نموذج عن تدبر كروية الأرض من القرءان

من المسائل التي أخبر عنها القرءان ضمنا خلال خطابه هو كروية الأرض، وفهم ذلك يحتاج لمستوى لساني ومنطقي، والتعامل مع القرءان كخطاب إلهي نزل باللسان العربي المبين للناس جميعاً غير مقيد بفهم أحد سابق أو لاحق كائناً من كان، والحجة في القرءان ذاته وليس بالتفاسير أو المعاجم، والمصداقية للخطاب القرءاني هو إسقاطه على محل الخطاب.

{وَالأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ }الحجر19

كلمة (مددناها) تدل على أمرين معاً:

الأول: الامتداد في كل الاتجاهات دون توقف، وينبغي على الإنسان أن يتلو النص القرءاني في أي نقطة على الأرض ويشاهد الامتداد في كل الاتجاهات، وهذا لا يمكن أن يتحقق في الواقع إلا بالشكل الكروي فقط، فهو الشكل الوحيد الذي تسير عليه  في  كل الاتجاهات دون توقف مع  تحقق الامتداد للأرض أينما نظرت لأن الشكل المستوي المسطح لابد له من نهاية عند أطرافه، وبالتالي لم يصدق خبر( والأرض مددناها..)في حال وصل الإنسان لنهاية السطح المستوي ويتوقف الامتداد، بينما في الشكل الكروي مستمر بالامتداد أينما تحرك على سطح الأرض.

الثاني: كلمة ( مددناها) تدل على شيء مجتمع متصل مندفع بقوة ، وظهر ذلك بامتداد سطح الأرض وتسويته ليصلح للعمران والعيش عليه.

فكلمة (مددناها) أفادت عملياً الصورتين معاً، الشكل الكروي للأرض عامة ، والشكل المسطح الممتد خاصة.

والنص القرءاني الآخر الذي دل على كروية الأرض هو:

{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ }الزمر5

وفعل تكوير شيء على شيء لا يمكن في واقع الحال إلا أن يكون محل التكوير كروي الشكل، مثل تكوير العمامة على الرأس، فلو لم يكن الرأس كروياً لما صح تكوير العمامة عليه، فتكوير ظاهرة الليل على النهار، والنهار على الليل، برهان على حركة كروية متعاقبة على جسم كروي ضرورة.