مفهوم العام والسنة والحول  و عمر النبي نوح

لاشك أن كل كلمة لها مفهوم مختلف عن الأخرى مصداق القاعدة التي تقول: (إذا اختلف المبنى اختلف المعنى) رغم وجود علاقات أو تداخل بينهم بشكل جزئي، وهذا من الإحكام القرءاني لأنه نزل بلسان عربي مبين من لدن عليم حكيم .

ينبغي أن نفرق بين الحالة الحسابية التجريدية ، والحالة التي تتعلق بالشيء، فمثلاً  مفهوم الأرقام الرياضية هي حالة تجريدية غير متعلقة بشيء تستخدم في الحساب فقط ولا نتصور شيء عندما نحسب، ولكن عندما تتعلق بالشيء كعد يصير اسمها أعداداً، فعندما يكون عندنا مجموعة من الكتب نستطيع أن نعدها ونقول: كتاب واحد كتابين ثلاثة كتب أربعة كتب، وهكذا، ويصير لهذه الأعداد محل لظهورها في الواقع ونتصورها وتمثلت بعدد الكتب بخلاف لو ذكرنا الأرقام مجردة عن الشيء 1-2-3-4-5 …فمفهوم هذه الأرقام تجريدي ذهني غير متعلق بشيء، وكذلك مفهوم العام فهو وحدة زمنية مجردة بينما السنة وحدة وقتية مرتبطة بحدث، ولذلك ينبغي أن نفرق بين الزمن كمفهوم تجريدي والوقت كمفهوم  توقيتي يتعلق بفترة حصول الحدث.

مفهوم كلمة (العام) من خلال تدبر النصوص القرءانية المتعلقة بكلمة (عام)لاحظت أنه متعلق بوحدة زمنية فقط لا علاقة له بالأحداث ، لنقرأ ذلك في قوله: {أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ }البقرة259، فكلمة (عام) هي تعبير عن وحدة زمنية فقط لا علاقة لها بالأحداث وما يجري في الواقع، ولنتابع ذلك،{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ }لقمان14، والنص يحدد أن الفصال يكون نهاية العام الثاني وأي رضاعة بعد بلوغه العام الثاني لا يعتد بها ولا قيمة لها ولا يترتب عليها أي شيء من الأحكام، ولنتابع ضبط مفهوم العام في النصوص الأخرى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً }الأحقاف15، وجملة (وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً ) مع جملة(وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ) يقرر القرءان أن أقصر مدة للحمل في الواقع هي تمام الست أشهر ، وهذا مستفاد من الفرق الزمني بين ثلاثين شهراً التي هي فترة الحمل والفصال معاً، وفترة العامين (أربع وعشرين شهراً) فترة الفصال كحد أقصى للرضاعة التي يترتب عليها أحكام شرعية وهي المهمة في بنية جسم الرضيع . ومدة العام زمنياً كما أتى في النص القرءاني: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ }التوبة36.

وإذا قاطعنا نص (وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ ) مع نص {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ }البقرة233، وجاء في مقاييس اللغة لابن فارس كلمة (حول) الحاء والواو واللام أصلٌ واحد، وهو تحرُّكٌ في دَوْرٍ. فيكون الحول  كفترة زمنية في هذا النص يساوي العام، وذلك أنه يحول، أي يدور.ونصل إلى أن العام هو حول كامل، وهذا يدل على وجود حول غير كامل متعلق بالفصول والمواسم وينطبق عليهم اسم الحول لساناً، ومن خلال ذلك المفهوم نصل إلى أن مدة الحول في نص الوصية للمرأة المتوفى زوجها،{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيَ أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }البقرة240، كونها أتت دون تحديد بحول كامل أو غير كامل مما يعني عموم الدلالة، وهذا يعني أن الحد الأدنى هو حول ناقص المتمثل بعدة الوفاة{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ }البقرة234 ، والحد الأقصى هو حول كامل متمثل بالعام، وهذا حق للزوجة التي لا يوجد عندها أولاد في بيت زوجها المتوفى ولا يجوز إخراجها من قبل الورثة إلا برضاها وذلك حتى تدبر أمور معيشتها وحياتها.وعلى هذا النمط أتت النصوص كلها تستخدم كلمة (العام) كوحدة زمنية مجردة،{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَاء إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }التوبة28{إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ }التوبة37{أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ }التوبة126{ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ }يوسف 49

