مفهوم الظلمات والحوت في القرءان

كلمة ظلام وجمعها ظلمات لاتعني السواد أو الليل ولو أن السواد والليل ينتج عنهما الظلام ، فماذا تعني كلمة الظلام؟

ظَلَم: تدل على دفع ملتصق بحركة ثقيلة منتهية بجمع متصل، وظهرت ثقافياً بمعنى غياب النور والحق والصواب، وفي حال غاب النور والحق والصواب ظهر الضلال والضياع والخطأ والتخبط في الحكم أو التصرف، ومن هذا الوجه قالوا :إن الظلم هو وضع الشيء في غير مكانه ، بمعنى مخالفة الحق والصواب في ذلك الفعل والوقوع بالضلال والباطل والخطأ والتخبط بالحركة .

وسمي الليل ظلاماً لتحقق به نفي النور ونفي الرؤية و ونفي التمييز للأشياء عن بعضها ، وكذلك السواد، ويمكن أن تأتي الظلمات في النهار معنوياً بغياب العلم والنور والمعرفة و السير على غير هدى.

لنقرأ دلالة كلمة (الظلمات ) بدلالة معنوية :

{الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ }إبراهيم1

{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللّهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ }إبراهيم5

{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً }الأحزاب43

{اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَآؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة257

{يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }المائدة16

{وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ اللّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }الأنعام39

نلاحظ في النصوص السابقة أن كلمة ( الظلمات) أتت بدلالة معنوية تقابل النور وهي تعني غياب النور والحق والرشاد والوعي والصواب عن الذين كذبوا بآيات ربهم، وكلمة النور تعني الحق ووضوح الرؤية العقلية والعلمية للأشياء وفق منطق علمي حكيم.

وأتت كلمة (الظلم) بمعنى الضلال عن الحق أو الضياع أو التعمد في ترك الحق وإهماله وهي التي قال عنها العلماء وضع الشيء في غير مكانه.

{إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً }النساء40

{فَمَن تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }المائدة39

وتأت كلمة (الظلمات) بمعنى مادي.

{وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ }الأنعام59

{قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَـذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ }الأنعام63

{أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ }النمل63

فكلمة (الظلمات) في النصوص السابقة أتت بدلالة مادية متعلقة بنفي الرؤية أو الضياع والضلال عن معالم الشيء سواء أكان في النهار أو الليل أو البر أو البحر أو في غابة ، فمن يسير دون هدى ولاضوابط فهو يسير بظلمات ومآله الضياع والضلال، ويكون ذلك عادة في الليل أكثر من النهار ، فمن يركب البحر دون هدى ولاعلم ولا معالم تدل على طريقه فهو يسير في الظلمات ولايدري أين يسير فيه القارب سواء أكان الجو نهاراً أو ليلاً، ولذلك جعل الخالق النجوم علامة للناس ليعرفوا طريقهم في البر والبحر ويهتدوا بها في الظلمات {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }الأنعام97، وعادة تظهر النجوم ليلاً ويحددون الطريق على موجبها ويهتدون بها في ظلمات البر والبحر وفي الليل والنهار يستمرون بالسير على موجب الهداية والاستعانة بالشمس والتضاريس الطبيعية .

وهذا يعني أن النبي يونس عندما نادى في الظلمات{وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }الأنبياء87

لايعني أنه نادى من بطن السمك الكبير ، وإنما يعني نادى وهو في حالة ضياع وضلال في البحر لايعرف أي هدى أو علامة ليرجع للبر وينجو بنفسه .

مفهوم الحوت

كلمة حَوَت تدل على الأرجحة الشديدة والممتدة بانضمام مكانياً منتهية بضغط خفيف ، وظهر ذلك بحركة الروغان والمناورة والحومان مع الامتداد مكانياً.

وكل مايتحقق به هذا المفهوم يطلق عليه اسم (حوت)، وكتب المعاجم أتت باستخدام الكلمة وليس بمفهومها اللساني، وهذا الاستخدام ليس للحصر  ولاسقف معاني  كلمة حوت.

فنقول عن السمك:  إنه حوت سواء أكان صغيراً أو كبيراً لتحقق به مفهوم كلمة (حوت) في حركته بالماء.

ونقول عن التاجر القوي في السوق بحركته وخبرته ومناورته وحومانه إنه حوت.

وجمع كلمة حوت حيتان.

حوت (الصحاح في اللغة)

الحوت السمكة، والجمع الحيتان

والحوت برج في السماء. وحات الطائر على الشيء يحوت، أي حام حوله.

وحاوتني فلان، إذا راوغك.

