الإرهـاب والعمليات الانتحارية

بسم الله وبه نستعين

تَميّز هذا العصر بأنه عصر المعلوماتية، والانفتاح العالمي؛ حتى صار العالم كأنه قرية واحدة، وهذا الجانب الإيجابي رافقه أعراض سلبية، أهمها، وأخطرها عولمة الإرهاب، وسرعة انتشاره من مجتمع إلى آخر، كانتشار النار في الهشيم، واستغلال هذا الإرهاب في تحقيق مصالح سلطوية، واقتصادية، بل وشن حروب على شعوب آمنة بحجة محاربة الإرهاب، واجتثاثه من جذوره، وتم استخدامه كتهمة إجرامية للقضاء على أي معارضة، أو اتجاه غير مرغوب فيه.

والإرهاب لا يخص ديناً أو فكراً معيناً، وإنما هو ممارسة إجرامية يتمثل بصور فكرية، أو دينية حتى يُخفي هويته القبيحة، ودوافعه النجسة(1)، لذا؛ من الخطأ الفاحش إلصاق الإرهاب بدين، أو فكر، لأن الدين يقوم على المحبة، والسلام، والعدل،والتعايش، والتعارف، اقرأ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } الحجرات(13)، وكلمة الفكر تدل على الانفتاح على الآخرين، والتعايش والتعاون معهم، بينما الإرهاب على خلاف ذلك تماماً

وانتشر الإرهاب في المجتمعات، وتغلغل في البنية الثقافية، إلى درجة أن الذي يُمارس عليه الإرهاب أي كان فكره، يرد بصورة انفعال ورد فعل إرهابية، ما أدى إلى تكريس الإرهاب مُمارسَة في المجتمعات، وصار الأمر مثل النار التي تلتهم  بعضها، وتحرق كل شيء.

ولخطورة الأمر، وأهميته؛ ينبغي ضبط مفهوم الإرهاب، ونزعه من الدين، أو الفكر، ونفي عنه صفة الثقافة، وتعريته على حقيقته لإظهار نجاسته، وفحشه، حتى تتكشف الأمور للشعوب، ويعرفون الصديق من العدو، والصادق من الكاذب في دعواه.

تعريف الرهبة و الإرهاب

كلمة الرهبة أصلها اللساني من (رهب) التي تدل على تكرار مؤرجح بخفة منته بجمع مستقر، وهذا دلالة أصوات أحرف الكلمة فيزيائياً، وظهرت في الاستخدام الثقافي بمفهوم تقليص الحركة، وإضعافها وتحديدها من منطلق الخوف والتعظيم، ومن هذا الوجه ظهر مفهوم (الرهبانية)، التي تدل على الانكماش من الحياة الاجتماعية وملذاتها، وممارسة النشاط على حده الأدنى من منطلق الخوف والتعظيم  بصورة ذاتية.

نلاحظ أن الخوف هو الأساس لحصول الرهبنة، وإن انتفى الخوف؛ ينتفي فعل الرهبنة، والرهبة يمارسها الإنسان بحرية في نفسه، مثل خوفه من الإقدام على ممارسة الفواحش من منطلق إيماني، أو علمي، فيبتعد عن ذلك، اقرأ قوله تعالى: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُواْ بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ } (البقرة 40)، وعهد الله؛ هو الصدق والالتزام بتعامل الإنسان في حياته الاجتماعية وَفق مفهوم المحبة والسلام والعدل والحرية، فإن أوفى بعهده؛ يُوفِ الله بعهده من حيث استقرار الأمن والطمأنينة في المجتمع، وانتشار الخير والصلاح.

لاحظ؛ أن عمل الرهبة يصدر من واحد، فالإنسان يَرهبُ اللهَ، وليس اللهُ يُرهِبُ الإنسان.

إذاً؛ فعل ( رهب) الجذر الثلاثي صدر منه فعل (يَرهبُ، يَرهَبون، تَرهَبون) والمصدر (رهبة) واسم الفاعل (راهب)، وفاعل (يَرهَب) من قام بممارسة الرهبة في نفسه على أرض الواقع بحرية تامة.

ومن فعل (رهب) ظهر الفعل الرباعي المزيد ( أرهَبَ، يُرهب، يُرهبون، تُرهبون)، والمصدر (إرهاب)واسم الفاعل(مُرهب).

