دفاع معظم المسلمين عن التراث بجهل دون قراءة له

يغلب على عامة المسلمين حتى معظم حملة الشهادات العالية (دكتوراة) في الدراسات الإسلامية يدافعون عن التراث مثل كتب التفسير والحديث والفقه بجهل عجيب وغريب ..دون قراءة وعلم وتمحيص وتفكير بها ، وعندما تعرض عليهم فكرة أو نقد لحديث منسوب للنبي او فهم تفسير لبعض النصوص القرءانية ..، ينكرون وجود ذلك في التراث أو الكتب المعتمدة لأن الفكرة خطأ أو باطلة بداهة ، وعندما تثبت لهم وجود تلك الفكرة أو الفهم في الكتب يتفاجؤون ويحاولون التملص من موقفهم السابق ويبررون الخطأ أو يقولون هذا خطأ جزئي صغير لاينقض صحة الكتاب ككل وينفي عنه المرجعية !
على سبيل المثال جرى ذات مرة نقاش بيني وبين سلفي أثناء كتابتي لكتابي “تحرير العقل من النقل” وتعرضي لنقد مجموعة من الأحاديث في البخاري ومسلم وهذا قبل عام 1998، عرضت عليه مفهوم هل يصح نسبة فعل التدلي والدنو المكاني لله ؟
فقال: لايصح ذلك لمخالفته لمفهوم التنزيه لله عن المكان والمثلية والشيئية.
قلت: ولكن يوجد حديث في البخاري نسب فعل الدنو والتدلي لله ؟
قال: لايمكن ذلك،أنت واهم، قد يكون في كتب أخرى غير معتبرة وليست مرجعية في الحديث .
قلت : تفضل اقرأ :
حديث المعراج في البخاري يقول : (…….حتى جاء سدرة المنتهى ودنا الجبار رب العزة فتدلى حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى…) أخرجه البخاري 3570 و 7517 ومسلم 262
فلما قرأ بنفسه وقلَّب غلاف الكتاب وتأكد أن الكتاب هو صحيح البخاري فعلاً تغير وجهه وقال: ينبغي أن نرجع لرأي العلماء ونقرأ ماذا قالوا بهذه الجملة وكيف عالجوها وبرروها؟ وفتح بعض الكتب هنا وهناك ووجد رأي يقول إن الفعل ذلك يقصد به جبريل وليس الله، والتفت إلي وقال: أرأيت كيف أن فهمك خطأ والحديث صحيح !.
قلت: العبارة موجودة وهي صريحة اللفظ بنسبة فعل الدنو والتدلي لله ( الجبار رب العزة)، فهل يصح هذا الوصف على جبريل؟
وهل فهم الأشخاص هو حجة وبرهان وينفي دلالة النص الواضحة أمامك؟ وهل فهم بعض الناس ينفي فهم الآخرين والنص معهم صراحة؟
لماذا هذا الخوف من نقض الحديث ورفض نسبته للنبي والحكم عليه بالوضع والكذب؟
هل تنزه كتاب البخاري عن الخطأ والضلال وتقبل النقص والتقول على الله وتقدح بالعقل والتفكير وتلوي عنق النص ليوافق الصواب لتحافظ على عصمة كتاب البخاري؟
قال: إن كتاب البخاري تلقته الأمة بالقبول وله هيبة، ولايصح نقض أي حديث فيه والحكم عليه بالوضع لأن هذا يسحب الثقة والصحة المطلقة عن الحديث النبوي إذا البخاري ذاته يوجد فيه أحاديث موضوعة فمن باب أولى كتب الحديث غيره وبالتالي سقط الاستدلال بها جميعا كمراجع وبراهين على أمور ديننا، ومعظم أمور الدين أتت بالأحاديث!.
قلت: أنت تتكلم وكأنه لايوجد عند المسلمين كتاب إلهي( القرءان) نزل عليهم ومحفوظ وقد حوى أمور الدين كلها بين دفتي المصحف، لماذا تهملون القرءان وتتجاهلونه وكأنه غير موجود؟
قال: القرءان كتاب عام بحاجة لتفصيل وقد أتى ذلك بالسنة (الحديث)، فما أحوج القرءان للسنة ولولا السنة لهلك القرءان وضاع.
وعندما وصل الأمر في النقاش لهذه النقطة توقفت لاستحالة افهامه أن مصدر الدين هو القرءان فقط وهو لايحتاج لشيء من خارجه وإلا كان كتابا ناقصا ، وصار تابعاً لمرجع ظني محرف يتلاعب فيه الناس زيادة ونقصاناً.
هذا نموذج عن نقاش المسلمين وكيف يقدسون التراث على عجره وبجره وإن اعترفوا بخطأ بعض منه يقولون : وجود خطـأ جزئي لايعني خطأ الكل، ورغم أنهم يرفضون أي خطأ مهما كان صغيراً في القرءان لأنه يقدح بصحته وحفظه! ويقبلون في المقابل مرجعية ومصدرية كتب الأحاديث دينياً رغم امتلاءها بالأخطاء والضلال والكذب دون استثناء منها أي كتاب، فحقيقة هم يرفعون كتاب القرءان ظاهراً ولكن حقيقة يطبقون الأحاديث ويتبعونها كمثناة اليهود!.