هذا الموضوع لاعلاقة له بالمجاز، وإنما هو من بحث الترادف، وعدم الوصول إلى تحديد الفرق بينهما لايدل على نفي وجود الفرق بينهما في الدلالة، فما أكثر الأشياء التي يقف عندها العلماء لايعرفون كيف حصلت أو ما هو التعليل لها، وهذا ليس بمبرراً لرفض نظرياتهم أو معلوماتهم الثابتة بالبرهان.

ومع ذلك انظر للنصوص القرءانية كيف استخدم الكلمتين

البحر: هو الكائن المتجمع على ذاته مستقراً باتساع كبير ومؤرجح بشدة ومكرر على هذه العملية ، ومن هذا الوجه يقال: إن زيداً بحر في العلم.

والبحر في الواقع المادي هو التجمع المائي الكبير المؤرجح بشدة أي فيه حركة مكررة، وعلى ذلك يخرج من التعريف البرك المائية الراكدة.

والبحر نوعان : بحر مالح وهو معروف ، وبحر عذب وهو الأنهار الكبيرة والبحيرات.

قال تعالى :

}وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً وَحِجْراً مَّحْجُوراً }الفرقان53

}وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ }فاطر12

وانظر كيف وصف الله حادث غرق فرعون وجنوده

}وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْياً وَعَدْواً حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلِـهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَاْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ }يونس90

}فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ }الشعراء63

ولمعرفة نوع البحر في هذه النصوص هل هو بحر مالح أو بحر عذب نقرأ قوله تعالى:

}فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ }الأعراف136

إذا ؛ هذا النص يحدد أن البحر الذي غرق فرعون وجنوده فيه هو يم أي بحراً عذباً وليس مالحاً، وهو نهر كبير

وكلمة (يم) تدل على جهد أو قوة ممتدة بجمع متصل ومنها أتت كلمة يمين، فكل يم هو بحر وليس كل بحر يم.

انظر قوله تعالى: {أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِّي وَعَدُوٌّ لَّهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي }طه39، فهذا اليم هو نهر كبير ممتد يصل في سيره إلى حيث يقيم فرعون .