إثبات وفاة النبي عيسى مرة واحدة بصورة الموت له

النبي عيسى وأمه كائنان بشريان ينطبق عليهما ما ينطبق على سائر البشر {مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَأْكُلاَنِ الطَّعَامَ انظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الآيَاتِ ثُمَّ انظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ}المائدة75

ولايوجد خلود لأي كائن في الدنيا وتجاوز زمن جيله وعصره الذي ولد فيه {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ }الأنبياء34،

وخلو كل الرسل والنبيين من الله قبل النبي محمد وفاة أو قتلاً{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ }آل عمران144

حتى النبي محمد الخاتمي مات وخرج من الدنيا{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ }الزمر30-

والنبي عيسى سوف يموت مثله مثل سائر الناس لااستثناء له من قانون الموت{وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً }مريم33 ، وقد مات فعلاً.

ومن يموت ويخرج من الدنيا لايعود إليها {وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لَا يَرْجِعُونَ }الأنبياء95

والنبي عيسى توفي مرة واحدة في القرءان ولم يذكر له وفاة ثانية وغادر الحياة الدنيا موتاً وانقطع علمه بها{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ {المائدة117.

وكلمة (توفيتني) في النص هذا هي ذات دلالة كلمة التوفي في النص {إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ }آل عمران55، فهل كان يقصد النبي عيسى بكلامه الوفاة بمعنى النوم فقط في النص الأول أم الوفاة المقترنة بالموت؟ لاشك أنه يقصد الوفاة المقترنة بالموت كون الأصل بالوفاة التي تأت بسياق حياة الإنسان في القرءان هي المقترنة بالموت، ولايوجد أي قرينة تصرفها للنوم، والحدث لم يحصل بعد وهو خبر عن حدث مستقبلي يوم القيامة ولايوجد إلا وفاة واحدة للنبي عيسى هي التي حصلت له في الدنيا بعد أن أنقذه الله من مكر اليهود{إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ } .

وختمت النبوة ببعثة النبي محمد ولا نبي إلهي بعده{مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }الأحزاب40

و رفعت الوصاية الإلهية المباشرة عن الجنس الإنساني لاكتمال الدين الإسلامي وإتمام النعمة ورضي الإسلام ديناً للناس، { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً }المائدة3

فهل مجرد رؤية النبي عيسى وثبوت أنه ليس إلهاً لإنسان هو دافع حتمي للإيمان به أم أن الإيمان متعلق بالحرية ومشيئة الإنسان؟

     هذه النقاط هي التي تحكم أن وفاة النبي عيسى هي وفاة موت وليس وفاة نوم، وقد توفي مرة واحدة فقط   ولن يرجع مرة ثانية إلى الحياة الدنيا، وما ينبغي له ذلك، وينبغي تدبر النصوص الأخرى على ضوئها وعدم نقضها سواء فهمناها كما ينبغي أم لم نفهمها ولانتخذ من أهداب الكلمات مفهوماً ينقض هذه الحقيقة .

وشهادة النبي عيسى شهادة شهيد حضورية سمعية بصرية قبل وفاته، والوفاة له تدل على مغادرته الحياة الدنيا بدليل قوله(مادمت فيهم)، ولا يوجد أي نص صريح يخبر أن الله سوف يبعثه مرة ثانية من المتوفين ويعيده إلى الدنيا  خلاف سنة الموت و الهلاك ، ومن ثم يرجع ويتوفاه مرة ثانية .