مفهوم الرواسي في القرءان {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ} رد على رشيد مذيع قناة الحياة

يقول مذيع قناة الحياة رشيد: إن القرءان مليء بالأخطاء العلمية ومنها أن الرواسي الملقاة في الأرض هي الجبال وهذا خطأ علمي بين، فالجبال تشكلت تشكيلا وليس إلقاء.

لنرى خطأ قوله وفهمه للقرءان وتحميله للنص ماليس فيه .

كلمة رسا: تدل على تكرار حركة حرة ممتدة بإثارة زمانية ومكانية .

وكلمة (رسا) لا علاقة لها بكلمة ( ثبت) التي تدل على دفع خفيف ملتصق متجمع باستقرار منته بدفع خفيف وظهرت ثقافياً بمعنى ملازمة الشيء لوضع معين وتوقيفه عليه بقوة وهذا معنى التثبيت الذي يتصوره الإنسان في ذهنه

لنقرأ:

-{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }محمد7

– {رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ }البقرة250

– { إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ }الأنفال12

– {يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ }إبراهيم27

هل يصح القول :

يُرسي أقدامكم؟

فارسوا الذين آمنوا؟

يُرسي الله الذين آمنوا بالقول الراسي؟

لنقرأ:

-{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ }فصلت10

–  {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ }لقمان10

–  { وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا }النازعات32

هل يصح القول:

وجعل فيها ثوابت من فوقها؟

وألقى في الأرض ثوابتًَ؟

والجبال ثبَّتها؟

لنتابع التدبر معاً.

كلمة (وتد) تدل على امتداد منضم مكانياً بدفع خفيف منتهي بدفع شديد، وظهر ثقافياً بمعنى الشيء الذي يمتد بشيء آخر مندفع بشكل قوي ليثبت عليه شيئاً  آخر.

وأوتاد الخيمة معروفة، وهي تندفع غَرزاً وعُمقاً بالأرض بقوة  لتثبيت الخيمة وليس لتثبيت الأرض.

وهذا يعني أن الجبال أوتاد مندفعة بالأرض عُمقاً بقوة لتثبيت شيء عليها وليس تثبيت الأرض، فعندما نريد تثبيت شيء لا نضع الوتد فيه وإنما ندفع الوتد بشيء آخر قوي وثابت حتى نستخدمه في تثبيت الشيء المعني، وهذا يوصلنا إلى خطأ من يقول :إن الجبال أوتاد لتثبيت الأرض من أن تَميد بنا، والصواب هو إن الجبال أوتاد لتثبيت شيء على الأرض منفصل عنها، وبصرف النظر ما هو، فهذا متروك للعلم ليكتشف ماهيته.

لذا؛ الجبال ليس مهمتها تثبيت الأرض ، وليست هي الرواسي التي تحفظ الأرض في النص {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ} ولم يذكر النص القرءاني أن الجبال ألقاها في الأرض وإنما ذكر الرواسي،  والمذيع فهم إن الرواسي الملقاة في الأرض هي الجبال

وعود على بدء

كلمة (رسا) تدل على تكرار حركة حرة ممتدة بإثارة زمانية ومكانية.

رسا يرسو فهو راسي، وكلمة (راسي) اسم فاعل وجمعها(راسون) مثل نما ينمو فهو نامي وجمعها نامون، وكلمة (رواسي) هي صفة مشبهة باسم فاعل وتفيد اللزوم وليس التعدي، وهذا يدل على أن الرواسي محل الفعل  وليست فاعلة أصلاً مثل مرساة السفينة التي تلقى في قاع البحر لإرساء السفينة وليس لتثبيت الأرض، والسفينة لا تثبت وتجمد في مكانها وإنما ترسو لتصير راسية مع احتفاظها بالحركة المحدودة، وهذا مفهوم النص{وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا }النازعات32  و غمر جزء كبير من أسفلها في الماء ليحقق لها التوازن وهو مثل الوتد لتثبيت السفينة وليس البحر وهذا مفهوم النص{وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً }النبأ7، لأن الجبال تمر مر السحاب فهي ليست جامدة كما نظنها وهذا مفهوم النص{وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ }النمل88

والجبال هي الرواسي المجعولة في النصوص هذه

{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ }فصلت10

{وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتاً }المرسلات27

{أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزاً أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَايَعْلَمُونَ }النمل61

