مفهوم الإيمان غير العلم

كلمة الإيمان تعني التصديق والعلم المقترن بالعمل والطاعة والانقياد أو عقد ذلك بالنفس، ولا تعني قط مجرد التصديق أو العلم، فهذا لا يُسمى إيماناً ولا يُنجي من النار أصلاً، فإبليس كان مصدقاً بوجود الله، ويعلم أن الله حق، وهو واحد أحد، ويصدق بوجود اليوم الآخر، ولكنه لم يؤمن بالله، بمعنى أنه لم يطع أمر الله وكان من الفاسقين الكافرين،{قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ }ص75، {هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ }الأنعام158، فالإيمان لابد له من ترجمة حقيقية على أرض الواقع، فما قيمة التصريح بالإيمان قبل ومضة من الموت المؤكد وهو لا يستطيع ترجمته على الأرض من عمل صالح لانتهاء فرصته التي مُنحت له في الدنيا، انظروا لفرعون{ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ{90} آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ{91} يونس

فالإيمان ليس كلمة تلفظ باللسان، وإنما هو موقف قلبي من الولاء والتبني والنصرة والشهادة مبني على التصديق والعلم، وهذا يؤكد أن الإيمان من أهل الكتاب بالنبي عيسى كان متعلقاً بحياتهم وحياته