إذاً، ليس كل كلمة  (حوت) تعني سمكاً، ولابد من قراءة الكلمة وفق السياق ومحل الخطاب لتحديد معنى كلمة (حوت) في هذا السياق .

لنقرأ:

{واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ }الأعراف163

كلمة (حيتانهم) ترجع للقوم كملكية لهم ولايكون السمك في البحر ملكية لأحد، ووفق السياق ومحل الخطاب هي قوارب الصيد فهي ملكيتهم وهي تأتيهم مشرعة ومحملة بالصيد الوفير أما في غير السبت فلا تأت مشرعة ولايوجد صيد فيها وهذا ابتلاء لهم وعقوبة لفسقهم.

وأطلق على قارب الصيد اسم الحوت لأنه يتحرك بأرجحة شديدة للأعلى والأسفل واليمنة و اليسرة ويناور ويراوغ ويمتد منضماً على ذاته مكانياً وإلى الأمام.

لنتابع:

{قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً }الكهف63

لايوجد في النص ذكر أن الحوت هو السمك ، والمسافر لايترك طعامه خلفه في العراء، والنص يتكلم عن رحلة بحرية وهذا يدل على أن الحوت هو قارب صيد يحمل النبي موسى وفتاه وغداءهم.

وعندما وصل النبي موسى وفتاه إلى اليابسة أويا إلى الصخرة ونسي الفتى أن يربط القارب الذي أتيا به كعادة صاحب القارب وهذا يدل على أن الفتى لايوجد عنده خبرة في قيادة القوارب مسبقاً، و عندما نزلا منه ترك القارب حيث هو فسحب التيار المائي القارب واتخذ سبيله في البحر سرباً، وتابع النبي موسى وفتاه طريقهما وابتعدا عن مكان ترك القارب، وبعد فترة  قال النبي موسى لفتاه آتنا غداءنا؟ فتذكر الفتى فوراً أنه نسي أن يربط القارب والطعام كان فيه فذكر ذلك للنبي موسى ، فقال النبي موسى هذا ما كنا نبغ ورجعا للمكان ذاته فوجدا العبد الصالح بانتظارهما، وتتمة القصة معروفة وبصرف النظر عن أن القصة رؤية منامية أو حقيقة .

ووصلنا الآن لنص حوت النبي يونس.

ينبغي أن نعلم أن الإنسان لايمكن أن يعيش في بطن الحوت بمعنى السمك الكبير لانقطاع الهواء في داخله وقيام الحوت بهضمه، ولايمكن أن يبقى النبي يونس أو السمك الكبير إلى يوم يبعثون بمعنى يوم القيامة، فهذا فهم سطحي طفولي شائع ، ولم يأت نص أن الحوت ( السمك الكبير ) بلعه أو أكله فهذا تصور سطحي واقحام معنى لم يأت في النص وسببه تبديل كلمة (التقم) بكلمة (بلع أو أكل) نتيجة انتشار ظاهرة الترادف بين معظم الباحثين وهي إمكانية تبديل أي كلمة بأي كلمة أخرى دون أن يتغير المعنى ، وهذا عمل غوغائي عبثي ينقض حكمة الصياغة القرءانية.

فماذا تعني كلمة التقمه الحوت؟{فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ }الصافات142

لقم: تدل على حركة لازمة ثقيلة متوقفة بشدة منتهية بجمع متصل.

وظهرت ثقافياً بتلقيم السلاح بالذخيرة وهي وضع القذيفة في داخل السلاح بقوة واستقرارها فيه.

وظهرت بوضع جزء من الطعام في الفم وإطباقه عليها فتسمى لقمة، وتسمى العملية التلقيم ،وإن قام بها الشخص بنفسه قلنا: التقم لقمة.

وسمي لقمان لقماناً لأنه كان يلتقم الحكمة و يلقمها لقماً للناس في عقولهم والمعنى معنوي

{وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ }لقمان12

وهذا يعني إن فعل (التقم) يدل على التزام شيء بقوة وإضافته لشيء آخر ومسكه فيه.

فالتقام الحوت للنبي يونس هو التزامه والتمسك به بقوة وذلك حينما ألقوه في القارب فهو معنى الحوت بالقصة ، وبطن الحوت هو بطن القارب ،لأن كلمة بطن لاتعني بالضرورة العضو المنتفخ في الكائن الحي فجوف كل شيء يسمى بطنه {وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم بِبَطْنِ مَكَّةَ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً }الفتح24

وهذايوصلنا إلى أن القرءان لم يستخدم كلمة (الحوت) بمعنى السمك قط مع صحة استخدامها لسانياً.

