مفهوم “عدالة الصحابة” هو اغتيال لعقل الأمة
الفضل والمدح والوصف بالإيمان والأسبقية وصحبة النبي وحضور معه كل الغزوات أو معظمها….كل ذلك لايجعل قول هذا الإنسان برهانا بحد ذاته ، ولايعطيه صفة الصدق لما يقول لمجرد أنه هو قاله، وينبغي أن نفرق بين صدق الإنسان وصواب كلامه، فقد يكون الإنسان صادقا فيما يقول حسب ما سمع أو فهم ، ولكن ليس صوابا في الواقع، لذا؛ كان النبي محمد من قبل النبوة معروف بالصدق والأمانة والحكمة، ومع ذالك عندما بعث بالنبوة لم يقل لقومه أنتم تعرفون أني صادق( رغم أن السيرة الذاتية مهمة للنبي قبل نبوته) وها أنا أخبركم بأني نبي من الله فاتبعوني، وإنما أتى ببرهان على نبوته وهو القرءان.
فالصدق شيء ، والصواب شيء آخر.
ومجتمع الصحابة مجتمع إنساني مثله مثل اي مجتمع، فيه الصادق وفيه الكاذب، وفيه الأمين وفيه الخائن والقاتل والمرتد والسارق والزاني ……..الخ، فليس لهم اي ميزة عن اي مجتمع لاحق، والفضل والأسبقية والجهاد لفئة منهم ( المهاجرين والأنصار) هو شيء خاص لهم بينهم وبين الله لايعطيهم حق الوصاية على المجتمعات اللاحقة، ولايجعل من قولهم أو فهمم صواب بحد ذاته ولابرهان وليس مصدرا تشريعيا ولااي شيء ، والقيمة الحقيقية ليست للصحبة لتحققها بمعظم المجتمع الأول الذي زامن نزول الوحي حسب اختلاف تعاريف الصحابي، وإنما القيمة لإتباع الصحابة لكتاب الله والإيمان به والعمل الصالح والإنجاز الذي عملوه ، فهل كبار الصحابة مثل( ابو بكر وعمر وعثمان وعلي ..) مثل أبو هريرة وأبو ذر وعبد الله بن عباس وغيرهم ….، لايستويان.
فمن الخطأ ترديد مقولة ( عدالة الصحابة) أو جعل قاعدة حديثية وهي ( كل خبر عن الصحابي متعلق بالغيبيات ما لايدرك بالعقل فهو بحكم الخبر المرفوع إلى النبي بشرط أن أن لايكون الصحابي معروف بتلقي هذه الاخبار عن من سبق من اهل الكتاب مثل عبد الله بن عباس)فهذه القاعدة دون برهان قرءاني ولامنطقي ، والشرط الذي وضعوه ينقضها كلها من اساسها، فمن يعرف كل الصحابة وتحركاتهم وممن سمعوا ومن لم يسمعوا، لأن نفي المعرفة أو الشهرة لشيء لاينفي وجود الشيء ، بمعنى أنه يمكن أن يسمع اي صحابي خبر من أهل الكتاب ويردده ويخبر به دون أن يرفعه إلى النبي ، وربما يعمل ذلك مرة أو مرتين ولايشتهر بذلك ولايصرح هو عمن سمعه، فهذا لايجعل من خبره بحكم المرفوع للنبي ، فهو صاحب العلاقة لم يرفعه إلى النبي فكيف نحن نكمل السند عنه ونقول أكيد هو سمعه من النبي ولكن لم يصرح بذلك وسكت، فهذا فهم عجيب وغريب وسطحي وساذج، فطالما أن الاحتمال قائم بطل الاستدلال به.
فخبر الصحابي المتعلق بالغيبيات الموقوف عليه ليس حجة ولاقيمة له بداية ، لاحتمال كثير من الأمور منها سماعه ممن سبق من اهل الكتاب.
وكذلك يضاف إليه مرسل الصحابي الذي لم يسمع من النبي مباشرة ومع ذلك يقول قال النبي وهذا نجده كثيرا في أحاديث ابي هريرة ومن تأخر إسلامه فهم يروون احاديث قبل إسلامهم أو لم يحضروا الحدث، فهذا ضعف في سند الحديث ، لأن الصحابي الراوي ليس قوله حجة بذاته ، ولا يشترط صواب كلامه، غير احتمال النسيان أوالخطأ أو الكذب … مما يدل ضرورة أن مرسل الصحابي من قسم الحديث الضعيف ولايصح إلا إن تم وصل السند من غيره، ومفهوم أن إسقاط الراوي بين الصحابي المخبر بالحديث والنبي لايؤثر على صحة السند لأن هذا الراوي المغفل هو صحابي ايضا وكلهم عدول، هذا الكلام غفلة وسطحية طالما أننا نعرف بوجود صحابة منافقين وغير صالحين وليسوا على قدر المسؤولية وليسوا علماء …، مما يدل على أن مرسل الصحابي هو من قسم الحديث الضعيف ايضا.
فالحديث الموقوف على الصحابة المتعلق بالغيبيات ، والمرسل من الصحابة، هما من قسم الأحاديث الضعيفة بداية.
ناهيك عن قول الصحابي وفهمه الخاص لاقيمة علمية له البتة ولا شرعية ولالسانية ولااي شيء، فهو قول أو فهم له مثل اي قول واي فهم من غير الصحابة، وهذا ينطبق على الصحابي الواحد أو العشرة أو المئة أو مجتمع الصحابة كله ، فالحجة بالقرءان وبالبرهان والعلم ، ولايصح أن يكون احد حجة بقوله على ىخر ، ولامجتمع على آخر.
فمفهوم “عدالة الصحابة” هو إضفاء عليهم صفة القداسة والطهارة والعصمة وجعلهم أوصياء على المجتمعات اللاحقة، وخاصة ما يسمى اجماع الصحابة الوهمي المفترى الذي وصل ببعض المقلدين إلى القول إن اختلاف الصحابة على قولين أو ثلاثة هو اجماع عليها ولايجوز الخروج عن اقوالهم!!!!!
فكفى إغتيالاً لعقل الأمة وجعلها قاصرة وسفيهة بحاجة إلى وصاية كاليتامى.
اضف تعليقا