلاف المألوف والمعروف تراثاً، فهو من حيث النتيجة مثل الموقف الأول
الثالث: يتفاعل مع النص القرءاني ويحاول أن يفهمه وفق منهج قرءاني علمي واقعي ويخرج بنتيجة ظنية قريبة للصواب من حيث الواقع والمفهوم المنطقي واللساني وهو فهم قابل للتحديث والتطوير ويصلح نقطة ارتكاز للدراسة
ولايوجد أمام الباحث القرءاني إلا تبني الموقف الثالث ولو يقوم على غلبة الظن، ولكن يصلح للدراسة والتطور والتحديث والاعتماد عليه بخلاف الموقفين السابقين فهما موقف العجز والخرافة والآبائية ولايصلحان للبناء عليهما وتطويرهما قط .
فاختر حضرتك الموقف الذي تشاء وتتبناه، ولكن إن اخترت الموقفين الأوليين فلا تناقش أحد ولاتعترض على اي دراسة ، و احتفظ بموقفك لنفسك لعدم صلاحية الرأيين للنقاش والدراسة وغياب العقل والعلم عن موقفك !!
اضف تعليقا