انظر على سبيل المثال قولنا: أفسد زيدٌ عمراً، وقولنا: أفسد زيدٌ الطعام ؟

الذي قام بعملية الإفساد في الجملتين هو زيد، ومحل الفساد هما عمرو والطعام، هذا المستوى النحوي الأول للفهم والدراسة، أما المستوى الثاني الأرقى فهو أنه يوجد فرق بين فساد عمرٍ، وفساد الطعام في واقع الحال، من حيث أن عمراً كائن له إرادة واعية، وحرية واختيار، بينما الطعام ينتفي عنه الوعي، والإرادة والحرية، وهذا يقتضي وجود فرق بين فسادهما، فعمرو قام بممارسة الفساد نتيجة تأثره بزيد ودعمه له، فهو من هذا الباب فاعل فساد، وزيد فاعل دعم وتأثير،  بخلاف الطعام فقد وقع عليه فعل الفساد كرهاً، فهو منفعل لا فاعل.

وفاعل (أرهب، يُرهب) في الواقع اثنان:

الأول: الذي مارس في الواقع سلوكاً معيناً، يدفع الآخر ليقوم باتخاذ  فعل الرهبة في نفسه بحرية نتيجة هذا السلوك، ولنسمه فاعل إعداد.

الثاني: الذي يريد أن يُمارس عدواناً ضد جهة ما، فيمنع نفسه بإرادته، رهبة من قوة الآخر، فهو يتمثل فعل الرهبة في الواقع، ولنسمه فاعل الرهبة.

ودلالة (الرهبة) غير (الهيبة) التي تدل على نفي ممارسة سلوك نحو جهة معينة نتيجة الاحترام والتقدير والتعظيم لها، وبالتالي لا ينتج عنها الخوف، بينما الخوف لازم لفعل الرهبة، فنحن نَرهَبُ اللهَ، ولا نهابه، والرهبة أعم من الهيبة، والله لا يمارس فعل الرهبة لا في نفسه (يَرهَب)، ولا على غيره (يُرهب).

وفعل (يُرهب) في الواقع ظهر بصورتين:

الأولى: رهبة إعداد، تَمنع الآخرين من ممارسة العدوان والظلم من تلقاء أنفسهم دون قهر، فهم فاعلو إعداد فقط، وتصدر الرهبة من الآخر فاعل لها بإرادته بصورة حرة.

الثانية: رهبة عدوان، تُجبر الآخرين على اتخاذ موقف الرهبة خوفاً، فتصدر الرهبة منهم قهراً، وبالتالي يكون الفاعل للرهبة حقيقة من زرعها في نفوس المرهوبين.

ومن يُرهب الآخرين بعدوانه وبطشه وظلمه، يكون هو الفاعل لفعل الرهبة ويُسمى ( مُرهب)لزوماً، والآخر (المرهوب) وقع عليه الفعل، ولم ينبثق فعل الرهبة بإرادته، وإنما قهراً وخوفاً، بخلاف من يختار فعل الرهبة من تلقاء نفسه نتيجة قوة الآخر وعظمته.

انظر إلى قولنا: أرهب المؤمنُ عدوَّ السلام والمحبة،فهو مارس أفعالاً ردعيّة ترتّب عليها عند الأعداء للسلام والعدل اتخاذ موقف الرهبة من تلقاء أنفسهم وكفّوا عن عدوانهم،ويكون المؤمن هنا قد صدر منه فعل (أرهب)سلوكاً وليس ثقافة، ولايصح استخدام الاشتقاق منه اسم الفاعل (مُرهب) ولا المصدر (إرهابي) صفة للمؤمن لأن ذلك الفعل منه ليس لازماً له.فليس كل من صفّ الصواني يُطلق عليه حلواني،وليس كل من دقّ مسماراً يصير نجاراً.

وانظر إلى قولنا: أرهب عدوُّ السلامِ المؤمنينَ،كيف زرع في نفوس المؤمنين الخوف والذعر نتيجة فعله الإجرامي والعدواني،فكل إنسان عدو للسلام والأمن والعدل والحرية هو إرهابي حُكماً أو فعلاً،وتكون صفة الإرهاب لازمة له ثقافة.