وبعد هذا التدبر لكلمات محورية في قصة النبي يونس نأتي لتشكيل رؤية أقرب للصواب من خلال النصوص

دعى النبي يونس قومه فلم يستجيبوا له ، فظن أنه قد أقام الحجة عليهم وانتهى دوره فغادرهم مسرعاً دون إذن من الله أو أمر ، وظن أن الله بعلمه للحدث قد عذره ولامانع من ترك قومه لكفرهم وعدم إيمانهم، وسرعان ما أبق للفلك المشحون

{إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ }الصافات140.

كلمة (أبق) تعني المغادرة بسرعة شديدة للمكان سواء عن هروب أو دونه.

كلمة (الفلك) تعني السفينة سواء أكانت بشكل بدائي أو متطور.

كلمة ( المشحون) اسم مفعول وتدل على الشيء المتجمع به ناس أو بضاعة كثيرة معدة للسفر أو الانتقال أو كلاهما. {وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ }يس41

وساهم مع القوم فدحض سهمه بمعنى بطل وزال {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنْ الْمُدْحَضِينَ }الصافات141، وبصرف النظر عن الشيء الذي ساهم فيه ، المهم خسر سهمه وفقد ثقة أصحاب الفلك وقرروا التخلص منه، ولم يأت في النص أنهم حملوه وألقوه في البحر، وإنما أتى {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ }الصافات142، وقد عرفنا دلالة كلمة (اللقم) وأنها تدل على الالتزام للشيء بقوة ، وعرفنا كلمة (الحوت) أنها تدل على قارب صيد ، ليصير المعنى المنطقي أن أصحاب السفينة أرغموه على مغادرة السفينة وتركهم  وجعلوا له قارب صيد صغير ،ويبدو أنه قاوم أو رفض ذلك فقاموا بإلقائه في القارب رغماً عنه وربما قيدوه أيضاً  والقوه في القارب فالتقمه القارب ببطنه، وكان النبي يونس ممتعضاً من فعلهم ومليم لهم على هذه المعاملة له ، وابتعدوا عنه وتركوه في عرض البحر دون هدى ولاعلامات يستدل بها وهو لايعرف البحر أو الإبحار به وحده، ومضى عليه أيام  يتعرض بها لحرارة الشمس  وليالي يتعرض لبرد الليل، ونفذ منه الماء والطعام وضاع وضل في ظلمات البحر لايعرف أين يتحرك به موج البحر، وصار سقيماً وضعف جسمه مما يتعرض له ، فالتجأ إلى الله ونادى تائباً نادماً {…فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ }الأنبياء87، فاستجاب له الله وأنجاه مما فيه

{فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ }الأنبياء88.

أما قوله تعالى : {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ }الصافات144، فلاتعني أن النبي يونس كان في بطن الحوت السمك الكبير لما ذكرناه سابقاً أن ذلك فهم طفولي سطحي مستبعد ، ولاتدل كلمة ( يبعثون) يعني يوم القيامة لأن النبي يونس أو الحوت بمعنى السمك لن يبقيا طول هذه الفترة وسوف يموتان كلاهما ضمن الزمن الموجودين ، وهذا يدل على أن النص له مفهوم آخر ، ووفق ماذكرنا من أحداث القصة يكون مفهوم النص هذا الأقرب للصواب هو: أن النبي يونس سوف يبقى في ظلمات البحر ضائعاً وضالاً حتى ييسر الله له قوم يبعثهم له ويجدوه وينقذوه ، وهذا قد يطول كثيراً، ولكن كونه تاب وندم واعترف بذنبه ونادى الله عز وجل فقد أنجاه بطريقة نبذ قاربه إلى اليابسة ، {فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاء وَهُوَ سَقِيمٌ }الصافات145، ووجده قوم يوجد بينهم علاقات قاطنين في المكان هذا فاعتنوا به وعالجوه حتى قوي واسترد عافيته{وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ }الصافات146، وقام ورجع لقومه يدعوهم إلى الله فاستجابوا له وآمنوا بالله . {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ }{فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ }الصافات147-148

لذا؛ ينبغي عدم نشر القصة الطفولية والمخالفة للمنطق عن ابتلاع الحوت (السمك الكبير) للنبي يونس وتوقيف هذه المهزلة ، وعدم إعطاء مبرر للملاحدة وغيرهم من السخرية من القرءان وقصصه التي يعرضها معظم المفسرين مثل أفلام كرتون والسندباد البحري.!

وبناء على هذا العرض يمكن أن ندرس ونتدبر باقي النصوص مثل هذه :

{خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنزَلَ لَكُم مِّنْ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِن بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ }الزمر6

{أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ }النور40

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }محمد24