كتب لي أحد الأطفال في آخر مرحلة طفولته : ممكن أستاذ أسالك سؤال؟

قلت : تفضل يا بني .

قال أنا أتفرج كثيراً على أفلام مصاصي الدماء والمستذئبين حتى امتلأ عقلي بهم ، وصرت أتصور إمكانية وجودهم في الواقع، وتحول بعض الناس لهم فهل هذا صحيح وممكن؟

قلت: يا بني ؛طبعاً صحيح وفي أيضاً بعض الناس تصيبهم الحمرنة ويتحولوا لحمير .

قال: عجباً معقول يوجد من يتحول إلى حمار؟ ولماذا لم يصنعوا أفلاماً عنهم أستاذ؟

قلت: ألم تقل يوجد ناس يتحولون لذئاب؟

قال: نعم.

قلت: أليس الذئاب بهائم ؟

قال نعم.

قلت: فما وجه الغرابة أن يتحول بعض الناس إلى حمير مثل تحول بعض الناس إلى ذئاب؟

قال: ما خطر ببالي هذا ، لأنه ربما لا يوجد أفلام تعرض أنه في ناس تحولوا لحمير.

قلت: نفي وجود أفلام تعرض ذلك لا يعني أنه لا يوجد ، والحمير لا يهتم أحد بهم فهم لا قيمة لهم لذلك لا يصنعون عنهم أفلاماً.

قال: أستاذ أنت تتكلم عن جد أنه يوجد ناس تتحول إلى حمير؟

قلت: نعم؛ كما يوجد ناس تتحول إلى ذئاب ومصاصي دماء يوجد ناس تتحول إلى حمير وما أكثرهم.

قال : عجيب ؛ كيف تتحول الناس إلى حمير؟

قلت: يا بني اسمع؛ تحول بعض الناس إلى ذئاب أو مصاصي دماء ليس على وجه الحقيقة المادية كصورة جسمية ،وإنما تحول حقيقي على وجه معنوي نفسي، والأفلام هي تجسيد لهذا التحول النفسي مادياً حتى تصل الفكرة بشكل قبيح للمشاهد عن حقيقة هؤلاء الناس وكيف هم بهائم بشكل البشر .

قال: كيف يعني لم افهم عليك؟

قلت: يا بني؛ أليس الذئب له طباع خاصة مختلفة عن طباع الحَمل مثلاً أو الكلب؟

قال: نعم.

قلت هذه الطباع للذئب التي هي الافتراس والغدر والعدوانية يتمثلها بعض الناس في سلوكهم فيتحولون إلى ذئاب ولكن يبقون بشكل بشري حتى يخدعون الناس الطيبين ولا يعرفونهم على حقيقتهم ، وكذلك ألا يوجد كائنات مصاصي دماء مثل البعوضة والعلق والخفافيش، ولهم طباع؛ فكلهم كائنات طفيلية تتغذى على الآخرين وتمص دمائهم ، وكذلك يوجد بعض الناس تتغذى على جهد الآخرين وتعبهم دون أن يعملوا شيئاً بالمقابل مفيد للمجتمع والناس، فهذا التحول هو تحول معنوي نفسي سلوكي وليس تحولاً مادياً متعلقاً بالجسم .

قال: عجيب أنا كنت أتفرج على الأفلام ولا يخطر ببالي أن ذلك هو تحول معنوي نفسي وليس مادياً كصورة للجسم !! طيب أستاذ كيف يتحول الناس إلى حمير؟

قلت: كما يتحول بعض الناس إلى ذئاب بشكل معنوي نفسي سلوكي يتحول بعض الناس إلى حمير بشكل معنوي نفسي سلوكي.

قال: كيف يعني يحصل ذلك؟

قلت: ادرس طباع الحمار وبعدها ادرس سلوك الناس فتعرف المتحول الحماري فوراً! ما هي طباع الحمار؟

قال: الحمار مشهور بالبلادة واللامبالاة وبطئ الحركة وعدم التجاوب.

قلت: أحسنت يا بني ، كل كائن بشري تجد فيه هذه الطباع اعرف فوراً أنه كائن متحول إلى حمار سلوكياً ونفسياً!!!

قال: عجيب أعرف كثيراً من البشر كذلك بيننا ويعيشون معنا، أستاذ أفهم من كلامك أنه ليس كل كائن بشري هو إنسان حقيقة ؟

قلت: نعم؛ صحيح كلهم لهم صورة الكائن البشري ولكن الحقيقة المخفية بداخلهم المتحولة مختلفة تجد بينهم الذئاب ومصاصي الدماء والحمير والحملان والكلاب وغيرهم ويوجد منهم من ارتقى وصار إنساناً وتمثل طباع الإنسان المتميزة التي أهمها الشعور بالآخرين وآلامهم ويحملون فكراً ويمارسون التفكير والفهم ويلتزمون بالسلوك السلمي والتعايش مع الآخرين باحترام .

قال : شكراً أستاذ ؛ لقد وجهتني إلى تجاوز الصورة المادية بالحكم والدراسة والنظر للسلوك والطباع وما وراء الشيء وحقيقته ومقاصده ومآله.