ففعل أرهب الذي صدر من المؤمن هو زجر وردع للعدو نتيجة إعداد وإظهار قوته له، وهذا ما يقتضيه صفة الإيمان، لأن المؤمن لا يعتدي على أحد، وبالتالي قام العدو من تلقاء نفسه بحرية في اتخاذ موقف الرهبة ومنع نفسه من إرهاب المؤمن أو الاعتداء عليه، بينما فعل أرهب الذي صدر من العدو هو عدوان وظلم ترتب عليه إدخال الرهبة في نفوس المؤمنين كرهاً ورعباً، حيث صار العدو هو فاعل الرهبة حقيقة لأنه زرعها في نفوس المؤمنين قهراً.

اقرأ قوله تعالى{وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لاَ تَعْلَمُونَهُمُ اللّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ %وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } الأنفال 60-  61

فالإنسان المؤمن لا يُجبر أحداً على الرهبة، وإنما يجعله أن يختار من نفسه موقف الرهبة وَفق مُعطيات الواقع المادية والثقافية، فالرهبة حصلت من داخل الإنسان نفسه، وهذا العمل من المؤمن مُوجه إلى عدو الله، ومفهوم الله؛ يمثل في الواقع السلام والعدل، بمعنى؛ عدو السلام والعدل، فينبغي على المؤمن أن يجعل عدو الله يتخذ – ذاتياً-  موقف الرهبة من قوة الحق، ومن كان عدواً لله (السلام والعدل) فهو عدو للشعوب الآمنة ضرورة.

ومثل ذلك مثل مفهوم القتال تماماً، فالله Uأمرنا أن نقاتل المعتدين؛ بل ونقتلهم، فقال تعالى: {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }التوبة5

{سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوَاْ إِلَى الْفِتْنِةِ أُرْكِسُواْ فِيِهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوَاْ أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلَـئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً }النساء91

فالأمر للمؤمن بالقتل لا يُصَيِّره قاتلاً!، والقتل بحد ذاته فعل سلبي مذموم ما ينبغي أن يوصف به المؤمن لأن الإيمان من الأمن الذي هو ضد الحرب والخوف والرعب والإرهاب، فالمؤمن ليس قاتلاً، ولا إرهابياً، رغم ممارسته لفعل القتل أو الإرهاب ضرورة كسلوك علاجي أو ردعي؛ ولكن بصورة إيجابية لا سلبية،وكصفة عارضة لا لازمة،وبالتالي لايصح أن يأخذ اسم الفاعل( قاتل) أو الصفة(إرهابي).

إذاً، الإنسان المؤمن لا يُمارس الرهبة على الآخرين ثقافة، وبالتالي ليس هو إرهابياً، وكذلك الله U لا يُجبر أحداً على رهبته، وإنما يطلب من العباد – ذاتياً- أن يَرهبوه، وبالتالي؛ فالله ليس إرهابياً !.

فالإرهاب هو أن تُجبر، أو تُكره الآخرين رغم إرادتهم على اتخاذ موقف الرهبة من منطلق الخوف من البطش والظلم، بخلاف من اختار موقف الرهبة من منطلق خوفه من قوة الحق والعدل والسلام، فهو يُقلص إجرامه وإفساده إلى الحد الأدنى، فهو الطرف الإجرامي في المعادلة، وهو الإرهابي في الواقع، وقوة الحق والسلام والعدل تُرهبه من ممارسة إرهابه على الناس.

فمفهوم الإرهاب يدل على سلوك إجرامي في حق الناس، ولا يمكن أن يكون مفهوماً صالحاً إيجابياً،فكما أنه لايصح أن نطلق على الله أو المؤمن صفة القاتل اشتقاقاً من الفعل،كذلك من الخطأ إطلاق صفة الإرهابي على الله U، أو على المؤمنين،مثله مثل صفة القاتل تماماً، فهما مفهومان سلبيان عند الإطلاق،بخلاف استخدام الفعل منهما(أرهب، وقتل) ردعاً أو دفاعاً.

أما قوله تعالى:{وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } الأنفال 61،فالضمير في كلمة(لها)يعود لكلمة(قوة)في النص الذي سبق، لأن الضمير أتى بصيغة المؤنث،وكلمة(السَّلم) مذكر بينما كلمة(قوة) مؤنث،والمقصد هو أن أعداء الله إن ارتهبوا من قوتكم وجنحوا للسَّلم، ويكون ذلك عادة  اضطراراً،فحافظوا على قوتكم الرادعة،ولا تجنحوا للدعة والراحة فتعطوا بذلك للعدو مبرر الرجوع إلى العدوان والإرهاب،لأن اتخاذ موقف السّلم من قبل العدو مناورة، وليس ثقافة.