مفهوم السنة

كلمة السنة في القرءان تأت متعلقة بحدث ضمن العام، لنقرأ:{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ }الأعراف130{قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ }يوسف47{أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ }الشعراء205.كما أن كلمة (العدد) تتعلق بالسنين ولا تتعلق بالعام ،{فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً }الكهف11{هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }يونس5{قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ }المؤمنون112وكلمة(عدد) هي حالة إحصائية متعلقة بالشيء، لنقرأ:{لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدّاً }مريم94{حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً }الجن24{لِيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً }الجن28 ، فالعدد يحتاج معدوداً يتعلق به،بينما كلمة(الحساب) هي حالة تجريدية، لنقرأ: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ }الزمر10فكل عملية عد هي حسابية، وليس كل عملية حسابية هي عد، بمعنى العملية الحسابية متعلقة بالتعامل مع الأرقام فقط دون تعلقها بالشيء أما العد والتعداد هو تعلق الأرقام بالشيء، فنقول مثلاً: أعط زيداً عشرة دنانير وثمانية دراهم، وهذا يقتضي منا أن نعد الدنانير والدراهم، بينما لو قلنا: أعطه بغير حساب، فهذا يعني نفي العد كله من أصله، فالعد متعلق بالشيء، والحساب تجريدي متعلق بالأرقام فقط، وهذا يوصلنا إلى أن السنة كونها معدودة فيعني أنها متعلقة بالحدث بخلاف العام فهو متعلق بالحساب، فمثلاً نقول: احسب عمرك بالأعوام وعد السنين.وعود للنص: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ }يونس5 نلاحظ أن القمر يتم حركته حول الأرض بوحدة زمنية تسمى شهر، ومجموع هذه الحركات الشهرية هي منازل القمر التي تشكل عدد السنين ضمن العام، وهذا يعني أن العام يحتوي في داخله مجموعة من السنين، والسنين هي أحداث أو أحوال بيئية يجري فيها أعمال بشرية من زراعة وغيره.{وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَونَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّن الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ }الأعراف130{قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ }يوسف47{أَفَرَأَيْتَ إِن مَّتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ }الشعراء 205، وتحدد مدة السنة بالفترة الزمنية التي يستغرقها الشيء المزروع محل الكلام، فمثلاً في نص رؤيا الملك في قصة النبي يوسف محل تعلق السنة هو زراعة القمح، والقمح يزرع مرة واحدة في العام في بلاد ومرتين في العام في بلاد أخرى، وبناء عليها يتم تدبر رؤيا الملك ومعرفة البلد التي كان يسكنها الملك وأقام فيها النبي يوسف وجلب أهله إليها، ولنعتمد حالياً أن بلاد الملك يزرع القمح فيها مرتين بالعام، فهذا يعني أن كل سنتين يشكلان عام واحد في نصوص قصة النبي يوسف، وهذا يعني أن عدد السنوات الأربعة عشر هي سبعة أعوام فقط، وبناء عليها يكون عدد سنوات سجن النبي يوسف {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِّنْهُمَا اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّكَ فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ }يوسف42، والبضع هو من ثلاثة إلى تسعة، الحد الأدنى(ثلاث سنوات) عام ونصف، والحد الأقصى (تسع سنوات) أربعة أعوام ونصف، وفي حال كانت المواسم أكثر من اثنين في العام فيتم إنقاص حساب الأعوام كلما كثرت السنين فيه.وبناء على هذا المفهوم للسنة والعام نفهم هذه النصوص:{قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ } المائدة26، أربعين سنة تساوي عشرين عاماً.{وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَاناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }الأحقاف15{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْماً وَعِلْماً وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ }القصص  14، أربعين سنة تعني عشرين عاماً وعندها يبلغ الإنسان أشده ومعظم قوانين البلاد تعد هذا العمر هو بدء الرشد عند الإنسان ويصير مسؤولاً عن عمله ويحاسب كإنسان بالغ راشد، {يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ }السجدة 5، ألف سنة مما نعد هي خمسمائة عام{وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ }البقرة96 ألف سنة تعني خمسمائة عام{غُلِبَتِ الرُّومُ }{فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ }{فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ }الروم2-4 بضع سنين الحد الأدنى عام ونصف، والحد الأقصى أربعة أعوام ونصف.

