رد على شبهة أن التراث يوجد فيه فائدة ومن الحمق إهماله

يقول بعضهم متعالماً متذاكياً: إن العلم الآن يستفيد من كل شيء حتى القمامة يعيد تكرارها ويستفيد منها ولايهمل شيئاً، مشيراً بقوله إلى أن التراث ماينبغي تركه ويجب الفائدة منه لأنه يحتوي على كنوز وذهب، وبالذات الأحاديث النبوية .
فإلى هذا المتذاكي ومن يقول بقوله نقول: إن دعوتكم هذه مكشوفة لنا دوافعها ولاتنطلي عليناً، فهؤلاء يدلسون على الأمة بقولهم هذا وقياس التراث على العلوم التطبيقية وأن العلم تراكمي متنامي، وبالتالي ينبغي أخذ التراث وبناء عليه والفائدة منه، والأمر ليس كذلك، فالتراث ليس مثل العلوم التطبيقية يخضع للبرهان والتجربة وفيه علوم ثابتة كحقائق نستطيع أن نبني عليها فيما بعد مثل العلوم التطبيقية فهو أفهام وتصورات ومحاولات ليس إلا مرتهنة بالمستوى المعرفي وحاجة كل مجتمع ثقافة ونظاماً وفلسفة ، وكل مجتمع له ثقافته ونظامه وفلسفته وتفاعله مع الحياة ، ومصادر الفلسفة والثقافة والنظام موجودة دائماً ، ولايشترط لها التراكم المعرفي والعلمي مثل العلوم التطبيقية، فدراسة موضوع في القرءان مثلاً لايحتاج أو يشترط أن يطلع الباحث على كل ماقيل سابقاً فيه فيما مضى وخاصة أن الأدوات العلمية كانت بدائية جداً ، والعقل السائد كان نقلياً وليس بحثياً.
كما أن هؤلاء يستميتون في الدفاع عن التراث وحجية الحديث النبوي وأنه مصدر ديني وإيماني وشرعي مع القرءان لإثبات مفاهيم خاصة بهم لاسند لهم بها إلا التراث والأحاديث المنسوبة للنبي لذلك يدافعون عن التراث دفاعاً شديدا ً حتى يثبتوا دعواتهم الخاصة المعروفة لدى القارئ والمثقف مثل مفهوم المهدي ونزول المسيح أو عصمة الأئمة .
ويوجد بعضهم يتذاكى أكثر ويدلس فيقول: الأحاديث النبوية مصدر إيماني وشرعي ولكن لانأخذ به إلا بعد موافقته للقرءان وانسجامه معه ويكون فهمه على ضوء القرءان ، فيظن من يسمع قولهم إنهم قرءانيين ومعتدلين وكلامهم صواب، والواقع إنهم مدلسون ولايتمثلون القول الذي يقولون به ، فهم يثبتون المفهوم الإيماني أولاً من تصورهم والأحاديث وبعد ذلك يبحثون في القرءان عن النصوص التي يمكن لظاهرها أن تخدم فكرتهم وتثبتها ويعرضونها كأدلة وبراهين على المفهوم المفترى من تصورهم لمآرب خاصة عندهم أو عند من وضع المفهوم سابقاً وهم اتبعوه عن غفلة وضلال، وذلك مثل مفهوم المهدي والعصمة للأئمة ونزول المسيح وغير ذلك من المفاهيم؛ بل والأحكام، فمنهم من يثبت رجم الزاني وينزله تحت نص الفساد ، ومنهم من اضطر للقول بالمجاز رغم أنه لايقول به سابقاً وكان ينكره لأن إنكار المجاز في القرءان ينقض مفهوم خاص بهم ، فالقول بالمجاز باب لإثبات كثير من المفاهيم الخاصة المفتراة على القرءان ، فحقيقة هم لايتبعون القرءان ولايجعلونه إماماً لهم ، بل يجعلون القرءان تابعاً لهم ولما يريدون من مفاهيم مفتراة ليس من الدين الإسلامي بشيء.
وللعلم نحن لاننفي التراث فهو موجود كتاريخ للأمة وذاكرة له أهمية ويدرس للعبرة والفائدة والعظة وهو مرجع تاريخي اجتماعي ثقافي مهم ، نحن نرفض أن نجعل التراث والأحاديث النبوية جزء منه مصدراً دينياً وتشريعياً وبرهاناً على صواب شيء أو خطئه ،.
ألا يوجد فرق بين المقولتين ؟
لذلك إلى هؤلاء المدلسين والمتعالمين كفوا جهلكم عنا ، وكفوا عن ضلالكم وتضليل الأمة بأقوالكم المتهافتة