وبذلك ظهر الفرق بين مفهوم (الإرهاب) اللازم لفاعله ثقافة وسلوكاً،وهو خاص بالمُرهبين، ومفهوم ( أرهب)كفعل عارض ظرفي خاص بالمؤمنين.

وعندما يصدر الإرهاب من الطرف الإجرامي سواء خارجي أم داخلي قد يترتب عليه صدور إرهاب من الطرف الضحية كردة فعل، ويصير إرهاب ضد إرهاب، والحل في هذه الحالة هو علاج الإرهاب الأول الذي فرخ الثاني، وضبط الإرهاب الثاني من خلال نشر الوعي والثقافة من أن الخطأ لا يعالج بخطأ، والنار لا يطفئها النار ، وإنما لابد لها من الماء ليبردها.

الفرق بين الإرهاب، والجهاد، والقتال، والمقاومة

أ- الإرهاب: مفهوم سلبي وهو أن تُجبر الناس على فعل الرهبة نتيجة بث الرعب في نفوسهم، وخشيتهم من القتل والعنف؛ ظلماً وعدواناً، ويجبرهم على تقليص حركتهم إلى الحد الأدنى وَفق ما يُملي عليهم الإرهابي، وصفة الإرهاب لازمة للأعداء المجرمين.

وللإرهاب صور كثيرة في الواقع، منها الثقافي، والسياسي، والاقتصادي، وغير ذلك من نشاطات في الحياة الاجتماعية، والإرهاب يعتمد دائماً على قوة السلاح والبطش، والتهديد في إزهاق حياة الناس، أو قمع حرياتهم، أو مصادرة ممتلكاتهم، أو إتلافها، فهو متعلق بالجانب الأمني، والاقتصادي.

ب- الجهاد:مفهوم إيجابي و هو بذل الجهد والصبر لتحقيق أمر إيجابي على صعيد النفس، أو المجتمع للنهضة. ويقوم على مفهوم السلام، والعدل، والحرية، فيوجد جهاد في طلب العلم، وجهاد في فعل الخير، وجهاد في نشر الوعي والصلاح بين الناس، والقتال هو أحد صور الجهاد التي فرضها الواقع علينا، ونحن كارهون له.

{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ }البقرة216

لذا؛ من الخطأ حصر مفهوم الجهاد في القرءان بمفهوم القتال، لأن صور الجهاد كثيرة في الواقع، وينبغي على الإنسان أن يكون في الحياة مُجاهداً بصورة من الصور، ومن ينتفي عنه الجهاد؛ يكون إنساناً عاطلاً، وكَلاَّ في الحياة الاجتماعية.

قف دون رأيك في الحياة مجاهداً….. إنّ الحياةَ عقيدةٌ وجهاد

والهدف هو الذي يُحدد نوعية الجهاد، والأدوات التي ينبغي تحصيلها في الواقع للوصول إلى الهدف، لأن الأدوات ينبغي أن تكون من جنس الهدف.

لذا؛ لا يصح تسمية الإرهاب، أو الإفساد في الأرض على صعيد البيئة أو الإنسان، جهاداً، لأن الجهاد مفهوم إيجابي، يهدف الخير والصلاح؛ بواسطة السلام، والعدل، والأمن كأصل لممارسة الجهاد،وأدوات الجهاد جزء لا يتجزأ منه، وأحياناً يفرض الواقع على المجاهد استخدام القوة المادية على الحد الأدنى لتحقيق السلام والأمن، ومثل ذلك كمثل الطبيب الذي يضطر إلى إجراء عملية استئصال جراحي لورم خبيث بقصد المحافظة على سلامة المريض وحياته لا قتله، من باب آخر الطب الكي، فإن أَمِن المجاهد نفي عدوان الآخرين وإجرامهم، يرجع إلى الأصل الذي هو السلام والعدل والأمن والحرية.

ت- القتال:مفهوم حيادي وهو يدل على ممارسة الفعل بين طرفين،ويأخذ حكمه من الدافع للقتال والباعث له.

وكلمة القتال مثل كلمة الملاكمة، فهي حركات متبادلة بين طرفين، فإن كانت من طرف واحد انتفى عن الحدث اسم القتال، وصار أحدهما قاتلاً، والآخر مقتولاً.