وصلنا الآن إلى تدبر نص {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ }العنكبوت 14، وذكر النص كلمة السنة وكلمة العام ولا يمكن إجراء أي عملية حسابية بينهما مالم نحدد الوحدة الزمنية بينهما ونحول السنين إلى أعوام، و الملاحظ أن المكان الذي يقيم فيه قوم النبي نوح هو مكان يمكن حصول الطوفان فيه وهو نتيجة نزول أمطار غزيرة وسيولها من على الجبال وهم في وادي ومجرى لهذه السيول، وهذا يعني أن الأرض خصبة جداً للزراعة، وهذا يفيد في احتمال أن يكون العام فيه بضع سنوات زراعية وليس اثنين فقط، وإن افترضنا أنهم يزرعون القمح مرتين في العام فهذا يعني أن النبي نوح لبث في قومه يدعوهم:1000÷2 -50 =450 عام  وهي فترة زمنية طويلة بالنسبة لعمر إنسان، وإن افترضنا أنهم يزرعون شيء آخر فيكون العام أربع سنوات(مواسم زراعة) فيكون قد لبث النبي نوح في قومه:1000 ÷ 4 -50 = 200 عام، وطبعاً النبي نوح استمر في حياته بعد الطوفان أيضاً فترة زمنية لم يذكرها القرءان ويحددها، ولكن قطعاً صار عمره فترة زمنية طويلة تتجاوز صلاحية حياة الجسم البشري الافتراضية، وخاصة أن عمر النبي نوح ينبغي أن يتناسب مع عمر قومه فهو رسول لهم وليس للأجيال اللاحقة ، ومن هذا الوجه نرجح أن عدد السنوات (مواسم زراعية) في المنطقة التي كان فيها النبي نوح أكثر من أربعة مواسم ليصير عمره واقعي مناسب لكائن بشري وضمن العمر الافتراضي للإنسان في حال انتفت الموانع أو تأخرت التي تهلك جسمه ويتناسب مع عمر أفراد قومه.
وقد كشفت دراسة حديثة شارك فيها 35 باحثًا من مركز “جون إينز” البريطاني وجامعتي “كوينزلاند” و”سيدني” الأستراليتين، عن تقنية جديدة لتسريع تربية القمح Speed breeding، من خلال خلق بيئة صناعية مزودة بإضاءة تُسهم في تحقيق أنظمة إضاءة يومية مكثفة لتسريع تربية المحاصيل الزراعية وتحسينها.

ووفقًا للدراسة التي نشرتها دورية “نيتشر بلانتس”،  فإن التقنية الجديدة ساعدت على تربية محصول القمح، بدايةً من بذر بذوره وحتى حصاده، في مدة تُقدَّر بنحو 61 يومًا، ما يعني أنه بات من الممكن تربية 6 أجيال من القمح في العام الواحد، بزيادة أسرع بحوالي ثلاثة أضعاف عن زراعته بالتقنيات المستخدمة حاليًّا.

ولو افترضنا أن المنطقة التي كان يعيش فيها النبي نوح تتصف بهذه الخصائص المناسبة لتعدد مواسم الزراعة ويوجد فيها ست مواسم زراعية حسب المادة التي يزرعونها تحصل في العام، فيصير فترة لبث النبي نوح في قومه هي :

1000 ÷ 6 – 50 = 116،6666 عام، وهي فترة زمنية معقولة ومقبولة ، ويمكن أن يضاف عليها الفترة الزمنية التي عاشها بعد الطوفان وقطعاً هي أقل مما سبق ، ولنفترض أنه عاش 20 عام فيصير عمره 116،666 + 20 = 136،666 عام وهذا عمر مقبول ومناسب للجسم البشري، ويمكن أن يكون عمر أفراد قومه كذلك أو قريب