نموذج للتدبر الذاتي في مفهوم النساء
اخترت كلمة النساء للتدريب على تطبيق منهج الدراسة كونها موضوع منتشر وهو حساس وخاصة للذكوريين الذين يعدون الرجل هو الذكر الفحل أبو شوارب حصراً ولو كان معتوهاً وعالة ، لأنهم عدوا العضو التناسلي الذكري هو علامة مهمة على الرجولة ، ولكن استحوا أن يقولوا أن الأطفال الذكور هم رجال لوجود العضو الذكري، فاشترطوا أن يبلغ سن البلوغ الجنسي والقدرة على النكاح ويظهر شواربه ! وبقولهم هذا نقضوا رؤيتهم ونفوا أن يكون العضو الذكري هو علامة الرجولة لأن العضو الذكري موجود عند كل الحيوانات الثدية ومنهم البشر، ولانقول عن الحيوان إذا بلغ جنسيًا أنه صار رجلًا، وهذا يعني أن الرجولة لاعلاقة لها بالنوع وهي مقام إنساني لكائن عاقل واعي يتحمل المسؤولية ويملك القدرة على الإنفاق والسعي.
وكذلك دلالة كلمة الأنثى فهي تتعلق بالنوع التناسلي في كل الحيوانات الثدية ومنها أنثى البشر، والأنثى البالغة في هذا الجنس الحيواني تسمى زوج الذكر ، بينما الأنثى البالغة في النوع البشري تسمى امرأة، لأن دلالة كلمة المرأة هو وصف للأنثى البشرية إذا وصلت في عمرها للرشد والنضوج وهذا لايحصل قبل سن البلوغ، ولذلك يقال: المرأة هي أنثى بالغة ، وهو تعبير قاصر، لأن الأنثى البالغة الفاقدة للعقل والوعي لا تسمى امرأة وإنما أنثى بالغة جنسياً فقط، ولذلك ينبغي إضافة كلمة الرشد والوعي للتعريف لتصير: المرأة هي أنثى بالغة راشدة واعية ، لأن مجرد البلوغ الجنسي في النوعين الذكر أو الأنثى هو علامة جنسية موجودة في كل جنس الحيوانات الثدية، وهذا يعني أن صفة الذكورة والأنوثة صفة حيوانية وتشمل الكائن البشري، بينما صفة الرجولة والمرأة والنساء هي مقامات إنسانية
ابتداء ينبغي العلم أن جذر كلمة نساء هو نسأ وهذا محل اتفاق بين أهل المعاجم والقواميس اللسانية وليس كما ادعى أحدهم أن جذرها هو كلمة نسو الذي هو جذر كلمة النسوة، وتأتي كلمة النساء جمع لمفردة نسيء من جنسها، وجمع لكلمة امرأة من غير جنسها لتحقق بالمرأة غالبًا في الحياة التابعية الاقتصادية والاجتماعية للرجال كحماية وعناية لأهمية المرأة كأم وبنت وأخت وعمة وخالة وزوجة.
وقد استخدم القرءان كلمة النساء بالصورتين، ويتم تحديد المعنى من السياق ومحل الخطاب، ولذلك لايصح الإتيان ببعض النصوص التي استخدمت كلمة النساء جمع امرأة وتعميمها على كل النصوص التي وردت فيها كلمة النساء وعد ذلك برهاناً لنفي مجيء جمع النساء على نسيء، فطالما الصورتين صواب لساناً فمعنى ذلك ينبغي التريث ودراسة كل نص على حدة وفق موضوعه وسياقه لتحديد دلالة كلمة النساء بأي صورة أتت.
واخترت أربع نصوص أتت فيهن كلمة النساء بسياق معين تصلح للدراسة والتفكير بعمق فيهن ومعرفة مستوى القارئ لقدراته الفهمية والأدوات التي يملكها في التدبر
1- {لِّلرِّجَالِ نَصيِبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَّفْرُوضاً }النساء7
– إذا كان الرجال هم الذكور البالغين ، والنساء جمع امرأة وهي أنثى بالغة ، فأين نصيب الأطفال من الذكور و الإناث؟
2- {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }النور31
– إذا كانت كلمة ( نسائهن) تعني جمع امرأة فهذا يعني أن المرأة المؤمنة لا يجوز لها أن تبدي زينتها أمام امرأة مثلها !
وهروباً من هذه الحالة لرفضها منطقياً وواقعاً قالوا:
– المرأة التي لا يجوز إبداء الزينة أمامها هي من نساء أهل الكتاب أو من النساء الفاسدات اللاتي يمكن أن يصفن زينة المرأة للرجال!
– بينما قال آخر إن نسائهن جمع نسيء ويرجع ذلك للمذكور قبلها من المحارم وتعني أن حكم إباحة إبداء الزينة مسحوب على أبناء هؤلاء مثل الأحفاد! .
وكلا الرأيين خطأ
الأول: المرأة يجوز أن تظهر زينتها أمام النساء عموماً دون تفريق بينهن بالفكر والدين كما أن كلمة (نسائهن) أتت في سياق نص يعدد الذكور ولا يتكلم عن النساء جمع امرأة.