والإنسان المؤمن ليس من صفاته ممارسة القتل أبداً،{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلاَّ خَطَئاً } (النساء92)، والقرآن حضّ على القتال، وليس على القتل،{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ } (البقرة216)، بمعنى أن المجتمع المؤمن إن تعرض للعدوان والظلم والقهر ينبغي عليه أن يدافع عن نفسه، ويرد العدوان من خلال مشاركته بعملية القتال مُكره، لا أن يختار جانب المقتول، أو المضروب.

{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ } الواقع هو الذي فرض القتال علينا، ونحن كارهون له، ولم يكن لنا خيار في ذلك،والآيات التي ورد فيها الأمر بالقتل، إنما هي في موقع الدفاع عن النفس، وصد عدوان المعتدين.

انظر قوله تعالى: {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ *وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ} ( البقرة190- 191)، وبما أن الأمر كذلك، أمر اللهُ المجتمع المؤمنَ أن يختار الموقف الإيجابي الفاعل، ويدفع عن نفسه الظلم والعدوان؛ لا أن يكون سلبياً منفعلاً انهزامياً، ومن الخطأ الذي وقع فيه بعض المتطرفين من المسلمين اقتطاع جزء من سياق النص القرآني، وتلقّف ذلك بعض المستشرقين، (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) وأمثالها، وبنوا مذهباً على ذلك، وجعلوه قاعدة في بدء قتال الناس دون مبرر، وبذلك حوَّلوا القتال من القتال الدفاعي إلى العدواني، ومن القتال الإنساني إلى الاستعبادي،وبهذا العمل نقضوا المقصد من القتال، ونفوا عنه صفة القداسة إلى النجاسة !.

والقتال موقف اجتماعي، وليس فردياً أبداً، اقرأ قوله تعالى:       {لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ } (المائدة58)، لا يمكن للمؤمن أن يقبل بالمشاركة في قتال أخيه الإنسان، ولو اعتدى عليه، ورَفضُ القتال لا يعني نفي فعل الدفاع عن النفس، وإنما يعني أن يرفضَ المؤمن أن ينزل مستواه الثقافي إلى مستوى الظالم المجرم، فالمؤمن يبسط يده إلى الطرف المعتدي ولكن ليس ليقتله، وإنما ليكف عن نفسه الأذى ويضع حداً للاعتداء والظلم.

فدوافع الاثنين مختلفة:

المعتدي حريص على إيقاع الأذى على أخيه.

المُعتدَى عليه يحرص على أن يدفع عن نفسه الأذى فقط، ولا يهدف إيقاع الأذى على أخيه، وإنما يحرص على حياة أخيه؛ مثل حرصه على حياته تماماً، فهو يَصرُّ على عدم القَبول بالمشاركة في القتال.

لذا؛ ينبغي التفريق بين:

مفهوم القتال، الذي يصير الطرفان فيه حريصين على قتل بعضهما، وبالتالي صارا كليهما قاتلين حُكماً، وكلاهما قد حققا دلالة كلمة (القتال).(القاتل والمقتول في النار).

ومفهوم الاعتداء الذي يترتب عليه دفع القتل عن النفس مع المحافظة على حياة الآخر، وعدم إيقاع الأذى عليه، وإن حصل الأذى نتيجة الدفاع عن النفس يكون خطأً؛ لا عمداً، وبذلك انتفى القتال،وصار اعتداء من طرف واحد.

فالقتال هو اختيار ثقافي اجتماعي مُكره، وهو دفاعي لشل حركة المعتدي بالحد الأدنى،ووقائي من صور الجهاد المؤقتة العارضة، لأن الأصل في علاقات الناس السلم والعدل، لا الحرب والظلم، ويكون القتال منضبطاً بمفاهيم السلام والعدل والصلاح والإنسانية،وبالتالي يُمنع استخدام أي سلاح يُفسد البيئة، على صعيد الكون والإنسان،(القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما) لأن الإنسان هو غاية الحياة وصلاح الكون استمرار لحياته،لذا؛ ينبغي أن يكون القتال بين المقاتلين فقط، وبسلاح تقليدي محدود التدمير، ويُمنع السلاح ذو التدمير الشامل مع تحريم القتال في أشهر الحرم التي هي مواسم الإخصاب والتكاثر ونمو الزراعة ( فصل الربيع)،وذلك كي تستمر دورة الحياة، وتقوم بترميم ذاتها،وينبغي أن يكون القتال مؤقت على الحد الأدنى،حتى لا نُُوَرّث الحرب والحقد للأجيال، ونسلمهم البيئة صالحة للحياة،مع العلم أن الحرب لا يوجد فيها رابح قط، فهي تدمير وخسارة للطرفين بنسب متفاوتة،فالحرب دمار وانحطاط وخراب.

