نماذج عن إخضاع القرءان لعقل الباحث ورأيه

القرءان حاكم وليس محكوماً، وهو متبوع وليس تابعاً، وهو أصل وليس فرعاً، وهو إمام وليس مؤتماً.
ونستدل به ولانستدل عليه ، وهو نور وحجة وبيان وبرهان من الله .
ولكن ظهر بعض الباحثين الذي جعلوا القرءان محكوماً لفهمهم ورؤيتهم وذهبوا إلى نفي هذا النص القرءاني من هنا وآخر من هناك بحجة أنه محرف بدليل عدم موافقته لرؤيتهم وفهمهم وعقلهم .
وعلى سبيل المثال:
1- آية الله الشيخ إياد الركابي، شيعي الملة كأصل ولكن هو مفكر ليبرالي حر من العراق
يقول بما معناه: القرءان يقوم على منظومة أخلاقية راقية، وقد نهى الله عن الشتم والسخرية من الطرف الآخر، ولا يمكن أن يخالف الله ما نهى عنه ، ولذلك كل نص يتضمن السخرية و الشتم من الطرف الآخر موجود في الكتاب فهو محرف ومدسوس مثل {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ }القلم13
2- أحمد القبانجي شيعي الملة كأصل من العراق ولكن هو ليبرالي ويقدم نفسه لاديني.
يدعي أن القرءان كتاب من تأليف النبي محمد وهو تاريخي وليس مقدساً، وينفي عن الخطاب القرءاني الإحكام اللساني والمنطقي ويضرب مثلاً نص: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنفُسِكُمْ أَن تَأْكُلُوا مِن بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتَاتاً فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُون }النور61
يقول: هل يحتاج الإنسان ليأكل من بيته أو من بيت أبيه وأمه إلى نص شرعي؟ وهذا يدل على أن النص هذا عبث وحشو وليس كلام الله ولايوجد فيه أي خبر جديد يضيفه الخطاب، وهكذا سائر النص القرءاني كله محرف وكلام فارغ.
3- عالم سبيط النيلي، شيعي من العراق، درس نظام اللسان العربي اعتمادا على القرءان وهو برهانه على دراسته، ولكن الغريب بعد أن انتهى من دراسته طعن في برهانه الذي هو القرءان بسبب تشيعه وبسبب اعتداده بما وصل إليه فقال: في كتابه:” أصـل الخَلقِ وأَمـرُ السُجود بَينَ الأنــا وبين الولايــة والتوحيد”
{وَاتَّبَعُواْ مَا تَتْلُواْ الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَـكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَآرِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُواْ لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }البقرة102.
{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ }الأعراف20
الصواب هو كسر حرف اللام لتصير (مَلِكين) ويصح المعنى بأن هاروت وماروت هم من ملوك الأرض وليس من الملائكة، وكذلك في النص الآخر!
وقال سبيط في كتابه : “نجوم القران المبين في ولاية أمير المؤمنين”
تحريف قوله تعالى{قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ }الحجر41
التحريك الموجود في المصحف العثماني هو تنوين صراط وفتح الياء في علي ومعناه إن المتكلم جل جلاله يقول لإبليس اللعين إن الصراط المستقيم عليه أي على الله .
ولكنه لا يجوز لغة لأن (علي) لم تأت في نهاية الكلام بل بين الصفة والاسم ومحال أن تكون غير اسم في هذا الموضع خصوصاً لأن المتكلم هنا هو الله تعالى فكان عليه صراط مستقيم وآخر غيره وهو غير جائز.
نعم قام الاعتباط بفتح لفظ (عليَ) وتنوين صراط للتخلص من ذكر علي بن أبي طالب في القرءان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ويقصد “سبيط” أن الصواب هو ضم كلمة (صراطُ ) وجر كلمة ( علي) مع تشديدها كونها مضافة إلى كلمة الصراط ليصير النص ( هذا صراطُ عليِّ ) وبالتالي تصير اسم ويقصد بها علي بن أبي طالب.
4- رشاد خليفة مهندس مصري من أهل السنة ،عاش في أمريكا وهو أول من عرض ما يسمى بالإعجاز الرياضي للقرءان المتعلق برقم تسعة عشر.
قال في قوله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ واتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً }النساء125، يوجد خطأ في رفع كلمة الله ونصب كلمة إبراهيم، والصواب أن تكون مفتوحة لتصير مفعول به، والفاعل هو إبراهيم ، وذلك على غرار قوله تعالى {وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ }فاطر28، وغير رفضه لآخر آيتين من سورة التوبة لعدم انطباق نظريته عليهما!
5- جمهور أهل السنة الذين يقولون بوجود النسخ في القرءان أو وجوب تقييد فهم النص القرءاني بفهم الصحابة والسلف هم أيضاً وقعوا بما وقع فيه غيرهم في التحكم بالقرءان وإخضاعه لفهمهم ومزاجهم
6- جمهور الشيعة الذين يخضعون القرءان لفهم أئمتهم ومراجعهم وقعوا أيضاً في هذا الخطأ الفاحش وجعلوه محكوماً وتابعاً لعقولهم !
7- ظهور بعض الباحثين الإنسانيين الذين اضطروا أن يقولوا بالنسخ الحكمي لبعض النصوص القرءانية مثل مفهوم ملك اليمين الذي فهموه أنه الرق والاستعباد فطبيعي أن يرفضوه ، أو نص قطع يد السارق الذي فهموه بتر يد السارق فرفضوه لهمجية العقوبة ، وعدوا هذه الأحكام مرحلة تاريخية ليست ملزمة الآن، وذلك لعدم وضوح المنهج القرءاني عندهم وعدم قدرتهم على التعامل مع النص القرءاني بلسانه العربي المبين ، ولو فعَّلوا المنهج وطبقوه لوجدوا أن النص القرءاني هو إنساني أصلاً، ولاقيمة لعدم فهم السابقين من السلف والخلف لهذا أو لم يقولوا به ، لأن التاريخ ليس برهاناً دينياً ولامصدراً تشريعياً
فهؤلاء وغيرهم من المعاصرين جعلوا من عقلهم القاصر وفهمهم المحدود مقياساً وبرهاناً وحكماً على القرءان وليس العكس الذي ينبغي أن يكون. وليعلم هؤلاء إن القرءان يعلو ولا يعلى عليه ، ونستدل به ولا نستدل عليه، وهو الحكم والبرهان والنور، ومالم تفهمه اليوم يمكن أن تفهمه غداً أو يأتي من يفهمه.