النبي قارئ وكاتب والرد على نهرو طنطاوي
رد غير مباشر على (نهرو طنطاوي)في اتهامه للنبي بالعته والحمق من خلال نفي القراءة عنه والكتابة
نقض مقولة إن النبي لا يعرف القراءة والكتابةنقاش جرى مع دكتور في الدراسات الإسلامية
– النقطة الأولى: أنت أثبت الفرق بين مفهوم كلمة (قرأ) ومفهوم كلمة (تلا)، وذلك بقولك:( لا شك أن هناك فرق بين القراءة والتلاوة من حيث اللغة ) هذا الكلام علمي ويسمع ، أما بقية كلامك واستنكارك فهو خاص بك لا قيمة له علمياً البتة، فاحتفظ به لنفسك ولا تعرضه .هذه نقطة يجب أن نثبتها ولا ننقضها أثناء النقاش، كل كلمة لها مفهوم مختلف عن الأخرى ولو بشكل نسبي أو جزئي، ولا يمكن أن يتطابق معنيان لكلمتين مختلفتين في المبنى!!( إذا اختلف المبنى اختلف المعنى ضرورة).
– النقطة الثانية: نفى القرءان عن النبي فعل تلاوة المخطوط أو التلاوة من أي كتاب سابق وفعل الخط، بقوله: {وَمَا كُنتَ تَتْلو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلونَ }العنكبوت48، ولم ينف القراءة والكتابة، وبالتالي لا يوجد في القرءان نص أو برهان على نفي القراءة والكتابة عن النبي، هذه نقطة يجب تثبيتها أيضا واستصحابها أثناء النقاش والدراسة، وبصرف النظر عن مسألة هل النبي خط القرءان بيده أم أمر غيره بخطه وأشرف عليه هو بنفسه.
– النقطة الثالثة: القرءان وصف النبي بصفة (الأمية) بقوله: {الَّذِينَ يَتَّبِعونَ الرَّسولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ …}الأعراف157، فهل مفهوم كلمة (الأمي) تعني نفي القراءة أم نفي تلاوة المخطوط وخطه أم نفي لكليهما أم لا علاقة لها بالمفهومين ولها مفهوم آخر؟والموضوع محل النقاش هو فعل القراءة أو نفيه، وكون اتفقنا أن القرءان نفى فعل التلاوة للمخطوط وخطه عن النبي ولم ينف فعل القراءة والكتابة، فيحصر مفهوم الأمية إن كان ولابد بنفي تلاوة المخطوط وخطه فقط دون نفي القراءة والكتابة عنه، وهذا بصرف النظر عن عدم موافقتي على أن مفهوم الأمي هو نفي التلاوة للمخطوط وخطه فهي لها مفهوم آخر ليس محل الدراسة الآن.
– النقطة الرابعة: الخطاب القرءاني محكم في صياغته اللسانية ونزل بلسان عربي مبين، ولا يمكن أن تحل كلمة مكان كلمة أخرى، فنفي فعل التلاوة للمخطوط لا يعني نفي فعل القراءة ! إلا إن كنت تعد أن فعل القراءة هو جزء من فعل التلاوة! ونفي الكل هو نفي للجزء ضرورة ، فتنبه إلى هذه النقطة.
– النقطة الخامسة: الخطاب القرءاني أمر النبي بفعل القراءة بقوله ( اقرأ بسم ربك الذي خلق..) فهل كان الخطاب عبثاً أو هزلاً أو مزحاً؟ وهل كان بيد الملك صحيفة حتى يقوم النبي بقراءتها؟ والواقع لا يوجد أي صحيفة والأمر كان بالقراءة وليس بالتلاوة، ويوجد فرق بينهما كما أقررت أنت بذلك ، ولا يمكن أن يخاطب الله نبياً ويأمره بالقراءة وهو لا يعرف القراءة! وهذا يدل على أن النبي كان قبل نزول الوحي عليه قارئاً وكاتباً وليس بمعنى التلاوة للمخطوط أو خطه فنفي هذا استمر إلى ما بعد النبوة بصرف النظر عن مسألة تعلمه تلاوة المخطوط فيما بعد أو لم يتعلم قبل وفاته.
– النقطة السادسة: الشارع أمر رسوله بتلاوة ما نزل عليه من الوحي بقوله: {وَأَنْ أَتْلُوَ الْقرْآنَ فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا أَنَا مِنَ الْمُنذِرِينَ }النمل92، وهذا يدل على أن النبي يتلو القرءان ولكن ليس من مخطوط بدليل نفي تلاوة المخطوط عنه بنص آخر: {وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ }العنكبوت48، وهذا يدل على أن النبي كان قارئاً وتالياً من غير مخطوط، بمعنى يتلو من حفظه وذاكرته.