لم يُشَرّع القتال في القرآن من أجل إدخال الناس في الإسلام {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ } البقرة256 وإنما شُرّع من أجل صد العدوان {وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ} البقرة190 ومحاربة الظلم والفساد، والاستبداد والاستعباد للناس،     {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ}المائدة2 ،{إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى}النحل90،{كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ }آل عمران110، ليصير الناس أحراراً في أفكارهم ونمط معيشتهم في أوطانهم، والمجتمع الإسلامي؛ مجتمع إنساني علمي، فاعل متعاون إيجابي، منفتح على الآخرين ثقافة، وإعلاماً، واقتصاداً، ويتحالف مع قوى العدل والخير والصلاح لتحقيق السلام بين الدول، ويدعم الشعوب المظلومة والمقهورة، ويأخذ بيدها لتتحرر من سلطاتها الاستعبادية الثلاثة(فرعون وهامان وقارون) مثلث الإجرام.

أما على مستوى الفرد أو المؤسسات في المجتمع الواحد، فالقتال ممنوع منعاً باتاً، والمطلوب ضبط النفس، واتخاذ موقف الدفاع، والحماية من الأذى في حال فَقَد أحد الأطراف صوابَه، مع الإصرار على عدم المشاركة في القتال، و الحرص على ألاّ يصاب أحد بأذى قط في حال الدفاع عن النفس.

{وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الحجرات9.

وإن حصل قتال بين طائفتين من المؤمنين لسبب من الأسباب، بين أسرتين، أو قبيلتين،أو مدينتين،أو مجتمعين،يجب على الدولة ذاتها،أو دولة أخرى مؤمنة أن تتدخل وتُوقف القتال فوراً،وتأخذ بيديهما إلى طاولة التفاوض للإصلاح بينهما،لأن الحوار، وسماع الرأي الآخر، وتحمل نتيجة الأخطاء،والتنازل لبعضهما في سبيل الوصول للحق والعدل والسلام والأمن، هو الأسلوب الناجح بين الناس العقلاء، وهو الأسلوب الذي يرتقي به المجتمع الإنساني عن البهيمي،لأن البغي والعنف والظلم وسفك الدماء لا يُولِّد إلاّ الرعب والدمار وسفك الدماء كفعل ورد فعل من جنسه، فإن بغت طائفة على الأخرى ورفضت الصلح، أو أخلّت به بعد حصوله؛ينبغي على الدولة التدخل وردع الطائفة الباغية وإن احتاج الأمر إلى قتالها بالحد الأدنى لرجوعها إلى السلم، { حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} الحجرات9.

ومن هذا الوجه وردت المقولة المشهورة: [ رجعنا من الجهاد الأصغر (القتال) إلى الجهاد الأكبر (النهضة والعمران للبلاد والعباد)]، وكل صورة للجهاد في موقعها المناسب هي الأفضل.

ث- المقاومة:مفهوم حيادي وهي تدل على وقوع ضغط أو شدة على شيء تجبره كرد فعل على رفض هذا الضغط، والمحافظة على صفاته، مثل مقاومة المواد للأعراض الطبيعية، ويمكن أن تكون مقاومة إيجابية أو سلبية.

لذا؛ من الحمق أن نطلب من إنسان أو مجتمع أن لا يُقاوم الضغط أو الشدة التي تُمارس عليه، لأن المقاومة قانون نفسي واجتماعي للمحافظة على الذات،فهي ظاهرة صحية، ومن دلالة كلمة المقاومة نلاحظ أن وجودها مرتبط بوجود الضغط أو الشدة، فإن انتفى فعل الضغط أو الشدة انتفت المقاومة بداهة، وإن وُجد الضغط والشدة، وانتفت المقاومة؛ يكون دليلاً على موت الشيء، أو فقدانه لمقوماته وصفاته، واستسلم للوضع الراهن.

