رَجْم الزاني، جريمة يهودية وإفتراء على الاسلام

أول أمر ينبغي معرفته والانطلاق منه هو أن حَدَّ الرَّجْم غير موجود في النصّ القرآني، المحفوظ، والمَتْلو بيننا!ولم ينزل في أي كتاب إلهي سابقاً قط، وإنما هو من وضع اليهود وافترائهم على دين الله ، والقرءان شهد للتوراة على نفي عقوبة رجم الزاني المحصن بقوله تعالى:{وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }المائدة، 45 ، فهل الزنى هو قتل للنفس حتى يقتل الزاني المحصن؟والسؤال الذي يطرح ذاته هو: هل نزل نصٌّ قرآني في حَدِّ الرجم سابقاً، ثم انتسخ تلاوة، وبقى حُكْماً؟!والجواب: لم يثبت نزول نصّ قرآني يتناول حَدَّ الرجم أبداً، وبالتالي؛ فلا حاجة لدراسة مسألة النسخ له تلاوة، مع بقاء حُكْمه ساري المفعول؛ لأن نَسْخَ النصِّ، أو الحُكْم، مسألة ينبغي أن تبدأ من موضوع إثبات الأمر أولاً، وبعد ذلك ندرس: هل تمَّ نَسْخه أم لا؟! وكيف حصل ذلك في الواقع؟!وهذا الكلام نسوقه على افتراض وجود إمكانية النَّسْخ لنصٍّ قرآني، أمَّا الصواب؛ فإن النصَّ القرآني نصّ له صفة الإنسانية؛ والاستمرارية؛ منذ بدء نزوله، وبالتالي؛ لا يصحُّ نَسْخ نصّ مُتَّصف بهذه الصفات، وكون الأمر كذلك؛ فنحكم – منذ البداية – بنَفْي نزول نصٍّ قرآني يتعلَّق في حدِّ الرَّجْم، ولو نزل لاستمرَّ وجوده بين دفَّتَي المصحف، ما ينبغي رَفْعه، أو نسخه، بأيّ صورة؛ لأن حصول ذلك هو نَقْض لصفة الإنسانية، والعالمية، للنصّ القرآنيحُكْم يهودي تسلَّل إلى القرآنإذاً؛ الرَّجْم للزاني المُحصن هو حُكْم يهودي؛ تسلَّل إلى الفقه الإسلامي، واختبأ بين ظلال التفسير للقرآن، فأصاب القرآنَ تحريفٌ من حيثُ الفقه، مع استمرار حفظ النصّ من حيث المَتْن.والنص الشيطاني الذي ادعى بعضهم أنه نزل في القرءان ونسخ فيما بعد تلاوة وبقي حُكماً هو ( والشيخ و الشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة..) وصياغة النص كما هو ملاحظ وضع على غرار نص ( والسارق والسارقة …) واستخدم كلمة (شيخ) وهي لاتدل على الإحصان بالزواج فليس كل شيخ متزوج أو ربما توفيت زوجته، وكلمة (شيخة) لاتطلق على المرأة الكبيرة في السن وإنما يطلق عليها كلمة عجوز، وأداة (إذا) شرطية تفيد حتمكية حصول مابعدها ، وهذ1ا خطا فوقوع الزنى  ليس حتمياً وكان ينبغي مجيء أداة (إن) الاحتمالية، وكلمة (الرجم)لاتعني القذف بالحجارة بالضرورة فهي تعني الطرد خارج القرية أو القوم أيضاً، فصياغة النص صياغة خطأ ومخالفة للمنطق اللساني والقرءاني وهذا يدل على بطلانه وكذبه.لذا؛ ينبغي إزالة هذا الحُكْم اليهودي من الفقه الإسلامي؛ حتى يزال التحريف عن مفاهيم القرآن، وتأخذ فاعليّتها في الفقه الإسلامي، أمَّا الجَلْد للزاني؛ فهو حُكْم قد نزل في القرآن، ولم يُفرِّق النصّ القرآني بين الزاني العازب، والزاني المُحصن بالزواج، قال تعالى: ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة …) (النور2).فالعقوبة هي مئة جلدة ، غير قابلة للزيادة، ، والسؤال الذي يفرض ذاته على البحث: هل كل فاحشة زنى تستوجب حَدَّ الجَلْد؟ أو هناك فرق بين الفاحشة، والزنى؟!فحش: كلمة تدلُّ على السلوك القبيح والشنيع.قال تعالى: ( ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتاً وساء سبيلا ( (النساء 22).وقال) ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون ) (النمل 54).فالفاحشة تُطلَق على كلٍّ من الأقوال، أو الأفعال القبيحة، والشنيعة، نحو نكاح ما نكح الأب من النساء، أو فعْلَيْ إتيان الذكور والسّحاق، أو فعل النكاح بين رجل وامرأة بصورة غير شرعية.