الفرق بين اسم الفاعل والفعل

صيغة اسم الفاعل مثل ( كاتب) غير صيغة الفعل مثل ( كتب)، وبداية يوجد فرق بينهما نتيجة اختلاف المبنى الذي يؤدي إلى اختلاف المعنى ضرورة، وهذا الاختلاف واضح في تعلق صيغة الفعل بالزمن بينما نفي الزمن عن صيغة اسم الفاعل، فصيغة الفعل (كتب) تدل على حدوث فعل محدود متعلق بالزمن بينما صيغة (كاتب) تدل على تعلق بالفعل من حيث الحدوث المكرر له سابقاً، وثبوت القدرة على إعادة الفعل وتعلقها بمشيئة الفاعل له حين اللزوم، بمعنى أن الفعل (كتب) صار مهنة وعملاً للفاعل مع امتلاك القدرة على فعله حين الحاجة له، فكل كاتب قطعاً مرَّ بمرحلة فعل (كتب)، والعكس غير صواب ، بمعنى ليس كل من كتب صار كاتباً. وهذا الفرق بين صيغة اسم الفاعل وصيغة الفعل هو أمر منطقي علمي كوني، والقرءان نزل بلسان عربي مبين محكوم بهذه القوانين الكونية والمنطقية. لذا؛ من الخطأ والقصور أن يأتي إنسان ويطالب بالبرهان على الفرق بين دلالة (كتب) و (كاتب)، لأن البرهان قائم بالفرق بينهما المشاهد كمبنى وكمعنى، ومن يفعل ذلك مثله كمثل من يقول: ما البرهان على الفرق بين أنا وأنت؟ الفرق قائم بالمبنى والمعنى من خلال محل الخطاب، وصيغة الكلام تدل على أن ضمير أنا غير ضمير أنت، وهذا التفريق من مقومات المنطق الثابتة بداهة لا تحتاج إلى برهان نظري.والعلم بالفرق بين الصيغتين( اسم الفاعل والفعل) يساعدنا كثيراً بفهم القرءان ودراسته، انظروا إلى قوله تعالى:1- {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }المائدة38،أتى النص القرءاني بصيغة اسم الفاعل ( السارق) ولم يأت بصيغة الفعل (سرق)، وهذا له دلالة هامة لأن الخطاب القرءاني مُحكم ونور وصدق وحق، وهذا يدل على أن الحكم متعلق بمن تحقق به دلالة اسم الفاعل( سارق) وليس من قام بالسرقة مرة، فكل سارق لاشك أنه مارس فعل السرقة مرات، ومرات، بينما ليس كل من سرق صار سارقاً، وهذا لايعني عدم عقوبة من سرق، ولكن ينبغي أن تكون مختلفة عن عقوبة السارق، ويرجع تقدير ذلك للقاضي حسب ما يراه زاجراً رادعاً مؤلماً.2- {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ }النور2ليس كل من مارس الفاحشة هو زاني، بينما كل زاني يكون قد مارس الفاحشة مرات ومرات، وهي متعلقة بالدعارة ، فكل زنى فاحشة ، والعكس غير صواب، وهذا لا يعني أن ممارسة الفاحشة مباح ولكن لا علاقة للمجتمع بالفاعل حتى يصير زانياً ، وذلك بمجاهرته ممارسة الفاحشة وتحولها إلى العلانية والتعاطي والترويج لها كدعارة، وهذا حق المجتمع فيتدخل فيه ليوقفه عند حده حفاظاً على أخلاق المجتمع وقيمه من التحلل والإباحية و الفساد.3-. {وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ }ص4.-{لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }المائدة73.الكفر لساناً هو تغطية بجهد {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ }الحديد20، فكل تغطية للحق هو كُفر به، بصرف النظر عن مدى علم الإنسان أو غفلته أو تعمده أو خطئه، ولكن ليس كل من كَفر يصير كافراً أو كفَّارا، فالكافر هو الذي يتعمد الكفر ويتبناه بعدوانية ومحاربة للحق وأهله، فكل كافر هو على كفر ، والعكس غير صواب، بمعنى ليس كل من كفر هو كافر، والكفر يمكن أن يكون في كل الملل والفرق دون استثناء حتى في المسلمين أنفسهم، وما أكثر الأقوال أو السلوكيات أو التصورات الكفرية عند المسلمين، ومع ذلك ليسوا هم كافرين ولا كُفَّاراً، ونعاملهم بالحسنى والاحترام والتعايش معهم في الوطن الواحد.وكذلك من ينتسب إلى الأنبياء السابقين فإن صدر منهم أي قول أو تصور كُفري لا يعني أنهم كافرون، وإنما هم على كُفر لاشك بذلك، مثل من يقول: بالثالوث أو البنوة لله، فهذا القول أو التصور كفر خلاف الحق ، ولكن قائله ليس كافراً، بمعنى ليس عدواً محارباً للمسلمين أو الحق، و هو اختيار شخصي ناتج عن حريته، وحسابه على الله ليس للناس أن يحاسبوه، وله كامل حقوقه في المجتمع الإسلامي وعليه أداء واجباته مثله مثل أي مواطن طالما أنه ملتزم بالسلم والسلام ويحترم الآخرين ويتعايش معهم. 4-{وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً }النساء93.كلمة قتل غير قاتل، ولم يأت في القرءان كلمة قتل بصيغة اسم فاعل (قاتل) لأن فعل القتل يقام عليه العقوبة من ممارسة الفعل من المرة الأولى لعظم جرم القتل، وتقديس لحياة الإنسان، ولا ننتظر لأن يصير قاتلاً وله عدة ضحايا، مع العلم أن القتلة صاروا محميين بالقانون والجيوش وقوى السلطة في معظم البلاد العربية إضافة لحق الفيتو الأمريكي أو الروسي.