فالمقاومة دليل على الحياة والتفاعل، وهي مرتبطة بمعطيات الواقع وحيثيّاته، لأن المقاومة متعلقة بهدف، فإن انتفى عن صورة من صور المقاومة تحقيق الهدف؛ ينبغي مباشرة الانتقال إلى صورة أخرى تُحقق الهدف، لأن الموت، أو قتل الآخرين ليس هدفاً، بينما الحياة والسلام والعدل والحرية هدف.

    إذا؛ ينبغي على المقاومة الاجتماعية أن تكون وفق قيادة ثقافية، وأي أسلوب للمقاومة لا يحقق هدفاً نبيلاً على أرض الواقع، أو يكون ضرره على المجتمع أكبر من نفعه، ينبغي تغيير الأسلوب إلى آخر يحقق الهدف، ومن هذا المنطلق تعددت أساليب المقاومة، من أسلوب القتال، إلى أسلوب العصيان المدني( الصيام الاجتماعي) أو غيره، ويُترك اختيار أسلوب المقاومة للقيادة الثقافية، وينبغي على الأمة أن تلتزم بأوامر قيادتها، ولا تتصرف بصورة انفعالية فردية، لأن ضرر ذلك يرجع على الأمة أكثر من نفعه، وهي التي سوف تدفع الثمن.

والمقاومة في المجتمع الواحد ينبغي أن تكون تحت مظلة الوطنية، تحتوي كل الأطياف والرؤى، وما ينبغي أن تأخذ صفة القومية أو الدينية قط، لأن ذلك ينفي عنها صفة الوطنية،وتصير مقاومة قائمة على العصبية والطائفية، وإن حصل ذلك تكون حملت بذرة تفككها وانهيارها في ذاتها، وسوف يستغل المحتل أو المغتصب ذلك لمصلحته في زرع الخلاف والتناحر في داخل المقاومة نفسها لتأكل أبناءها!.

أما المقاومة الفردية فهي مرتبطة بنوعية الضغط الذي يمارس على الإنسان، فإن كان الضغط من سلطة مجتمعه فليس له إلا الصبر وضبط الأعصاب والتمسك بالوعي والإيمان، والمقاومة الإيجابية السلمية، والمطالبة بالعدل والحرية، ولو تحول الضغط من السلطة إلى عنف مادي.

وإن كان الضغط من فرد مثله(مواطن)، فله أن يقاوم ذلك الضغط حسب ما يدفع عن نفسه الأذى بالوسائل القانونية، و بشرط أن يحافظ على حياة الآخر، وأن لا يشاركه في قَبول القتال أبداً.

– العمليات الانتحارية:

قيام مقاتل على أرض المعركة بعمل عسكري داخل متاريس العدو بقصد تدمير قوة العدو المستعصية أو إلحاق به أذى شديد لم يكن متاح إلا بعمل انتحاري، والأصل هو المحافظة على حياة النفس على صعيد الطرفين، لأن زهق حياة الناس ليست هي هدف أومقصد من القتال أو الحرب، فحياة النفس الإنسانية مقدسة وما ينبغي التفريط بها قط، {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيراً مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ }المائدة32، ولايوجد عملية انتحارية خارج أرض المعركة قط ، لأنها تصير مستهدفة أمن الناس العزل وهم غير مقاتلين ولامحاربين ، وهذا يجعل العملية الانتحارية عملية إرهابية بامتياز ينبغي تحريمها بشكل قطعي، وخاصة أنها لاتهدف أي هدف عسكري، وإنما تهدف القتل فقط والدمار وهذا ليس مقصداً نبيلاً للقتال والحرب.

وعندما يترَّس العدو بالناس العزل والمدنيين ماينبغي توجيه السلاح عليه وتدميره، لأن حياة الناس مقصد نبيل يجب المحافظة عليها، ولو قام العدو بتدمير المدنيين  وقتل الناس العزل ما ينبغي أن نرد عليه بالمثل لأن كل فريق يعمل وفق ثقافته ورؤيته، وإلا صار الفريقين كلاهما قاتلين مجرمين لافرق بينهما.

مع العلم أنه لايوجد في الحرب النجسة منتصر، وإنما يوجد فريقين دمَّرا بعضهما وأصيب كل منهما بخسارة شديدة على صعيد حياة المقاتلين والعتاد العسكري والمعنوي، ومن كانت خسارته أقل من الآخر يدَّعي أنه المنتصر، ومن يدمر كامل قوة الآخر يصير القاتل والمدمر الوحيد في الساحة دون منازع له.

