مفهوم الجن والجان والجِنَّة في القرءان

1-جن: صفة وليس اسم جنس وتدل على الجهد أو القوة المستورة والمختفية ، ومفرد كلمة جن هي جني مثل إنس وإنسي، ولايقال لحجر مثلاً مختفي أنه جني بل لابد من وجود قوة وجهد في الشيء المختفي المستور ، مثل الجنين، والكرة الجنية ، والمجنون الذي فقد أو اختفى قوته العقلية الإدراكية فصار يهذو بأي كلام، ويقال للأشخاص الغرباء جن لاختفاء المعرفة بهم، ويقال للشعر المجهول قائله شعر الجن وهو معروف بالأدب العربي .

2- جان: صفة اختفاء وستر لازمة لكائن في طبيعة معيشته ووجوده، مثل بعض نوع الأفاعي الصغيرة التي تعيش دائماً مختبئة وهي سريعة الحركة جداً، ولذلك تم تفسير كلمة جان بالأفعى في نص {وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ يَا مُوسَى لَا تَخَفْ إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ }النمل10 ، وهذا التفسير مقبول لتقريب الفكرة وليس هو للحصر فكلمة جان تعني كائن من طبيعته الاختفاء والستر في حركته وقوته، ولذلك أتى نص خلق الجان مقابل خلق الإنسان {خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ }الرحمن14{وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ }الرحمن15 ، فخلق الإنسان معروف أنه بدأ من طين وصار نسله من ماء مهين،فكلمة خلق في النص هذا لاترجع لأصل الخلق الترابي وإنما تتكلم عن خلق معنوي ،وكلمة صلصال تدل على صلات متصلة ببعضها مصلية كالفخار من الفخر التي تدل على العظمة والقدم، ليصير الإنسان

مخلوق معنوي من صلات متواصلة مع بعضها متداخلة على صعيد الأسرةو المجتمع ولذلك الإنسان كائن اجتماعي وليس كائناً فردياً، وتشبيه صلصلته بالفخار بوجه من الوجوه وتعني العظمة والقدم ولاعلاقة لجرة الفخار بالنص، وأتى مقابل خلق الإنسان خلق الجان وهي كلمة تدل على كائن مختفي لزوما وليس هو إلا النفس المختفية في جسم الكائن البشري فهي كائن جان خلقت من مارج من نار بمعنى خلاصة قوة النار فهي طاقة لالون لها ولارائحة ولاطعم ولاحجم ولاتخضع لقوانين المادة رغم علاقتها بالجسم بشكل جدلي، وهي أشبه ببرنامج طاقة ينزل في الجسم ويستخدمه كمثل برنامج ويندوز عندما ينزل في الجهاز الكهربائي ، ويظهر الإنسان العاقل الحر كشخصية ، وهي محل التوفي وهي غير الروح ولكن نفخت في الكائن البشري بواسطة الروح.

وليس كل كلمة جان في القرءان تعني النفس فالسياق يحدد المعنى والمقصد.

3- الجِنَّة: كلمة تدل على اختفاء قوة وسترها.

-أتت بسياق نفي القوة الادراكية والتمييز عن الإنسان أو إصابته بقوة جنية مثل اختلال مرضي في عقله جعلته يهذو ويهجر {أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ مَا بِصَاحِبِهِم مِّن جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ }الأعراف184

-وأتت بسياق تدل على فئة من الناس من الجن في حياتهم وقوتهم وحركتهم في المجتمع{مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ }الناس6 ، وهذا من باب عطف العام على الخاص كقولنا جاء الجنود والناس.

-وأتت بسياق تدل على الملائكة{وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ }الصافات158