– النقطة السابعة: كل كلمة في اللسان العربي لها مفهوم واحد ومعاني متعددة حسب السياق، وكلمة تلى غير قرأ ، فماذا تعني كلمة (قرأ) لسانياً؟1- المقاييس في اللغة ،لابن فارس: قرى : القاف والراء والحرف المعتل أصل صحيح يدل على جمع واجتماع، ومن ذلك القرية سميت قرية لاجتماع الناس فيها………..وإذا هُمز هذا الباب (قرأ) كانت مثلها…….ومنه القرءان سمي بذلك لجمعه الأحكام والقصص وغير ذلك.2- لسان العرب:(قرأ ) ….يُسمى كلام اللّه تعالى الذي أَنزله على نبيه كتاباً وقُرْآناً وفُرْقاناً ومعنى القُرآن معنى الجمع وسمي قُرْآناً لأَنه يجمع السُّوَر فيَضُمُّها وقوله تعالى إِنَّ علينا جَمْعه وقُرآنه أَي جَمْعَه وقِراءَته فَإِذا قَرَأْنَاهُ فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ …إذاً عند أهل اللغة: قرأ كلمة تدل على قرن شيء بشيء من جنسه، وهذا الذي عبروا عنه بكلمة الجمع والاجتماع، وهو معنى قاصر انظر قوله تعالى: {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ }القيامة17، فدلالة الجمع غير دلالة قرءانه، وبالتالي كلمة جمع غير قرأ ضرورة.- قرأ: كلمة تدل على جمع شيء إلى شيء آخر من جنسه لوجود علاقة مستمرة بينهما وفق نظام معين مع ظهوره مع الزمن. ويقول العرب عن المرأة الحامل: قرأت، بمعنى جمعت حملها ولم يسقط وتعلق بها وهو من جنسها الإنساني.فالإنسان عندما يقرأ شيئاً ما من صحيفة أو الكون من سموات وأرض…. يقوم بجمع المعلومات المتعلقة بالشيء المعني في القراءة إلى بعضها ويجدولها ويصنفها ويحللها ليصل إلى نتيجة علمية يبني عليها موقفه من الشيء ويحكم عليه، ومن هذا الوجه قلت: إن القراءة هي جمع للمعلومات وتفكير ودراسة وتحليل والخروج بنتيجة.ومن هذا الوجه ظهر لنا الفرق بين قارئ القرءان ، وتالي القرءان، والشيخ “عبد الباسط عبد الصمد” يتلو القرءان ولا يقرأه ! والمذيع للأخبار يتلو نشرة الأخبار علينا ولا يقرأها، ومن هذا الوجه أتى الأمر الإلهي : {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ }النحل98، وليس إذا تلوته! وانظر أيضاً: {وَإِذَا قرِئَ الْقرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ }الأعراف204، وليس إذا تُلي من قبل “الحصري” أو غيره من التالين!!
كلمة كتب: تدل على القيام بجهد خفيف في جمع شيء إلى جنسه ، انظروا إلى كتب زيد كتابه على زينب، وكتب عمرو الوظيفة، وانظروا إلى كتاب الفقه وفي داخله كتاب الصلاة وكتاب الزكاة وكتاب الصيام…..، وسمي الذي يخط الكلام كاتباً لأنه يجمع الحروف إلى بعضها ، وكذلك المؤلف لأنه يجمع الأفكار مع بعضها، والكاتب يمكن أن يكون هو المؤلف فقط، ويقوم غيره بالخط، والنبي كان هو الذي يكتب رسائله إلى الملوك بمعنى يؤلفها ويمليها على الناسخ فيقوم بخطها ، وكان النبي هو الذي يقرأ رسائله بمعنى يفهمها ويحلل خطابها من خلال قيام رجل بتلاوتها عليه من المخطوط، فكلمة (كتاب) تدل على الأشياء المجموعة من جنس واحد.
لننظر الآن:- هل أمر الله لنبيه الخاتمي بالقراءة صواب أم لا ( اقرأ باسم ربك)؟- وهل يشترط لفعل القراءة وجود فعل التلاوة للمخطوط؟- أليس فعل القراءة قوة ذاتية كامنة في كل إنسان يستطيع أن يُفعّلها عندما يريد؟- أليس نفي فعل القراءة أو الكتابة عن إنسان هو نفي لقوته الإدراكية والوعي والربط والتحليل والاستنتاج ؟
والسؤال الآن:
– هل كان النبي كاتباً قارئاً قبل النبوة ، بمعنى هل كان النبي مفكراً محللا فاهما للكلام و متدبراً في الأحداث ولما يجري حوله ؟
– ألم يكن النبي يكتب رسائله بنفسه ويمليها على الناسخ ليخطها له؟
– ألم يكن النبي يقرأ رسائل الملوك التي ترده بواسطة تلاوتها له من التالين أم يقومون بشرحها له وتفهميه محتواها؟أرجو أن تعقل هذا وتكف عن اتهام النبي محمد أنه معتوه وأحمق بنفي فعل القراءة والكتابة عنه
اضف تعليقا