مقارنة بين السحر الذي وقع على النبي موسى ،و السحر الذي ننفيه عن النبي محمد

 يوجد من عباد المثناة من يصر على أن النبي محمد قد وقع عليه السحر رغم أن الله نفاه في كتابه وعصم منه النبيين كلهم حتى النبي موسى نفسه، وذلك ليثبت صدق البخاري وكتابه على حساب الطعن بالقرءان والإساءة للنبوة والطعن بها أيضاً، لأن السحر بهذا النوع مناف للنبوة.

لنقرأ ما هو السحر الذي وقع على النبي موسى

{قَالَ أَلْقُوْاْ فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ }الأعراف116

{قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى }طه66

كما هو ملاحظ بالنصوص أن السحر الذي أصاب الناس والنبي موسى منهم لم يتجاوز التخيل للحبال والعصي أنها حيات تسعى وذلك نتيجة سحر أعين الناس وخداعهم، وهذا عادي يصيب كل الناس ولاعلاقة  للسحر هذا بالعقل والتفكير والوهم والخلط والهذيان ، وهذا النوع من السحر يصيب النبي محمد أيضاً ولا يخدش تفكيره ولا يصفه أحد بأنه رجل مسحور ولا يطعن ذلك بنبوته .

اقرؤوا  نوع السحر الذي نفاه الله عن النبيين كلهم والنبي محمد  خاصة.

{.. وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلاً مَّسْحُوراً }الفرقان8

{وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ }ص4

لقد نفى الله عن النبيين صفة الساحر كممارسة له وذلك عندما جعل تلك التهمة تصدر من الكفار والظالمين، ووصف من يتهم النبيين بذلك أنه كافر، ونفى عنهم وقوع السحر عليهم لأن ذلك ينقض النبوة ويخدش في تفكيرهم وتوازنهم العقلي والنفسي، ووصف من يتهمهم بذلك بأنهم ظالمين، فكيف ينفي القرءان السحر كممارسة وكوقوع على النبيين ومع ذلك يصف النبي موسى أنه وقع عليه السحر؟

هل ثبت ظن فرعون بالنبي موسى وأنه  مسحور فعلاً؟

{ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُوراً }الإسراء101

السحر أنواع ، والسحر الذي وقع على النبي موسى هو سحر عادي يصيب كل الناس وهو لم يتجاوز الحالة البصرية والخيال ولم يؤثر بالتفكير والعقل ولم يصب النبي موسى بالهذيان والخلط ، وإلا ثبت ظن فرعون به وصار النبي موسى مسحوراً ، ولكن الواقع إن فرعون يعلم أن السحر الذي قصده ليس هذا السحر البصري الخيالي ,وإنما السحر الذي يصيب العقل ويفقد الإنسان معه التوازن و الحكم على الأشياء ويصير يهذي ويخلط وهذا إن حصل يقتضي نفي التعامل مع هذا الشخص وعدم قبول منه أي فكرة أو حكم . تعالوا لنقرأ الحديث في البخاري ما هو نوع السحر الذي ادعوا أنه أصاب النبي محمد هل هو من النوع البصري أم من النوع العقلي؟

[عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سَحَرَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وآله- يَهُودِىٌّ مِنْ يَهُودِ بَنِى زُرَيْقٍ يُقَالُ لَهُ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ – قَالَتْ – حَتَّى كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وآله- يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشَّىْءَ وَمَا يَفْعَلُهُ حَتَّى إِذَا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ ذَاتَ لَيْلَةٍ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وآله- ثُمَّ دَعَا ثُمَّ دَعَا ثُمَّ قَالَ « يَا عَائِشَةُ أَشَعَرْتِ أَنَّ اللَّهَ أَفْتَانِى فِيمَا اسْتَفْتَيْتُهُ فِيهِ جَاءَنِى رَجُلاَنِ فَقَعَدَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ رَأْسِى وَالآخَرُ عِنْدَ رِجْلَىَّ. فَقَالَ الَّذِى عِنْدَ رَأْسِى لِلَّذِى عِنْدَ رِجْلَىَّ أَوِ الَّذِى عِنْدَ رِجْلَىَّ لِلَّذِى عِنْدَ رَأْسِى مَا وَجَعُ الرَّجُلِ قَالَ مَطْبُوبٌ. قَالَ مَنْ طَبَّهُ قَالَ لَبِيدُ بْنُ الأَعْصَمِ. قَالَ فِى أَىِّ شَىْءٍ قَالَ فِى مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ. قَالَ وَجُبِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ. قَالَ فَأَيْنَ هُوَ قَالَ فِى بِئْرِ ذِى أَرْوَانَ ».

البخاري ومسلم، وفي روايات أخرى بالبيهقي زادوا جملة(وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله مكث كذا وكذا يخيل إليه أنه يأتي النساء ولا يأتيهن)

الشاهد من الحديث هو جملة (يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ الشيء وَمَا يَفْعَلُهُ) هل هذا السحر من النوع البصري مثل السحر الذي أصاب  النبي موسى والناس معه حينئذ؟

وأرجو أن لا يكابر عباد المثناة ويتعصبوا لرأيهم نصرة للبخاري وكتابه على حساب القرءان والنبي محمد ، ولا يتأثروا بوجود كلمة (يخيل إليه) فالحديث ليس قرءاناً وهو كلام بشر نتعامل معه حسب المقصد الذي يظهر من السياق ومحل الخطاب، وسياق الحديث يثبت أن النبي يظن نفسه أنه عمل عملاً معيناً وهو لم يعمله أو العكس مثل الطعام وإتيان نسائه كما أتى بروايات أخرى وهذا أمثلة عن ما يحصل مع النبي وليس للحصر، وهذه كلها حسب فهم الراوي لما حصل مع النبي من كونه أصيب بحالة ضياع زمني وفقدان الحس بالواقع الحقيقي.

و ليعترف عباد المثناة أن السحر بالحديث هذا متعلق بنوع السحر العقلي الذي يفقد صاحبه التوازن العقلي ويشجب عنه الحكم على الأمور أو الأخذ برأيه، فقد يظن أن نصاً معيناً نزل عليه وهو لم ينزل أو العكس ينفي نزول نص عليه وهو قد نزل، فهذا السحر ينفي النبوة وينقضها ويصدق ظن فرعون بالنبي موسى، وكل النبيين معصومين من هذا السحر.

لذلك أهيب بعباد المثناة أن يتقوا الله ويثقوا بكتاب ربهم ويتمسكوا به وينزهوا النبي محمد عن وقوع السحر عليه وليتركوا كتاب البخاري ولايقدمونه على كتاب الله فهذا كفر وظلم وشرك عظيم.