السقف المحفوظ

كلمة السقف من سقف و تدل على الحركة الحرة المتوقفة بشدة المنتهية بفتح منضم ، وظهرت ثقافياً بمعنى منتهى الشيء بصرف النظر عن جهته في الأعلى أو غير ذلك أو بدلالة مادية أو معنوية، لنقرأ:{قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللّهُ بُنْيَانَهُم مِّنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَشْعُرُونَ }النحل26 جملة (فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِن فَوْقِهِمْ) لو كان السقف لايكون إلا فوق الشيء على الوجه المادي لكانت كلمة (من فوقهم) بعد كلمة ( فخر عليهم السقف) عبث وحشو ، والخطاب القرءاني منزه عن الحشو والعبث، وهذا يعني كلمة (من فوقهم) تضيف معنى زائداً لاتؤديه كلمة (السقف) وحدها وتفيد أن كلمة ( السقف) لاتدل على جهة الفوق دائماً فيمكن أن تأتي بدلالة معنوية كما في النص السابق.
وهذا يعني أن السقف لايشترط له أن يكون صمّاً مغلقاً غير قابل لاختراقه خروجاً أو دخولاً، ولايصح استحضار سقف الإسمنت المسلح لفهم كلمات القرءان !!!
لنقرأ:
{وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } {وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفاً مَّحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ }الأنبياء 31- 32
النصان يتكلمان عن الأرض ، وكلمة (السماء) في القرءان ليس بمعنى واحد أينما أتت فالسياق هو الذي يحدد المقصد منها، وفي النص هذا هي البُعد الحركي المتجمع باتصال وامتداد كسقف للأرض وهو جزء منها وليس هو إلا الغلاف الجوي وهو سقف محفوظ لايتلاشى أو يذهب عن الأرض، ومن مهامه حفظ الحياة على الأرض وحفظها من كل شيطان مارد من الشهب والنيازك التي تتتمرد على نظامها سننياً وتنفصل عن أمها أو تنفجر وتهوي باتجاه الأرض، ولايوجد في هذه النصوص أي دلالة على مفهوم الجن الشبحي أو الشيطان الذي يطير ويخترق السموات وماشابه ذلك من المفاهيم الهزلية، ولايوجد في النص دلالة على منع الإنسان أو عجزه أن يخرج من الغلاف الجوي بالعلم والسنن والقوة التي يكتشفها ويمتلكها التي عبر عنها النص القرءاني بكلمة (سلطان) في قوله:
{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ }الرحمن33