الخـلاصة

– الإرهاب:مفهوم سلبي فاسد، و هو أعمال تخريبية على صعيد الإنسان، والمجتمع، والبيئة ينتج عنها زهق الحياة أو الخوف والرعب في النفوس،وتدمير الممتلكات،وسلب الثروات. وله صوراً متعددة في الواقع؛ مادية وثقافية، فردية وجماعية، وحزبية وسلطوية.

– العنف:مفهوم فاسد،وهو توجيه سلوك سلبي إلى نفس الآخر يدفعه إلى رد انفعالي سلبي.

– الجهاد:مفهوم إيجابي، وهو بذل الجهد المطلوب بصورة إيجابية لتحقيق الأعمال النبيلة والصالحة، وله صوراً في الواقع حسب الهدف.

– القتال: مفهوم حيادي،وفي الإسلام هو مقاومة إيجابية مادية اجتماعية لصد عدوان مجتمع آخر، وإيقافه عند حده، ويكون دفاعياً، أو وقائياً،أو نصرة للمظلوم.

– الدفاع عن النفس في الحالة الفردية: مقاومة سلبية تجاه المعتدي، مع الحرص على حياة الآخر، ونفي قَبول المشاركة في القتال.

– المقاومة: هي تفاعل وفاعلية مع الواقع للحفاظ على الذات،فعل ورد فعل بصورة إيجابية موجهة ثقافياً وسياسياً، وهي نوعين:

– مقاومة احتلال: وتكون باستخدام كل أسلوب إنساني يصلح لتحرير البلاد والعباد، و يمكن أن تصل إلى المقاومة المادية المسلحة.

– مقاومة فردية في المجتمع الواحد، يُمنع فيها القتال بكل أنواعه،ويكون ضد ظلم السلطة وفسادها بالصبر والتمسك بالإيمان ونشر الوعي، والحس الوطني، والمطالبة بالتغيير (مقاومة إيجابية سلمية).

وضد ظلم أو عدوان الفرد بالدفاع عن النفس بالوسائل القانونية، و بشرط المحافظة على حياة الآخر، ونفي مشاركته في قَبول القتال.

– العمليات الانتحارية العسكرية: هي قيام بعمل انتحاري عسكري على أرض المعركة داخل قوى العدو بعد العجز عن ضرب قوة العدو ، والمحافظة على حياة المقاتلين من الطرفين قدر الاستطاعة.

–  العمليات الانتحارية التي تستهدف المؤسسات الاجتماعية سواء داخل مجتمع العدو أو داخل المجتمع ذاته تحرم ولا تجوز أبداً، وهي عمل إرهابي بامتياز لانتفاء المقصد النبيل منها وتحولها إلى وسيلة قتل للناس  ودمار للمتلكات والمؤسسات فقط.

الإسلام نقيضه الإجرام والعنف

المسلم من سَلِم الناس من يده ولسانه

**************

الإيمان نقيضه الكفر و الإرهاب

المؤمن مَن أمِن الناس منه على أنفسهم وأعراضهم وأموالهم

الإحسان نقيضه الإساءة والإفساد

المحسن مَن بادر بالإحسان للناس والبيئة صنعاً

***************

وشكراً لحسن إصغائكم سامر إسلامبولي

السودان – مركز الفيصل الثقافي

(1) منابع الإرهاب الحقيقية هي الاستعمار والظلم والعدوان والفقر والجهل والتخلف وقمع الحريات والاستبداد والاستعباد والاستحمار للناس…، ويتم توظيف الدين إما لتبرير ذلك الاستحمار والاستعباد، أو لمحاربته، ويتم استخدام مفاهيم الجهاد المقدس ، والقتال ، والشهادة …، ومن أجل ذلك ينبغي ضبط مفاهيم الدين حتى لا يستخدمها أحد لمصالحه الخاصة، وحتى تظهر الدوافع الحقيقية وراء الأعمال، فالحرب بين الناس ليست دينية قط ، وإنما هي اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية، وبالتالي ينبغي رفع شعار محاربة الظلم والاستبداد والاستعباد…، ومن أجل ذلك شُرِّع القتال في الإسلام لتحقيق العدل والأمن والسلام وممارسة الحريات تحت راية: لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.