إذاً؛ ليس كلّ فاحشة يترتَّب عليها إقامة حَدّ الجَلْد، وإنما الفاحشة التي صارت زنى ، أو الخيانة الزوجية في العلاقة الجنسية .زنى: كلمة تدلّ على استمرار وجود دافع مستور، يدفع الإنسان للقيام بالأمر، ومن هذا الوجه نقول: زنَّ الأمر في نَفْس زيد، إذا تردَّد في نفسه، ودفعه للقيام بأمر معيَّن.إذاً؛ دلالة كلمة (زنى) غير دلالة كلمة (فاحشة)، والنصّ المتعلّق بحَدِّ الجَلْد، أتى باستخدام كلمة (الزنى)، ولكنْ؛ بصيغة اسم الفاعل (الزانية والزاني)، ولم يستخدم صيغة الفعل منها (زنى، أو يزني)، وهذا يدلُّ على أن الفعل عند الإنسان قد تحوَّل إلى صفة لازمة له، وليس مجرَّد فعل حصل مرة واحدة.فما العلاقة بين فعل الزنى والفاحشة؟!قال تعالى: ( ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلا ) (الإسراء 32).ينبغي ملاحظة أمر على درجة من الأهمية في البحث، وهو أن حُكْم التحريم مُتعلِّق بممارسة الفاحشة، بينما حَدُّ الجَلْد مُتعلّق بالزنى، فالزنى هو نتيجة لممارسة الفاحشة، ولكنْ؛ ليست أيّ فاحشة، وإنما محصورة في علاقة النكاح بين رجل وامرأة بصورة غير شرعية أخذت صفة الدعارة، ولا يتناول إتيان الذكور، أو السّحاق، لوجود نصّ شرعي خاصّ بهما؛ وهو قوله تعالى ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً ، واللذان يأتيانها منكم فأذوهما ) (النساء 15 – 16).فالنصّ السابق يذكر أن الزنى هو فاحشة، ونهى عن الاقتراب من الزنى، وهذا الاقتراب غير الممارسة للفاحشة، وإنما هو كل عمل متعلّق بترويج وتسهيل ونَشْر الفاحشة (الدعارة) في المجتمع، فهذه الأعمال قد نهى الله عن ممارستها، وتوعَّد مَنْ يمارسها بعذاب أليم بقوله: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة ) (النور 19). فليس كلّ فاحشة تُسمَّى زنى، بينما كلُّ زنى هو فاحشة.وحَدُّ الجلد مرتبط بالزنى، لا بالفاحشة، رغم أن الفاحشة حرام، ولكنَّ حسابها على الله عزَّ وجلَّ، أمَّا الفاحشة حتى تصير زنى ينبغي تحقُّق أمرَيْن فيها :الأول: وجود حالة مزمنة بالإنسان (ذَكَر، أو أنثى) أدَّت عنده إلى الإدمان؛ فهي تزنُّ عليه بممارسة هذا السلوك الفاحش.الثاني: اشتهار ذلك السلوك منه، ووصفه به بين الناس كاسم فاعل له (الزانية والزاني). وإقامة حَدّ الجلد عليهما لا يحتاج إلى أربعة شهود، أو أقلّ، أو أكثر، أو رؤية الشهود لعملية الفاحشة ذاتها، بل يُكتفى بما عُرِفَ عنهما في المجتمع الذي يعيشان فيه من خلال سلوكهما القبيح (دعارة).أمَّا شرط الشهادة بأربعة؛ فهو للذين يرمون المُحصنات بالفاحشة ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) (النور 4). وذلك لدرء عقوبة الجَلْد عنه – القاذف -، والمحصنات في النص يقصد بها المتزوجات حسب سياق النص وتقاطعهم مع بعضهم بعضاً ، فإن أتى بأربعة شهداء تثبت تهمة الفاحشة على المرأة المتزوجة ، وتستحق العذاب الذي هو مئة جلدةوهذا الأمر من الشارع هو لحفْظ سُمعة المرأة اجتماعياً من أن يساءَ لها، ، وهذا يدلُّ على أن المرأة التي تفقد العفَّة والأخلاق لا إحصان لها، وبالتالي؛ لا يحميها المجتمع من الأذى، ومن تناول سيرتها بصورة سيئة، وهذه دلالة مفهوم المخالفة للنصّ؛ إذ الزناة لا إحصان اجتماعي لهم.