ويؤكد العلماء وجود مراحل لنشوء الجبال حيث تبدأ بتمدد الألواح ثم اصطدامها ثم تشكل الجبال ثم تفسح المجال أمام الأنهار لتتشكل، إذن نحن أمام ثلاثة مراحل: امتداد الألواح أي تمددها، ثم نشوء الجبال الرواسي، ثم تشكل الأنهار، وهذا ما لخصه لنا القرآن بكلمات قليلة في قول الحق تعالى: (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا) [الرعد: 3]. ويقول البروفسور Pysklywec إن هذه الأمطار وما تختزنه الجبال من مياه تغير سلوك الجبال من حيث الحركة، وتؤثر على حركة الألواح التي تحمل هذه الجبال وبالتالي يمتد التأثير ليصل إلى جذور الجبال. ويستغرب هذا العالم من وجود هذه الحركة الغريبة والمعقدة للجبال، ويقول: “إننا لم نكن نتوقع أن التغيرات على سطح الجبل يمكن أن تؤثر على جذر هذا الجبل وعلى حركته، إنها المرة الأولى التي ندرك فيها أن الألواح الأرضية تتحرك بفعل التأثيرات الخارجية على سطح الأرض”. يقوم البروفسور Pysklywec بتجاربه على الحاسوب، طبعاً الكمبيوتر العادي لا يمكن أن يقوم بمثل هذه التجارب المعقدة، لذلك يلجأ إلى الكمبيوتر العملاق المسمى”سوبر كمبيوتر” حيث يضع برامج خاصة لمحاكاة ما يحدث على عمق عدة مئات من الكيلو مترات تحت سطح الأرض حيث تبلغ درجة الحرارة أكثر من1500 درجة مئوية، وكل تجربة يستغرق هذا الكمبيوتر وعلى الرغم من سرعته الفائقة يستغرق عدة أيام لإنجازها، إن هذه الظروف قد تغير حركة الألواح لتعكس اتجاهها. إذن الحقيقة التي يقررها العلماء اليوم هي أن الجبال تمر وتتحرك وأحياناً تعكس اتجاه حركتها وسبب هذه الحركة أنها تُدفع بواسطة التأثيرات الحرارية الباطنية للأرض، تماماً كما تدفع الرياح الغيوم! ولكن حركة الجبال لا يمكن إدراكها مباشرة ولكن تأثيراتها تظهر خلال ملايين السنين.

وحركة الجبال ليست حركة ذاتية بنفسها بل هي حركة اندفاعية بسبب تيارات حرارية تسببها الطبقة التي تليها من الأرض وكذلك حركة الغيوم أيضاً ليست حركة ذاتية إنما حركة اندفاعية بسبب التيارات الهوائية والرياح

وصلنا إلى تدبر الرواسي التي ألقيت في الأرض ولم تُجعل فيها جعلاً مثل الجبال ، لنقرأ:

{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ }لقمان10

فهذه الرواسي الملقاة في الأرض ليست هي الجبال لأن الجبال لا تحفظ الأرض من الميدان التي تدل على المد والتجاوز في الحركة والانفلات من الضوابط، وإنما هي رواسي ألقيت إلقاء مثل إلقاء المرساة ووظيفتها حفظ الشيء الذي ألقيت منه، وعندما أتى النص بذكر أن الرواسي تحفظ أيضاً الأرض من المَيَدان دل على أن وظيفة الرواسي جدلية متبادلة تحفظ الشيء الذي ألقيت منه وبالوقت ذاته تحفظ الشيء الذي ألقيت فيه، وكون الرواسي جمع مما يدل على تعدد الرواسي التي تحفظ الأرض من الميدان وتحفظ الشيء الذي ألقيت منه أيضاً من الميدان، وليست هي إلا الجاذبية في كل كوكب أو قمر،وينتج عنها الجذب والطرد بين الكواكب والأقمار والشمس مما يؤدي إلى تحقيق التوازن بينها وحفظها جميعاً من المَيدان.

ونهاية الكلام المنشور يدل على أن المذيع رشيد رجل مغرض يصطاد بالماء العكر ويهرف بما لايعلم ويستخدم جهله ليطعن بالنص القرءاني