تعدد الخطاب القرءاني وتنوع فاعله

الخطاب القرءاني متعدد المستويات هذا واضح فيه فمثلا عندما تجد ضمير الغائب في النص مثل {وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }القصص70 لايكون المتكلم الله وإنما يوجد كائن آخر يتكلم عنه
وعندما تجد ضمير المتكلم المفرد ( أنا) يكون المتكلم الله مثل :{إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي }طه14
وعندما تجد ضمير الجمع للمتكلم ( نحن) يدل على أن الفعل شارك فيه مجموعة ابتداء من الله وبأمره وإذنه مثل :{نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ }الواقعة57
{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ }الحجر9
وانظر أيضا لفعل التوفي لنفس الإنسان حين موته:
– ينسب فعل التوفي لله وهو نسبة أمر {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }الزمر42
– ملك الموت ينسب له فعل التوفي كقيادة وإدارة ومباشرة {قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ }السجدة11
– الملائكة ينسب لهم فعل التوفي كممارسة ومباشرة له في الواقع{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ فَأَلْقَوُاْ السَّلَمَ مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِن سُوءٍ بَلَى إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }النحل28{الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }النحل32
وانت معني بالخطاب كله الذي نزل إليك عن طريق النبي المعني به بأمر من الرب الأعلى سواء صدر من الرب المعني بك المباشر أو من الله ذاته
وهذا باب من الفقه والتدبر القرءاني عظيم لمن يفهمه
وهؤلاء الأرباب لاشك لهم حرية واختيار ضمن النظام الذي جعله الله للوجود ، وليس لهم شهوات فهم خير محض ويتلقون العلم من الله وهم تحت المراقبة المباشرة منه
انظر
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }البقرة30، فالرب في النص هذا ليس هو الله وإنما االرب المعني بالخلق ومباشرته، وهوأعلى مرتبة من الملائكة، ولذلك عندما اعترضوا على أمره وأظهروا طموحهم قال لهم إني أعلم ما لاتعلمون، وهذا يدل على علمه بالخطة المسبقة من قبل الله لنمط تطور هذا المخلوق ووصوله إلى الأنسنة وتسخير الوجود له من خلال العقل والدراسة والعلم.