أمَّا النصّ الآخر الذي يقول: ( واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فإن شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلاً ، واللذان يأتيانها منكم فأذوهما ) (النساء 15-16)؛ فهو نصّ يتكلَّم ابتداء عن الفاحشة بين النساء (السّحاق) بدليل استخدام كلمة (اللاتي)، التي هي جمع للإناث، ويتضمن من باب التفعيل لمضمون النص كل سلوك فاحش تمارسه المرأة العازبة من علاقة جنسية غير مشروعة مع رجل لأن المتزوجة لها حكم خاص ،أو نشاطات قبيحة ومخلة للآداب في المجتمع وغير ذلك مما يندرج تحت صفة الفاحشة فتكون عقوبتهن هي الإمساك في البيوت، الذي يقصد به تقليص نشاطهنَّ الاجتماعي إلى الحَدّ الأدنى، ويخضعنَ للمراقبة، إلى أن يمتنَ، أو يتعالجنَ من مرضهنَّ ذلك، فيرجعنَ إلى فاعليتهنَّ الاجتماعية السليمة. أما جملة (واللذان يأتيانها منكم فأذوهما ) فيقصد بها علاقة الذكور مع بعضهما ( المثلية ) بدليل ورود كلمة ( اللذان ) وهي خطاب للذكور ، فهؤلاء الذكور إن مارسوا الفاحشة ، ابتداء من العلاقة المثلية أو العلاقة الجنسية مع النساء بصورة غير مشروعة لم تصل إلى مستوى الزنى ( الدعارة ) ، أو مارسوا أفعالاً قبيحة مخلة بالآداب العامة ، وغير ذلك فتكون عقوبتهم الأذى الذي يطول نفسهم وجسمهم بما يحقق الردع لهم عن ممارسة الأفعال الفاحشة . أمَّا القول بنَسْخ النصّ؛ فهو قول قبيح؛ لأنه رَدٌّ ورفض لنصّ قرآني، وهو تحريف من نوع آخر للنصّ القرآني، مُتمثّل بتعطيل مفهومه في الواقع. أما النساء المحصنات بالزواج إن مارسن الفاحشة( الخيانة الزوجية) وتم إيتاء أربعة شهود عليهن فعقوبتهن هي إيقاع العذاب عليهن المذكور بنص حد الزنى ( مئة جلدة)، فإن كن نساء متزوجات و فاقدات للحصانة الاجتماعية( ملك يمين ) فعقوبتهن نصف العقوبة الأولى ( خمسين جلدة ) ( فإذا أحصنَّ فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب ) (النساء 25). أما النساء المتزوجات اللاتي ينتمين إلى الطبقة العليا من المجتمع، التي تملك قرار وزمام أمور المجتمع، ومحلّ أسوة من قِبَل عامة المجتمع؛ مثل السياسيين، والمُفكّرين، والعلماء، والفقهاء، وما شابه ذلك إن مارسن الفاحشة ( الخيانة الزوجية ) قال تعالى:( يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين)(الأحزاب 30). فهؤلاء عقوبتهن مئتا جلدة، بحضور طائفة من الناس؛ حتى يتمَّ إشهار ذلك على الملأ. هذا هو مُلخَّص لحدّ ممارسة الفاحشة بالنسبة للمرأة المتزوجة في المجتمع، وكيف يُطبَّق بعدل على مختلف فئات المجتمع؛ إذْ من المعلوم أن الأَمَة أو الخادمة ليست كسيّدتها. والمشرع قد علَّمنا أن نفرق في الأحكام، بين الأمور المختلفة، قال تعالى: ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين ، ما لكم كيف تحكمون ) (القلم35). وعلّمنا أن نأخذ بمعطيات الواقع، وحيثياته، ودوافعه، وأن يكون حُكْمنا على ضوء المقاصد، والعواقب، وليس على الأشكال، والصور، وحضَّ على أَنْسَنَة القانون، وتجاوز العدل إلى الرحمة. أما حد الزنى فلم يفرق الشارع في عقوبته بين مختلف النساء ومكانتهم الاجتماعية لأن ممارسة الزنى (الدعارة ) أذى للمجتمع فجعل عقوبته حق له لا يمكن أن يتم التساهل معه ، بل إن مارسته امرأة متزوجة من مختلف الطبقات الاجتماعية فيطبق عليها حدها حسب مكانتها الاجتماعية ( 200، 100، 50) ويضاف عليها حد الزنى مئة جلدة ( الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة …) (النور2). وهذه العقوبات المختلفة لممارسة الفاحشة تشمل الرجال سواء بسواء ،من منطلق أن الشارع يتوخى تحقيق العدل في الحكم بين الناس ، فالرجل الذي يقوم بالخيانة الزوجية ويتم إيتاء أربعة شهود عليه يستحق عقوبة الخيانة الزوجية ،وذلك حسب مكانته الاجتماعية . وإن مارس الزنى ( الدعارة ) وهو متزوج يضاف عليه حد الزنى .