الثاني: أصاب عندما قال : كلمة النساء جمع نسيء ، ولكن أخطأ عندما أرجعها إلى ما تأخر من أبناء المحارم الذكور مثل الأحفاد، لأن الأحفاد متضمنين بدلالة كلمة الأبناء ، فابن الابن هو ابن فكل ما نزل هو أبناء.
والسؤال
ماحكم إبداء زينة المرأة أمام الأجداد والأعمام والأخوال وأزواج العمات والخالات؟
ما حكم إبداء زينة المرأة أمام زوج أمها أو أخوها بالرضاعة أو الصهر زوج البنت؟
وهذا يوصلنا إلى أن دلالة كلمة نسائهن تعني في النص هذا هو العلاقات الاجتماعية المستجدة في حياة المرأة من الذكور، مثل زوج الأم ، وابن الزوج، والأخ بالرضاعة، وصهر البنت ….فهؤلاء يجوز للمرأة أن تظهر زينتها أمامهم
3- {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ }آل عمران14
– كلمة (الناس) تشمل الذكور والإناث والكافرين والمؤمنين ومختلف طبقات الناس الغني والفقير …فهؤلاء جميعًا زين لهم حب الشهواتن وهو فعل مبني للمجهول ويعني تعدد الفاعلين في الواقع يستخدمون وجود الشهوات عند الناس ويقومون بالتزيين لهم لامتلاك هذه الأشياء والحصول عليها، والنص خبري، ومن عد أن كلمة النساء جمع امرأة وقع بمحظور شهوة النساء لبعضهن كون كلمة الناس تشمل الذكور و الإناث فاضطروا للف والدوران والهروب من هذا المطب الفقهي على عدة أقوال:
أ- إن الناس تعني الذكور فقط ، وبذلك نقض عموم دلالة كلمة الناس .
ب- إن المرأة داخلة في عموم الناس ولكن ذكرت شهوة الذكور للنساء وأضمرت شهوة النساء للذكور حياء، وإلا النساء تشتهي الرجال أيضاً.
ت- كلمة الناس تعني الذكور فقط والنساء لا شهوة لديهن!
ث- كلمة الناس تتعلق بالرجال الذكور فقط والنساء تبع لهم!.
ج- يحب الذكور شهوة النساء ، والنساء يحبون شهوة الذكور لهن!
– كلمة الناس عامة وتشمل النوعين الذكور والإناث ضرورة وخاصة في هذا السياق كنص خبري ، وهذا يلزم على من يعد أن كلمة النساء جمع امرأة أن العلاقة المثلية بين النساء حلال دون العلاقة المثلية بين الذكور. ويلزمهم بالقول إن النص ذكوري والنساء لاشيء لهم
أين الفهم الصواب الذي يليق بنص قرءاني إلهي وفق المنطق والنظام اللساني ومصداقيته في الواقع؟
إذًا لا مفر من القول إن جمع كلمة النساء في النص هذا حتى يصح المفهوم بشكل منطقي وواقعي أن يكون جمع نسيء وليس جمع امرأة، ويصير المعنى هو إن الناس يحبون شهوة الحصول على كل شيء جديد وحديث الظهور من الأشياء، وهذه قاعدة اقتصادية تسويقية للمنتجات يعتمد عليها أهل الصناعات والتجارة
4- {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً }النساء34
– فهموا أن كلمة الرجال هي الذكور البالغين أصحاب الشوارب ، وبالتالي هم قوامون على النساء التي تعني جمع امرأة، رغم قولهم إن كلمة رجل صفة ومقام وليس اسم جنس أو نوع، ومع ذلك عدَّوا الذكر البالغ أبو شوارب هو الرجل وبيده القوامة على النساء ولو كان مريضاً أو معتوهاً وفقيراً وزوجته محامية أو قاضية!
– ابتداء لم يذكر النص كلمة الذكر أو الأنثى في النص، ( الذكور قوامون على الإناث) ، وهذا يعني أنه لايتكلم عن النوع والعضو التناسلي أبداً، وإنما يتكلم عن مقامات إنسانية
– ذكر النص صفتين كسبب للرجولة وهي الفضل العقلي والوعي، وامتلاك المال، وهاتان الصفتان ليستا خلقاً وإنما اكتسابية غير مرتبطين بنوع ذكري أو أنثوي، فيمكن أن يكتسبها الذكر البالغ الراشد ويصير هو رجل البيت ويمارس القوامة على النساء، ويمكن أن تكتسبها المرأة وتصير هي رجلة البيت ، ويمكن أن يكتسبها كلا الطرفين ويصيرا رجلين في البيت ويتفقا على طريقة تنظيم إدارة البيت وشؤونه.
ولاعلاقة للعضو التناسلي الذكري أو الشوارب بمقام الرجولة !
ونهاية نقول: ليس كل أنثى هي امرأة، وليس كل أنثى بالغة هي امرأة ، ولكن المرأة ضرورة أن تكون أنثى بالغة راشدة واعية
وليس كل ذكر هو رجل، وليس كل رجل هو ذكر، لأن الرجولة مقام وليس نوعاً تناسلياً ولا شوارباً !!!
ليس كل نساء هي جمع امرأة لاحتمالية أن تشمل الذكور والإناث على مختلف أعمارهم التابعين في حياتهم المعيشية للرجال ، ولكن جمع المرأة ضرورة هو النساء أو النسوة لانتفاء جمع لها من جنس أحرفها
اضف تعليقا